شباب يؤخرون الزواج.. التكاليف زادت كثيراً!

  • 9/19/2018
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن تزايد حالات الطلاق في الفترة الأخيرة هي الحالات اللافتة الوحيدة في واقع المجتمع، إنما عزوف الشباب عن الزواج لسن متقدم يصل إلى سن الثلاثين والأربعين أصبح أيضاً لافتاً، ففي الوقت الذي شهدت الحياة الاجتماعية في الماضي حالات من الزواج كان فيها الشريكان يتصفان بصغر السن إلاّ أن مثل هذا الواقع اختلف وأصبح هناك شباب لا يقبلون على الزواج إلاّ في سن متأخرة، الأمر الذي غيّر كثيراً من نظرة الشباب والشابات في مسألة الإقدام على الزواج، فيبدو أن الواقع أصبح يرجح من احتمالية ازدياد مساحة الأحلام لدى الفتاة تجاه فارس أحلامها، في حين قلّل من رغبة الشاب في خوض تجربة الارتباط بشريكة حياته أمام واقعه الذي يفرض عليه أن يفتح جيوبه على مصرعيها لحياة يسمع عنها كثيراً من أهل الخبرة من المتزوجين بأنها سلسلة من المتطلبات التي لا تنتهي، حتى أصبح هناك خوف من خوض مثل هذه التجربة التي يصورها البعض أنها حرب شرسة تحتاج إلى الاستعداد الجيد. مطالب كثيرة وقالت أمجاد إسماعيل -سكرتيرة في مركز تعليمي-: إن الكثير من الشباب أصبح يؤخر فكرة الزواج لأن الوضع المالي اليوم هو عصب الحياة الزوجية، فالمشكلة في السابق كانت تتعلق بتكاليف الزواج وفي دفع المهر وإيجاد سكن للزوجة، إلاّ أن المشكلة اليوم تضخمت عن السابق لنواحٍ مختلفة، فالإشكالية لم تعد تقتصر على تكاليف ما قبل الزواج، إنما المشكلة في تكاليف ما بعد الزواج، فالحياة اليوم مطالبها كثيرة، وأصبحت تختلف عن السابق من حيث المحتوى والشكل، ذاكرةً أن الفتاة اليوم أيضاً تغيرت وأصبحت متعددة المطالب والشاب أصبح يدرك ذلك جيداً، مبينةً أن الفتاة في السابق كانت تبحث عن زوج يخرجها من منزل أسرتها لتعيش معه الاستقلالية، فتستطيع أن تعمل وأن تخرج لصديقاتها، وأن تحصل على شيء من حريتها فيما يتعلق بحياتها الاجتماعية، إلاّ أن ذلك اختلف كثيراً اليوم، فالفتاة أصبحت قادرة على الحصول على كافة حقوقها وهي لدى بيت الأسرة، فأصبحت تستطيع أن تخرج وأن تعمل وأن تسافر وأن تثري حياتها الاجتماعية، لذلك فنظرتها للزوج تغيرت بناء على جميع هذه المعطيات، فصارت تحتاج إلى رجل يستطيع أن يحقق لها مستوى معيناً من المعيشة التي أيضاً أصبحت ذات متطلبات كثيرة، فالخروج للأسواق وللمقاهي والمطاعم والسفر والسكن في منزل جميل هي متطلبات أساسية يجب على الزوج أن يكون قادراً على تلبيتها، وتزيد تلك المتطلبات بوجود الأبناء. وأضافت: لذلك أصبح الشاب يؤخر مشروع الزواج حتى يكون قادراً على خوض صعوبات الحياة والمتطلبات المعيشية التي هي في الأساس مكلفة جداً، ولكي يصل إلى مستوى معين من خلال وظيفته التي يعمل بها. غير صحي وأوضحت حياة الناصر -مشرفة في مركز نسائي للتدريب- أن هذا مؤشر غير صحي، ويعكس ابتعاد الشباب عن الزواج الذي يمكن أن يؤثّر على منظومة المجتمع، فالمشكلة ليست في تأخر سن الزواج لدى الذكور من الشباب، ولكن في أثر ذلك على الفتاة التي أيضاً ستتأخر في الزواج، مما يضطرها إلى تقديم التنازلات الكثيرة من أجل الحصول على فرصة، مضيفةً أن الفتاة ومتطلباتها وأحلامها الكبيرة هي من دفعت الشباب إلى التأخر في خوض تجربة الزواج، فهناك من الفتيات من تفضل الزواج من رجل يكبرها بأكثر من (15) عاماً، فقط لأنه بوضع مادي جيد، وهناك من تبعد عن ذلك بالزواج من رجل في سن أبيها؛ لأنها تطمع في الحياة الكريمة التي تعلم بأن الشاب لن يستطيع أن يوفر لها تلك الحياة، مبينةً أن للأسرة دوراً في الحد من طموح الفتاة المبالغ وفي دفع الشباب إلى الإقدام على الزواج في سن مناسبة، فليس من المنطق أن يتزوج الشاب في سن صغيرة وفي المقابل ليس من الجيد أن يقبل الشاب على سن الأربعين أو ما قبله وهو لم يتزوج بعد، فذلك مدعاة لانتشار الفتن والتفكك الاجتماعي. تخطيط مسبق وذكرت حياة الناصر أن التخطيط المسبق للمستقبل يقي الشباب من الوقوع في هذه المشكلة، مشيرةً إلى أنه يجب على الشاب أن يحرص على مستقبله وأن يبني نفسه بتركيز عالٍ، وأن يضع خطة لحياته بأسلوب ذكي، حتى يستطيع أن يكوّن نفسه ويصبح قادراً على أن يكون مسؤولاً عن زوجة وأبناء مهما كانت صعوبات المعيشة، مضيفةً أن هناك الكثير من الأمثلة لأزواج لديهم القدرة على إدارة الحياة الزوجية بشكل جيد، بالمشاركة مع الزوجة التي تتحمل مسؤولية أن تكون شريكة دائماً، وأن تعي بأن الزوج ليس بنكاً متحركاً مهمته أن يقدم لها المال فقط، إنما عليها أن تكون مبادرة وداعمة لهذه الحياة الزوجية التي تقوم على المشاركة والتعاون والاستيعاب، ومن هنا يأتي دور الأسرة في تربية الفتاة على أن تكون امرأة محبة وشريكة، وعلى أن يكون الرجل مسؤولاً قادراً على أن يثبت في جميع المواقف، وهذا هو أساس الحياة الزوجية. اختيار دقيق ورأت لطيفة ابن حميد -مستشارة اجتماعية- أن الزواج بشكل عام يقوم على التوافق والود والاحترام والحب المتبادل، ليس بين الزوج والزوجة فحسب، وإنما بين عائلتين، لأن العلاقة التوافقيّة ليست مقصورة على الشاب والفتاة وحدهما، بل تمتد لتشمل الأب والأم والإخوة والأخوات لكلٍ منهما، والأصل أن تكون مبنيّة على الحب والعلاقات الاجتماعيّة الراقية، لذلك يجب أن يكون الاختيار دقيقاً ومناسباً، لتجنّب الوقوع في المشاكل المستقبليّة، لأنّها ستمس عائلتين كاملتين، وتؤثّر في العلاقة بينهما، وقد تؤدّي إلى القطيعة الأبدية، مضيفةً أن من أكثر أسباب المشاكل التي تحصل بين الأزواج هو سوء الاختيار وعدم التوافق، لعدم استقرار مشاعرهم وعقليتهم تماماً، بل ولم تنضج شخصيّاتهم، مما يشعرهم فيما بعد بالندم للإقدام على هذه الخطوة، مبينةً أن الزواج يعد من أسس إكمال مسيرة الحياة للمرأة والرجل، ولكن ما يحدث مؤخراً تأخر بشكل لافت للنظر، وذلك بسبب حصيلة تجارب فاشلة، حيث كشفت إحدى الدراسات عن ارتفاع يعود لعدة أسباب من بينها التغيرات الاقتصادية وفي تفاصيلها: فقد أصبح تأمين السكن وتكاليف الزواج أمرين صعبين في ظل البطالة وتدني المستوى الاقتصادي وندرة فرص العمل، ولو صلُح أمر الشباب وتوكّلوا على الله حق الاتكال لأعانهم، فقد قال جل وعلا: «وَأنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ». تغيّر التربية وأشارت لطيفة ابن حميد إلى أن الدراسة كشفت أنه من الأسباب تغيّر تربية الآباء والأمّهات للأولاد، حيث ترعرعوا وهم فاقدوا القدرة على تحمل المسؤولية، ونشأوا دون توعية مناسِبة وتفهُّم لمعاني الزواج، ولم يتم تحضيرهم منذ الصِغر للقيام بدورهم في المستقبل، وإعطائهم مسؤوليات تأهلهم حتى يستطيعوا مستقبلاً تحمل الأعباء بمفردهم وتكوين أسرة؛ بسبب الانفتاح الخاطئ الذي طرأ على المجتمع، حيث أثّر الإعلام بشكل كبير، مضيفةً أن نظرة الشباب تجاه الزواج تتمثل في البحث عن شروط معينة ومواصفات عالية في شريك الحياة، مبينةً أنه من الأسباب عدم الرغبة في تحمل المسؤولية أو تقييد الحرية الشخصية، والخوف من الزواج بسبب الخلافات والطلاقات الكثيرة والعنف وغياب الاستقرار والمودة من البيوت، لافتةً إلى أن كل هذه الأسباب لها دور فعّال في تأخر الزواج، إضافةً إلى الابتعاد عن المفاهيم الشرعية الصحيحة للزواج والسكن والمودة والبُعد عن الدين وقلة الإيمان بأنّ الرزق من عند الله تعالى، وأنّ أمر الزواج لابد من السعي لتحقيقه لما فيه من حفظ للنفس من الخطيئة، وأنه من سنن الحياة التي يجب على الجميع جعلها هدفاً يجب تحقيقه، وأخيراً الزواج قضاء وقدر ورزق أمره بيد الله. الزواج أصبح حلماً لدى بعض الشباب

مشاركة :