مباراة خيالية تفوق كل وصف، الهلال والنصر رسما ملحمة كروية من أجمل ما يكون، حقيقة دورينا في المملكة دوري الأمير محمد بن سلمان يعد من أفضل الدوريات على مستوى العالم من حيث المتابعة والاهتمام والتنافس والحضور الجماهيري، وهذه المقالة سأحصرها على التحليل العام للمباراة والدوري، فالنصر عاد بقوة ليضرب الهلال ويأخذ الصدارة بكل استحقاق، هذه العودة بالتأكيد ستعطي جرعات حماس قوية لفرق أخرى وبالأخص الاتحاد الذي يعاني هذا الموسم كثيراً، والأهلي الذي مواجهته قريباً ستكون أمام الهلال في قمة حقيقية أما تعود بالهلال وتبقيه على المنافسة أو تنهي موسمه بدون لقب الدوري. هدف الدوسري كان الأجمل فهو يدل على قدرة لاعبنا السعودي الاحترافية، بل إن هدف الدوسري وبكل تأكيد سيسجل في تاريخ كرة القدم من أجمل الأهداف على الأقل لهذا العام 2019، لكن يبقى التحليل للمباراة من حيث العوامل النفسية يميل كثيراً لمصلحة النصر، وهنا أحمل مدرب الهلال المسؤولية في ما حدث خلال المباراة، فالنصر منذ المواجهة السابقة التي انتهت بالتعادل وهو يعلم جيداً أن نقاط ضعف الهلال تتمثل بالأجنحة الخلفية، وأن قوة مثل نور الدين مرابط ستصنع الفارق مجدداً كما صنعته سابقاً، لهذا وفي هذه المباراة لم ينتظر النصر كثيراً ليقرأ المباراة كما فعل في الذهاب، بل دخل وبكل قوة ليضرب الأطراف وليظهر أن نقطة الضعف الثانية في ثبات الحبسي حارس مرمى الهلال على خط مرماه مما يجعل الكرات الطويلة والعالية خطرة جداً عليه. حقيقة الهلال في هذه المواجهة لعب بالمجهودات الفردية أكثر منها التكتيكية، ولو اعتبرنا أن غياب عموري ونواف العابد وسلمان الفرج كلها أمور لم تخدم خطة الهلال، إلا أن الواقع النفسي للهلال يثبت أن الهلال صمم هذا الموسم ليكون القوة الضاربة الهجومية، وبالتالي فلو لاحظنا عثرات الهلال خلال الموسم ومنها مواجهته الأخير مع النصر لوجدنا أن أية خطة ضغط على أجنحة الهلال وإرباك وسطه ستجعل الهلال يفقد اتزانه خصوصاً في الخطوط الخلفية، وإن كان هجوم الهلال قادراً على إحداث الفارق لكنه إن واجه هجوماً قوياً كهجوم النصر فإن الخلل الدفاعي الهلالي سيكون حاضراً ويجعل شباك الهلال تستقبل أكثر مما يسجل مهاجموه. حقيقة من الفرق التي تمر في نفس وضعية الهلال إذا تعرض للضغط فريق ريال مدريد، فكل متابع يعلم أن مدريد إذا تعرض لضغط لمدة خمسة دقائق متواصلة فإن شباكه ستتقبل أهدافاً لا محالة، والهلال نفس الشيء، وهذا سيشكل خطراً عليه في مواجهة الأهلي القادمة إن لم يعالج المدرب هذا الخلل، الأهلي الذي يلعب بالأسلوب الكلاسيكي بوجود رأس حربة خطير كالسومة، اعتقد أنه سيعيد الكرة مع الهلال بأسلوب النصر، وسيفتح الأجنحة ويرسل الكرة تلو الكرة ليس في العمق وإنما بأسلوب مرابط العرضي حول خط الستة. لا يمكن أن نصف مواجهة النصر مع الاتحاد القادمة أنها مواجهة عادية، فبحق هذه المباراة أتوقع لها أن تكون كلاسيكو الموسم، النصر يريد الاستمرار بالصدارة والاتحاد المتراجع الواقع تحت ضغوطات كبيرة لن يجد فرصاً لمصالحة جماهيره أفضل من الفوز على النصر، أولاً حصد الثلاث نقاط وهذا الأهم، وثانياً أن يتدخل الاتحاد في تشكيلة المنافسة على اللقب بتأخير النصر أو إعطاء فرصة للهلال أو على الأقل لو فاز النصر بالدوري يحسب للاتحاد أنه من هزمة بعد فوز الأخير على الهلال في مباراة الموسم ديربي الرياض الأشهر. لا أنكر أن الجولات المتبقية من دوري الأمير محمد بن سلمان تجعلنا متلهفين لمعرفة حال الدوري وعلى ماذا ستغلق السنارة لهذا الموسم، مع الأخذ بعين الاعتبار مواجهات كأس سيدي خادم الحرمين الشريفين، فالبعض يمني النفس ببطولة إما شيء من لا شيء أو تعويض لخسارة الدوري وهذا الحال سيكون حصرياً للهلال والنصر.