التسويق أبرز إشكاليات الساحة التشكيلية

  • 5/8/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتب - أشرف مصطفى: معاناة المُبدعين لا تنتهي في كل زمان ومكان، وربما تلك المعاناة هي التي يتمخض عنها الإبداع، لا سيما أن الفنان دائمًا ما يكون استشعاره للأزمات أكثر عمقًا لبحثه الدائم في التفاصيل، وتحاول الراية قدر استطاعتها من خلال هذه الزاوية، مناقشة أهم أزمات الإبداع، فتستعرض ما يطلبه الفنانون في كل حلقة، واليوم نستضيف فنانًا ينتمي إلى أحد أشكال الإبداع الذي يُمثل منافسًا قويًا لكافة أشكال الفنون الأخرى لما له من أرضيّة خصبة للنماء عليها من حيث عدد الفعاليّات والفنانين المُنتسبين له، وهو الفن التشكيلي الذي على الرغم من ازدهاره بشكل واضح على الساحة الثقافية القطرية إلا أنه يعاني حسب وجهة نظر القاسمي من فن لا يلقى قبولاً مجتمعيًا نتيجة عدم العمل على توعية الجمهور وتثقيفه في هذا الشأن. في البداية أكد الفنان طلال القاسمي أن الساحة التشكيليّة بحاجة إلى مزيد من الاهتمام بمعارض الخزف التي لا تلقى ما يلقاه العديد من أشكال الفن التشكيلي المختلفة، وطالب بإقامة المزيد من معارض الخزف، متمنيًا أن يُعقد لها مهرجان بشكل سنوي، مع ضرورة التعرّض لفروع الخزف المختلفة ومدارسه المتنوّعة، كما رأى أن إشكاليّة التسويق التي يُعاني منها بعض الفنانين التشكيليين تعدّ من أبرز العوائق أمام الساحة التشكيليّة المحليّة، مؤكدًا أن الجاليريات الخاصّة هي من تستطيع التسويق بشكل أفضل من المراكز والمؤسسات الحكوميّة، حيث يأتي الاهتمام بالربح في أول اهتماماتها، بينما تفضل الجهات الرسميّة التعامل مع الأعمال الفنيّة كقيمة إبداعيّة تسعى لتثقيف الجمهور والارتقاء بذائقته الإبداعيّة، مُضيفًا إن الأمر لا يمنع من أن يولي المسؤولون عن تلك الجهات اهتمامًا بالجانب التسويقي بصفته مشجعًا ومحفزًا لاستمرار الفنان في إبداعه، ونوّه إلى أنه لا يجد فارقًا في عرض أعماله بالمعارض العامة أو الجاليريات الخاصة شرط نوعيّة جمهور المعرض ومدى معرفته لقيمة القطع. عرض جماهيري وأوضح القاسمي أن بعض الفنانين قد لا يلقون بالاً لتسويق أعمالهم بقدر مراعاتهم لعرضها على أكبر عدد من الجمهور وبالتالي يهتمّون فقط بالمشاركة في المعارض دون السعي وراء التسويق، كما أن هناك أيضًا من يقوم بإبداع أعمال يصعب عليه تسويقها لاعتزازه بها وشعوره بعدم القدرة على إنجاز مثلها، ولفت إلى أنه يتعرّض لذلك في كثير من الأوقات حيث لا يفضل بيع بعض القطع لأنها تكون نسخة واحدة ويستشعر أنها قد لا تتكرّر، وأضاف إنه في الوقت ذاته نجد من لا يُعطي اللوحة المجهود الكافي لكي تخرج بقيمة إبداعيّة تجعلها تستحق أن تثمن وتباع، وأكد القاسمي أنه لم ينجرف أبدًا إلى الاستسهال في عمله متعجبًا من بعض مُدعي الإبداع الذي ينجزون أعمالهم التشكيلية أحيانًا في فترة لا تزيد على ساعة، مشيرًا إلى أن العمل التشكيلي يحتاج أحيانًا إلى شهور حتى يصل مُبدعه إلى فكرته، ولفت إلى أن هناك أعمالاً فنيّة استغرقت منه سنوات لإنجازها بل إن هناك أعمالاً استغرقت منه شهورًا في إعداد فكرتها والاستعداد الجيّد لها، منوهًا إلى أن الخزف على وجه الخصوص يتم العمل فيه عبر عناصر عديدة ومعايير يجب أن يتم تحديدها سلفًا للوصول لتركيبة معيّنة، كما أنه يحتاج منه أحيانًا العديد من التجارب التي قد يتلف بعضها أثناء تعامله في الأفران، والألوان، وأشار إلى أنه استغرق كثيرًا من الوقت حتى وصل لخبرته الحاليّة، وخلال تلك الفترة خاض العديد من التجارب بعضها نجح والآخر فشل إلى أن تحددت له العديد من المعايير التي أصبح يعمل عبر إطاراتها، وفي سبيله لذلك قرّر أن تكون بداياته إبداعيّة بعيدة كل البعد عن السعي وراء المكاسب المالية، على الرغم أنه خلال تلك الفترة التي كان يعدّ نفسه خلالها ليصبح خزافًا محترفًا كان يتعرّض للعديد من الخسائر نتيجة تجاربه المختلفة ومحاولاته لوضع خط سير ممنهج يعمل من خلاله. عالم الخزف وأوضح أنه ليتم نجاحه في عالم الخزف أعدّ لنفسه ورشة كاملة الأدوات لتصبح مملكته الخاصة وهي التي أتاحت له العمل المتواصل لفترات كبيرة وفي أي وقت يريد، بالإضافة إلى جاليري أقتني فيه أعمالاً لفنانين عالميين وعبّر عن أمنياته بأن يتحوّل هذا الجاليري لمتحف مُخصص للخزف في المستقبل، حيث يحرص دائمًا على اقتناء النسخ النادرة وغير المكررة لفنانين لهم بصمة قويّة في هذا المجال، كما أكد حرصه الدائم على حضور كل معارض الخزف وهو ما ساعده في تكوين ثقافة بصريّة قوامها المشاهدة والاطلاع على العديد من الثقافات والبحث عن أحدث ما وصل له عالم الخزف من تقنيات. الرسم والتشكيل واستعرض الفنان طلال القاسمي بدايته مع الفنون التشكيلية، منوهًا إلى أنه كانت من خلال الرسم وهو الفن الذي رأى أنه أساس التشكيل والذي يتم الاعتماد عليه في تأسيس أي فكرة، حيث ينطلق منه التشكيلي إلى الأشكال الفنيّة الأخرى، مشيرًا إلى أن عالم الخزف قد انتزعه من الرسم ولم يجعله يكمل فيه بعد أن فُتن بتفاصيل الخزف المليئة بالإبداع ومراحله التي تحتاج للإبداع عبر محطات متعدّدة يقوم خلالها الخزاف بصناعة ما هو أقرب إلى سيموفونية تمرّ بالعديد من المراحل صعودًا وهبوطًا كما أن لها بداية ووسطًا ونهاية، وأرجع السبب الأساسي لانتقاله من الرسم إلى الخزف إلى اعتقاده أن مجال الرسم أكثر ازدحامًا من مجال الخزف الذي لا يعمل فيه الكثيرون لصعوبته وهو ما شجعه على محاولة أن يتميّز فيه، قائلاً: كنت مفتونًا في بداياتي بالفن التشكيلي ككل وشعرت بموهبتي في مجال الرسم منذ الصغر ثم التحقت بأحد المراكز لأنمّي الموهبة وبعد أن تعرفت على مجال الخزف عن قرب قرّرت أن أتعلمه وأحترفه خاصة أنه مجال صعب ولا يستمرّ فيه الكثيرون فظللت به 15 عامًا، وظللت أكتشف خلال سنوات عملي بالخزف تقنيات جديدة عند إنجاز كل عمل جديد، حتى ازدادت خبرتي في هذا المجال. الراكو الياباني وعن أكثر المدارس الفنيّة التي استهوته في هذا الفن أكد أن الفرصة أتيحت له أكثر من مرّة للاحتكاك بالفنانين اليابانيين من خلال ورش عمل ومعارض مختلفة فأصبح له أصدقاء كثيرون منهم، وهو ما جعله ينجذب إلى تقنية الراكو الياباني، مشيرًا إلى أنه لم يستسلم لتقنيات الراكو كما هي بل ذهب إلى تضمينها بإرثنا الثقافي حتى استطاع أن يقدّم أعمالاً تنافسيّة لتجارب العالم المتقدّم في هذا المجال. وختم حديثه مؤكدًا أنه يعتقد دائمًا أن دوره كخزاف هو إعادة إنعاش موروث الخزف القديم، الذي يعدّ من أقدم الفنون منذ العصر الحجري واكتشاف النار وتحجّر الطين حتى تطوّر الأمر بعد ذلك وخرج عن نطاق استخدامه في صنع الأدوات المنزليّة وأصبح فنًا قائمًا بذاته، مشددًا على أنه يسعى خلال مشواره في عالم الخزف لإثبات أن هناك فنانًا قطريًا عربيًا قادرًا على الوصول إلى العالمية.

مشاركة :