مواسم الخيرات في عسير

  • 6/12/2022
  • 00:00
  • 40
  • 0
  • 0
news-picture

بين الإنسان ومواسم الحصاد والإنتاج بمنطقة عسير علاقة قديمة متجددة يتنافس فيها عطاء المحاصيل والغلال بفضل الله على امتداد السراة وتهامة فتنتشي معها مواكب الأفراح وإشراقات الأمل وأفياء السحاب على بوابات الصبر ورائحة الطين وتمايل قامات السنابل وعذوق الذرة والأغصان المثقلة بطلع مختلف ألوانه يسر الناظرين. إنها مواسم أفراح تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها تمنح وهجها المزارع والبساتين والمدرجات وتخضب بالاخضرار كفوف ركيب وثمالة وفضاء جرين وترصع درر المحبة على جبين لحظات الغدوة والعشي تماماً مثل أنشودة مزارع ذات مساء ربيعي يناجي محيطه الأخضر أوردها الأديب على مغاوي في كتابه "حكايات شعبية". "متى ما سهيل أميماني سقانا ودقل الروابع تقاصف رعوده فتمس على خير يا أخضر محنا تمسوا على خير وامصبح منا." ويجسد مشروع إعادة أحياء القرى التراثية في عسير حجر الزاوية للاهتمام بالريف بصفة عامة بمتابعة واهتمام صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز أمير منطقة عسير وهو مشروع اجتماعي سياحي تنموي حيوي ستنعكس نجاحاته وأهدافه الخيرة على مسيرة التنمية في المنطقة. ومواسم عسير متنوعة من حصاد الحبوب بأنواعها إلى جني العسل، الفواكه الصيفية، التين الشوكي، الرطب، قطف الخضراوات والبقوليات والنباتات العطرية وصولاً إلى المنتجات الحيوانية الزبدة، السمن، القشدة وجرت العادة أن تصاحب المواسم أعمال الحرف والصناعات التقليدية وأشغال الأسر المنتجة. وكان إلى وقت قريب يقام مهرجان للعسل، وآخر للحبوب وإن كنت أتحفظ على اسم "مهرجان" فإطلاق "موسم" على كل فترة زمنية من أوقات الحصاد والإنتاج يناسب منطقة أجمل ما فيها تراثها وعاداتها الضاربة في أعماق التاريخ. ويتم تخصيص أماكن في المدن الرئيسة لكل موسم في وقته ولمدة أسبوعين بالتنسيق مع الجهات المعنية وإشراف إمارة المنطقة. والموسم في اللغة يعني وقت ظهور الشيء يجتمع الناس مدة محددة حين جني الغلال والثمار الموسمية وما يشبه ذلك من المناسبات الأخرى. ومن هنا أدعو إلى إعادة أحياء هذه المواسم في منطقة عسير والاستعانة بأهل الخبرة لما لها من انعكاسات سياحية إيجابية ومردود اقتصادي كبير وتحفيز عودة الناس إلى قراهم ومزارعهم التي نبتت فيها أشجار الطلح بزحفها المباغت، بحسب وصف الكاتب أحمد عسيري في مقاله قبل أسبوعين، مشيراً إلى تمددها من أماكنها الطبيعية في أعالي الجبال والهضاب نحو بعض المزارع بسبب نزوح أهلها مما يعوق الآن استصلاحها واستغلال تربتها الغنية. ولعل مراعاة إيجاد الحلول العاجلة لأشجار الطلح وهجوم وعبث القرود وما سببته من تلفيات وإزعاج للبيئة والإنسان تشجع عودة الناس إلى مئات القرى التي خلق الله أراضيها للزراعة وحظيت في هذا العهد الزاهر بمشروعات الخدمات الأساسية من طرق وكهرباء ومياه واتصالات. وستبقى الألسن تلهج بدعوات صادقة إلى الله الرحيم الكريم المنان أن ينزل الغيث ويرحم العباد والبلاد.

مشاركة :