نفشل فيما نجح فيه الآخرون تحديات في وجه التحول الديمقراطي المدني العربي

  • 7/12/2016
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال، ومن عمر الدولة الوطنية العربية ما تزال معظم هذه الدول العربية غير قادرة على تحقيق التحول الوطني الحداثي الديمقراطي بشكل كامل او كبير على الأقل، ولذلك لم يحدث أي تغيير جوهري يذكر في معظم هذه الدول بالرغم من التفاوت فيما بينها في مستوى التقدم والاستجابة لتحديات التنمية والتقدم والحداثة والديمقراطية، ذلك بالرغم من كل التغيرات الكبيرة التي حصلت في البنى الاجتماعية والثقافية. وبالرغم من الاختلاف بين طبيعة النظم والاتجاهات في معظم الدول العربية: (ليبرالية - رأسمالية - اشتراكية) والاختلاف في الأساليب المتبعة لتحقيق التنمية الاقتصادية والإدارة الاجتماعية والأساليب المتبعة لتجديد المناخ السياسي فيها، فإنها تواجه اليوم عددًا من التحديات الكبرى، بل وبعضها يواجه تحديات خطيرة، تهدد وجودها، من بينها: - فشل الدولة العربية في التحول الى المدنية والحداثة، وتعثر أغلب برامج التحديث في التعليم والثقافة والاقتصاد. وقد يكون ذلك ناجمًا الى حد كبير عن وجود خلل في بنيتها، بسبب مشكلة الاندماج الوطني والإقليمي والاجتماعي داخل الدولة الواحدة، فضلاً عن مشكلات الأقليات والحدود والتنازع على السلطة، واستحكام الروابط الطائفية أو الدينية، مثل مشكلة الأكراد في سوريا والعراق، والتدخل الخارجي في الدول العربية استنادًا الى اعتبارات طائفية أو سياسية او حتى عرقية. - استمرار التجزئة القومية بتقسيم الشعوب والدول والموارد، مما جعل هذه الدول القطرية غير قادرة على تحقيق أي منجز استراتيجي يذكر، ذلك نتيجة فشل المشروع القومي الوحدوي وما رافقه من صراعات وخلافات عربية - عربية. - تنامي موجة الإرهاب في المنطقة، والتهديدات الكبرى الموجهة الى أمن واستقرار عدد من الدول التي أصبحت مهددة في وجودها كليًا او في حدودها جزئيًا، وبالرغم من التفاوت في مستوى هذا التهديد ونوعيته فإنه لا يختلف جوهريًا إلا في المدى والتوقيت، فجميع الدول العربية باتت على جدول أعمال الإرهاب الدولي ولعبة الفوضى الخلاقة الامريكية. - فقدان معظم الدول العربية مكانتها الاستراتيجية (سوريا - العراق - السودان ليبيا - اليمن..). وبالرغم من ان دول الخليج العربية قد نجحت الى حد ما في إضعاف التنظيمات والجماعات الارهابية، فثمة تحديات كبرى أمام دول المجلس مثل استمرار الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للاقتصاد الوطني، خصوصًا مع اقتراب الدول الصناعية الكبرى من إيجاد بدائل للطاقة النفطية التي تعتبر المصدر الرئيسي للتنمية في العديد من الدول العربية، بما سيشكل ضغطًا على اقتصاداتها يومًا من شأنه أن ينعكس على الشراكات والتحالفات التاريخية. - خطر التمدد الايراني باعتباره مصدر تهديد كبير للأمن القومي العربي، بسبب استمرار محاولات إيران السيطرة على القرار السياسي في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ودعمها للجماعات الإرهابية في العديد من الدول العربية، وبثها للفكر الطائفي على نطاق واسع من خلال استمرارها في تصدير الثورة. - الهزيمة العسكرية والسياسية أمام العدو الإسرائيلي، ومن ذلك ان هذا الصراع قد تحول الى الشماعة التي علقت عليها كافة الأزمات السياسية والاقتصادية. - عدم القدرة على بناء الديمقراطية مما نتج عنه استمرار الاستبداد واتساع نطاق واستبعاد المشاركة الشعبية في الحياة السياسية في أغلب الأحيان، كما ان المعارضة في أغلب الدول العربية تحمل إيديولوجيات انقلابية، وتسعى للسيطرة على السلطة بالطرق الانقلابية، حتى وإن استدعى الأمر الاستنجاد بالأجنبي، مما جعل الصراع بين المعارضة والسلطة أكثر عنفًا وضراوة، لأنه يبدو وكأنه صراع وجودي. تلك بعض مظاهر وأسباب فشل الدول العربية الوطنية، وما يصيبها اليوم من مخاطر جسيمة، ومن انفجارات اجتماعية وسياسية وامنية، إلا أن ذلك لا يعني استحالة الخروج من النفق المظلم، أو استحالة تحقيق التحول المطلوب لحماية كيان الدولة وضمان استمرارها والحد من التهديدات التي تواجه كيانها، والذي لا يمكن إلا بالعمل على تحقيق: مدنية الدولة - الحداثة - والديمقراطية التشاركية، والمواطنة المتساوية. فبالرغم من انتشار الثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان وتحرر الإعلام ووسائله في معظم البلدان العربية نتيجة العولمة وما رافقها من تطور هائل، ونتيجة السماوات والحدود المفتوحة أصبح اليوم الحديث ممكنًا عن بدايات لتشكل ثقافة جديدة للفكر الديمقراطي ولحقوق الإنسان، بفضل النخب المثقفة والسياسية التي نقلت النقاشات الى الاعلام والصحافة والأحزاب السياسية بما أسهم في بداية تشكل وعي ديمقراطي وبدأت الأحزاب السياسية المعارضة تراجع أيديولوجياتها الانقلابية، وتتحدث عن المشاركة الديمقراطية وتدعو الأنظمة إلى الإصلاح السياسي، والمصالحة مع المجتمع، والانتقال إلى دولة ديمقراطية يشارك فيها الجميع بالأساليب السلمية، ونبذ العنف، وبالرغم من أن العديد من الأنظمة العربية قد بدأت بدورها تبحث عن آليات جديدة لتجديد ركائز استمرارها وتجديد خطابها السياسي واليات الحكم، بعد تأكدها من فشل الأيديولوجيات السابقة، حيث أصبح خطاب الإصلاح والتحديث والتطوير هو الخطاب السائد، ولأن الدولة العربية أصبحت تواجه الدعوات الداخلية والخارجية للإصلاح السياسي والديمقراطي، بالرغم من كل ذلك فإن التحديات ما تزال قائمة، والمخاطر داهمة، خاصة بعد ان أدخلت الفوضى الخلاقة الامريكية الجميع في (هوجة) الفوضى وضياع الرؤية وتفاقم التأثير السلبي المدمر للإسلام السياسي الذي ينشط في أغلب الدول العربية بصور مختلفة ضد الدولة، محاولاً إدخالها في حال من الفوضى الأمنية والاضطراب السياسي، واستمرار دوره في تشكيل الوعي الجمعي بصورة تفاقم من تأثير الأفكار السلبية تجاه الحداثة والتقدم وبناء الدولة المدنية والتعايش السلمي والقبول بالتنوع والحق في الاختلاف. همس ... أن تكوني وأكون... أنت هناك. وأنا هنا تفصلنا طاولة العيون، الأوراق، الساعة صوت الجرس ووقع أقدام الحرس، بدايات الكلام ونهايات الدوام وزحمة الطريق، والأصوات، النوافذ المسلحة بالقضبان، الزجاج الكاشف للألوان. أن نكون روحين حائرين نسترق الكلمات. تلك المأساة!!

مشاركة :