خصخصة المدارس: أسئلة تحتاج إلى إجابات

  • 2/3/2017
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

وفقاً لتقارير صحافية تعكف وزارة التعليم حالياً على إعداد مشروع «المدارس المستقلة»، كأحد أهم مبادرات برنامج التحول الوطني، إذ سيتم من خلال هذه المبادرة تحويل 2000 مدرسة حكومية في جميع المراحل التعليمية إلى مدارس مستقلة إدارياً ومالياً بحلول عام 2020، مع بقاء مجانية التعليم لجميع الطلاب والطالبات، ولكن مع تقديمه لهم بجودة عالية، على أن تُمْنَحَ تلك المدارس مزيداً من الصلاحيات، كتحقيق المرونة في المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية وتطبيق المناهج الإثرائية والداعمة للعملية التعليمية، والقدرة على تقديم التطوير المهني للمعلمين والمعلمات وفق احتياجاتهم الوظيفية. وقال مدير عام مركز المبادرات النوعية ومدير مشروع المدارس المستقلة بوزارة التعليم د. أحمد عبدالله قران إنه يجري العمل على بناء النموذج الخاص للمدارس المستقلة مع بيت خبرة متخصص له عديد من التجارب الدولية في هذا المجال. فكيف ستكون علاقة هذه المدارس بوزارة التربية والتعليم؟ وهل ستكون حرة في اختيار المناهج التي تدرسها؟ وكيف تتحقق مجانية التعليم إذا أصبحت هذه المدارس مستقلة مالياً وإدارياً؟ وما الصعوبات والتعقيدات المحتملة لهذا النظام؟ تطبيقٌ حَذِر يرى د. أحمد آل مفرح، أن تطبيق هذا البرنامج على عدد محدود من المدارس في بداية الأمر، سيكون بمثابة الأنموذج الذي سيتم تعميمه على بقية المدارس، باعتباره من مبادرات وزارة التربية والتعليم لبرنامج التحول الوطني 2020، موضحاً ذلك بقوله: تعتبر المدارس المستقلة من الأفكار التي تم العمل بها في كثير من الدول، وتتلخص بإعطاء المدارس كامل الصلاحيات في إدارة شؤونها وتنفيذ برامجها بلا حدود ولا قيود، بما لا يتعارض مع السياسات الوطنية، وبالتالي سيكون تطبيق هذا البرنامج على 2000 مدرسة من بين 33 ألف مدرسة، بمثابة الأنموذج لإعطاء الاستقلالية لهذه المدارس؛ سعياً من الدولة لتخفيف العبء عن وزارة التربية والتعليم في الإشراف المباشر على هذا الكم الكبير من المدارس، ما بين تعليم حكومي وأهلي، ومن المنتظر أن تكون هذه المدارس بمثابة وعاء من أوعية التطوير التي تتماشى مع برنامج التحول الوطني 2020 .. ويقول: كل ما أرجوه أن يدرس هذا البرنامج دراسة معمقة، يتم من خلالها الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في تطبيقه، خصوصاً الدول الخليجية التي سعت لهذا البرنامج مبكراً وطبقته. كذلك الاستفادة من الإخفاقات التي وقعت فيها هذه المدارس، حتى لا نكرر أخطاء الآخرين، وفي ظني أن تطبيق هذا البرنامج على هذا العدد من المدارس جيد جداً، ومن ثم يتم تعميمه، بعد أن تنضج هذه التجربة، وتؤتي ثمارها. مسؤولية الدولة وعن مدى تقيد هذا البرنامج بتوظيف المعلمين السعوديين كما هو الحال في المدارس الحكومية، أو تفضيله تعيين المعلمين غير السعوديين الأقل كلفة كما هو حاصل في المدارس الأهلية، ومدى التزام هذه المدارس بصرف رواتب المعلمين السعوديين وتعويضهم عن الفرق بينها وبين الرواتب التي يتقاضاها المعلمون في المدارس الحكومية، يقول د.آل مفرح: يفترض أن تعنى المدارس المستقلة بتوظيف المعلمين السعوديين، سواء الذين هم الآن على رأس العمل، أو من يأتي بعدهم من المعلمين الجدد، بما يتماشى ويتوافق مع مزايا الوظيفة الحكومية، وتتكفل الدولة هنا بدفع الفرق في المصروفات، خاصة فيما يتعلق بالمرتبات ومزايا المعلمين، وهي أكبر بكثير إذا ما قارناها بمرتبات المعلمين في القطاع الأهلي، فتتولى الدولة بالتالي سد هذا العجز، وذلك عن طريق ما يعرف بالسندات؛ ليتم دعم هذه المدارس، إما دعماً مباشراً مفتوحاً لا تقييد فيه، أو دعماً موازياً لعدد الطلاب في كل مدرسة، والخدمات التي تقدم فيها لهؤلاء الطلاب. ضرورة تاريخية يعيدنا د. عبدالغني بن محمد الشيخ، إلى خلفية تجاربنا السابقة وما مرت به السياسات التعليمية في بلادنا من منعطفات ومطبات كادت أن تهوي بنا فكراً وتوجهاً، لولا الإرادة القوية لقيادتنا الرشيدة التي عملت على تحقيق ما تصبو إليه من أهداف لأبناء هذا الوطن، فالتعليم يحظى باهتمام الدولة منذ توحيد المملكة، ولذلك لم تدخر الدولة أي جهد ممكن في الإنفاق على تعليم الإنسان السعودي حتى عندما كانت مواردنا المالية شحيحة في البدايات، فقد نشرت المدارس في كل منطقة وهجرة، كما أوكلت لقيادة التعليم أفضل الكفاءات الوطنية والعربية والإسلامية؛ لإنتاج رأسمال بشري مستنير يحمل الرسالة عبر الأجيال. لقد مرت السياسات التعليمية بمنعطفات ومطبات كثيرة لمواجهة الثقافة المتباينة فكراً وتوجهاً في مسائل تعليم الفتاة ونوعية المناهج وأساليب وطرق التعليم، إلا أن الإرادة والأهداف الموضوعة حققت ما تصبو إليه قيادتنا الرشيدة، بحيث استطاعت تطويع صلابة المقاومين وإنتاج كفاءات أقنعت الجميع، أن التعليم هو السبيل الوحيد لقيام دولة سوية الفكر والعلم الشرعي والتنموي. وبمرور الزمن، وتغير العالم من حولنا، ظهرت بعض العيوب والملاحظات على عديد من عناصر العملية التعليمية، منها تطلعات ولاة الأمر، وتطلعات الشباب، فواجهت أمور وضعتنا في صفوف متأخرة قياساً ببعض دول العالم المتقدم الأقل منا يسراً مالياً، والمتطور عنا صناعياً وفكرياً، ما أوجب علينا عبور محطة التغيير والتحول، إذ لا بد من ركوب القطار الدولي المتجه إلى العالم الأول بيدي لا بيد عمرو بحلول 2020م. دقة الإشراف يتطرق د. سالم بن منيع القحطاني، لتطبيق برنامج المدارس المستقلة، في ظل الدور الرقابي المطلوب من قبل وزارة التربية والتعليم، مؤكداً أن فكرة المدارس المستقلة فكرة رائدة، إذ تنهج نهجاً مستقلاً في كثير من النواحي التعليمية بالدرجة الأولى، وتحويل 2000 مدرسة باستقلال إداري ومالي في بداية تطبيق هذا النهج، وكمرحلة أولى من أصل 33 ألف مدرسة في مناطق ومدن وهجر مملكتنا الحبيبة كافة، يعتبر خطوة رائدة وجيدة، حيث ستمنح هذه المدارس الصلاحية الكاملة من حيث التعامل مع كثير من الجوانب الإدارية والمالية، وإدارة مواردها بشكل كامل، وسيقتصر دور وزارة التربية والتعليم على الجانب الإشرافي على هذه المدارس.. ويلح د. القحطاني هنا على حساسية هذا الإشراف فيقول: أرى أن من الضرورة بمكان، أن يكون هذا الدور الإشرافي دقيقاً جداً على هذه المدارس، من حيث التقيد بمعايير تربوية تعليمية على مخرجاتها، من خلال إخضاع طلابها لاختبارات وطنية مقننة، نضمن من خلالها مخرجاً وطنياً يسهم في بناء مجتمعه ووطنه، في مجال تخصصه العلمي والعملي. تعميم الخصخصة يضع أما د. أحمد بن عيسى الهلالي، الاتجاه إلى خصخصة التعليم في سياق خصخصة عديد من مؤسسات قطاع الخدمات، بهدف تخفيف أعباء هذه القطاعات عن كاهل الدولة، ومحاصرة البيروقراطية والفساد والترهل، وهي غايات نبيلة محمودة ستكون طيبة الأثر إذا أجيدت إدارتها، موضحاً ذلك بقوله: يعتبر قطاع التعليم أهم قطاع بعد الصحة، ومحاولة إصلاحه مهمة شاقة، سعت إليه الدولة مراراً وتكراراً من خلال عديد من البرامج والمنح المالية الضخمة، لكن معظم الجهود كانت تضيع دون أن تظهر آثارها المأمولة. ويمضي الهلالي قائلاً: حين ننظر اليوم إلى (التعليم الأهلي) فإنه في غالبه لا يعكس الصورة المرجوة، خاصة أن الربحية هي المعيار الأساسي لدى المستثمرين في هذا القطاع، وانفتاح معايير القبول فيه لكل مستويات الطلاب تؤكد هذه السياسة، فالتنافسية ليست على المخرجات التعليمية، بل على (الدخل السنوي) وهذا ما أدى إلى تواضع مستويات الجودة، والنظر في هذه التجربة يلقي بظلاله مباشرة عند الحديث عن (الخصخصة) ودخول المستثمرين إلى القطاع التعليمي. ويقول: ما ينبغي أن تتنبه إليه وزارة التعليم وهي توجه ذراع البوصلة نحو الشراكة العميقة مع القطاع الخاص، إنها تمارس الاستثمار في (الإنسان السعودي معلماً ومتعلماً) وهو أغلى من رأس المال المادي، فلذلك يجب أن تركز عميقاً على الخطط التي تضمن حصول المواطن على (تعليم ذي جودة عالية)، يناسب المكانة التاريخية والثقافية للوطن، وأن تظل الوزارة هي الممسك بزمام الأمور الأساسية، سواء في اختبار القيادات والكوادر التعليمية الوطنية، وانتقاء المؤهل تأهيلاً عالياً منها، أو في جودة المدخلات التعليمية (المناهج والأنشطة)، ولا بأس أن تكون لكل مؤسسة تعليمية شخصيتها المستقلة في بعض الجوانب من أجل التنافسية واستقطاب المتعلمين حسب متطلبات سوق العمل، تحت إشراف الوزارة. تجربة غير موفقة يستحضر د. آل مفرح من الماضي غير البعيد، تجربتنا مع برنامج (المدارس الرائدة) الذي سبق لوزارة التربية والتعليم أن طبقته، واستثمرت فيه استثماراً كبيراً منذ أواخر عام 1419ه، وطبق هذا البرنامج على عدد من مناطق التعليم بالمملكة، وكان حقيقة يمثل نموذجاً يمكن أن يسهم في تطوير التعليم العام في المدارس كافة، ولكن للأسف أصيب هذا المشروع بعدة إخفاقات، منها ضعف الموازنات، سواء كانت في الموارد البشرية، أو في النواحي المالية، وبالتالي أتمنى أن تؤخذ هذه التجربة في الحسبان، من حيث أسباب إخفاقها في تحقيق غاياتها وأهدافها؛ خشية أن تصاب المدارس المستقلة – لا قدر الله – بمثل هذه العثرات، وبالتالي لا تحقق غاياتها وأهدافها، لذلك أؤكد على ضرورة أن يكون تطبيق هذا البرنامج تطبيقاً مرحلياً، يبدأ بإعداد النموذج المناسب، ومن ثم العمل على توطينه بما يتناسب مع السياسات التعليمية، وبما يتماشى مع أهدافنا التنموية، وبما يساير مراحل التعليم المختلفة في المدن والقرى والهجر كافة، على أن يكون التطبيق احترافياً مهنياً، ولا يتم تعميمها إلا بعد اكتمال نضوج هذه التجربة، والتأكد من عدم تعرضها لأي هزات مستقبلية، من الممكن أن تضعف فاعليتها وتحقيقها لأهدافها المنشودة، التي تتركز بالدرجة الأولى باستهداف المدرسة، ببرامج التطوير كقاعدة أساسية، أو كمنطلق رئيس لتطوير التعليم، وهذه الغاية التي يتطلع إليها كل تربوي معني بالتعليم. عقبات إدارية يقول د. عبد الغني الشيخ: إذا استعرضنا نماذج خدمات مستقلة في المملكة، لا نجد على الساحة أفضل من مؤسسات الخدمات الصحية، منها مستشفى الملك فيصل التخصصي، وهنا يظهر المنعطف الخطير في استقلال المدارس لاستقطاب المعلمين وفق معايير الجهة المشغلة وتكلفة المعلم، هذا سوف يرفع المنافسة بين الخريجين على القبول والتوظيف.. فيبقى دور وزارة التعليم إشرافياً من خلال مجلس أعلى للتعليم، فلا أحد ينكر أن التعليم يخضع لتوجهات ورؤى متباينة فالتحدي يظل قائماً أبدياً في توجهات المادة التربوية والتعليمية المتوافقة مع توجهات السوق من ناحية، ورغبات القيادات العامة من ناحية أخرى. وعن رؤية د. الشيخ للتوفيق بين مجانية التعليم والخصخصة المقترحة، يقول: إن أي مشغل في العالم يهدف للربحية، فالدولة تود خفض تكاليف التعليم ورفع جودته وهو المثقل بنصف مليون معلم وهذا تحد آخر قد يواجه المشروع، كما سوف تواجه وزارة التعليم معوقات في التخلص من المعلمين المتقادمين سواء بالتدوير واعادة الإفادة منهم أو إحالتهم للتقاعد. ويختم بقوله: شخصياً أرى تطبيق التشغيل التجاري للمدارس كمراكز تكلفة مبدئياً، تضمن الحوكمة والترشيد مع إنشاء مجلس تنفيذي لمراجعة الأداء ومراقبة التشغيل بذراع تجاري وإدارة تأكيد الجودة تتبع المجلس الأعلى مباشرة. بدائل ضرورية من مجمل العقبات المتوقعة التي سبقت الإشارة إليها، يخلص د. الهلالي إلى احتراز يراه واجباً في الجانب الاقتصادي، إذ إن من المهم جداً أن تمتلك الوزارة (خططاً بديلة) في حال فشل مشروع (الخصخصة)، تضمن خط الانتقال أو الرجوع إلى قنوات أخرى، خاصة أن المستثمر في دول العالم الثالث يرفع شعارات لا يطبقها إلا مادمت عليه قائماً، ويظل الربح المادي هاجسه الأول، ناهيك عن التنظيمات الفكرية المشبوهة التي ربما تعد الخطط الآن لتنفيذ بعض أجندتها التي غالباً ما ترى في التعليم بيئة مناسبة لها. ويضيف: إذا تكفلت الوزارة بدفع سندات التعليم عن الطلاب فسيظل الالتزام بمجانيته مكفولاً للمواطن السعودي، وهذا ما نأمله جميعاً، فإن سعت الدولة فقط إلى التخفف من العبء المالي، وألقت بالمواطن إلى جشع المستثمرين فهي الخاسر الأول؛ لأنها فرطت في رأس المال الأساسي للوطن. ويستدرك الهلالي فيشير إلى أن من المعوقات المحتملة لمشروع الخصخصة شح الأراضي في مناطق الكثافات السكانية، وتباعد القرى عن المجمعات الدراسية التي تزمع الوزارة إنشاءها من خلال دمج المدارس في تلك المناطق، وكذلك ثقافة المستثمرين في المدارس الخاصة (الحالية) فقد بدأت أصواتهم تتعالى، خشية فقدان الدعم الحكومي، وشراسة المنافسة من المستثمرين الكبار الذين ينتظرون انطلاق المشروع. -------- الفروق بين البيئات وبسؤالنا ل د. ميسون الدخيل، عما إذا كان من الممكن تعميم هذه التجربة على جميع المدارس، في مختلف المناطق والقرى والهجر بالمملكة، أجابتنا قائلة: نجاح تطبيق هذا البرنامج، والتأكد من عدم تعرضه لأي منغصات أو صعوبات قد تودي به إلى الهاوية أو الفشل الذريع، لا يعني بالضرورة إمكان تعميمه بالشكل المطلق، إذ إن هناك ظروفاً معينة، وبيئات مختلفة، كأن يكون عدد الطلاب قليلاً في بعض القرى والهجر، وهذا الأمر من المؤكد، سيكون في حسبان المخططين لهذا البرنامج الوطني، إذ سيبدؤون في وضع أنموذج للمدارس المستقلة، وأتمنى لهذا المشروع، أن يحقق الغايات التي نتطلع إليها جميعاً. وعند سؤالنا ل د. ميسون، عن كيفية تحقق مجانية التعليم، في وقت تكون فيه المدارس مستقلة مالياً وإدارياً، أجابتنا قائلة: بكل تأكيد، يجب أن نركز على مجانية التعليم التي كفلته الدولة، لأن المدارس المستقلة بهذا الشأن، هي مدارس حكومية يتم تشغيلها عن طريق الاستعانة بالقطاع الخاص؛ ليساعد ويشارك الوزارة في تنفيذها، مع إبقاء التعليم فيها مجانياً، وما يقوم به القطاع الخاص هنا، هو تشغيل هذه المدارس والاستثمار فيها، بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، دون أن تكون هناك أي أعباء مالية على أولياء أمور الطلاب. -------- الخبرة المحلية أهم وعند سؤالنا ل د. نجيب أبوعظمة، عن مدى الفائدة المتحققة من بناء النموذج الخاص للمدارس المستقلة مع بيت خبرة متخصص له عديد من التجارب الدولية في هذا المجال، أجابنا قائلاً: أكثر ما أضر بالتعليم في بلادنا هو الاستعانة ببيوت خبرة من خارج هذه البلاد، بل إن كل وزير يأتي، تجده يستعين بأكثر من بيت خبرة، دون أن نجد فائدة متحققة على أرض الواقع، والسبب في ذلك يعود بالدرجة الأولى، لكوننا نستعين بنظريات وأعمال وبرامج نفذت في دول أخرى، وفي بيئات تختلف عن البيئة السعودية، لذلك حينما نأتي لنطبقها لا تحقق النجاح، لاختلاف مقومات كل بيئة عن الأخرى. ويوضح أبو عظمة فيقول: لا أدل على ذلك من برنامج (آفاق) الذي اشتركت فيه كليات التربية، وعملت فيه عديد من البرامج التي أبهرت الجميع، بعد أن حكمت من قبل محكمين معتمدين، ولكنها عند التنفيذ لم تدعم، ما يعني أننا لو أتينا بأي فكرة من الخارج، إذا لم يتم دعمها في الميدان، فمن المستحيل أن يكتب لها النجاح. بالتالي نحن لسنا بحاجة لبيوت خبرة من الخارج، بقدر ما نحتاج إلى أن نكلف كليات التربية، والخبراء المختصين ممن حصلوا على «د.ا.ه» وعلى درجة الأستاذية في مجال التربية والتعليم؛ لنستفيد من أفكارهم، بل إننا لو بحثنا في المجلات العلمية الرائدة، التي تنشر أعمالاً علمية محكمة، لوجدنا فيها أعمالاً منشورة لخبراء سعوديين، ومأخوذة من واقع البيئة السعودية، فلماذا لا نأخذ بها ونطبقها، فضلاً عن رسائل الماجستير ود.ا.ه المميزة، التي تبحث في واقع البيئة السعودية، لذلك نحن أحوج ما نكون إلى الأخذ من هذا المعين الوطني، بدلاً عن الاستعانة بخبراء أجانب لا يعرفون واقع بيئتنا المحلية، فنحن بحاجة أكبر إلى أن نحترم أنفسنا وكفاءاتنا، إذ ليس من المعقول أن نسلم الأمر برمته لل (خواجات)، ونحن نعلم أنهم في الأصل رأسماليون، يهمهم بالدرجة الأولى كسب المال قبل كل شيء. -------- ،،،، التحرر من البيروقراطية عند سؤالنا ل د. سليمان الزايدي، عن الإيجابيات المتوخاة من تطبيق برنامج المدارس المستقلة، أجابنا قائلاً: إن التطوير والتحديث في برامج التعليم غاية في حد ذاتها للوصول إلى تجويد مخرجاته والانتقال إلى مجتمع المعرفة الذي وضعته رؤية المملكة 2030 من أهدافها الرئيسة. ويضيف: بالطبع لهذا المشروع جوانب إيجابية غاية في الأهمية، ذلك أنه سيحرر النّظام التعليمي من البيروقراطية، ومن هيمنة رأس الهرم على القرار فيه، فالمشروع سيمنح الاستقلالية في الجوانب الإدارية والمالية، ويمنح حق اتخاذ القرار حسب الأهداف والاحتياجات، ويوفر مزيداً من المرونة في البرامج الفنيّة والإدارية والمالية، لكنه لا يخلو من بعض الجوانب السلبية التي قد تؤدي لعدم تكافؤ الفرص بين التلاميذ الدارسين في مدارس المشروع وزملائهم الدارسين في مدارس التعليم العام، حيث ستحدث البرامج الإثرائية الفارق المعرفي بصفة عامة والفارق في مقومات شخصيات التلاميذ (نظراً لأهمية البرامج الإثرائية في تكوين شخصية النّاشئ). ويقول الزايدي: من المؤكد أن من مميزات المشروع، آلياته ذات المرونة والقدرة على اتخاذ القرار، خاصة في اختيار البرامج الإثرائية والصرف المالي دون الانتظار لقرار من خارج المدرسة، وهو ما سيحرر المدرسة من هيمنة إدارات التعليم والوزارة، إلا أن المنطق لا يقبل أن يترك لكل مدرسة اختيار مناهجها بمفهومها العلمي الشامل، لأنه سيوجد فوضى في توحيد المناهج، وتعثر التلاميذ عند الانتقال من منهج الى آخر. وبسؤالنا ل د. الزايدي، عن مكامن الفشل التي يمكن أن تحبط نجاح هذا البرنامج، وعن أهمية دور الأسرة في تعزيز مقومات نجاحه، أجابنا قائلاً: من تجاربنا أن فشل المدارس الشاملة كان بسبب عدم قدرة المطبقين على التحكم في البرنامج، لغياب كفاءة التدريب المسبق، وعدم تهيئة المدارس لاستيعابه، وبالتالي علينا الاستفادة من هذه التجربة، وذلك بالتدريب المسبق الكفء للمطبقين للمشروع؛ لضمان نجاحه، والتدرج في تطبيقه، وعدم إيجاد هوة أو عزلة بين مختلف المدارس ومناهجها. والمطلوب من التجربة الجديدة في العموم، الاستفادة من الدور المهم للآباء والأمهات، وإشراكهم في صياغة أفكار المشروع، وآليات متابعته، لأن نظامنا التعليمي همش هذا الدور على مدى تاريخه. ------------------------------ "المشاركون في القضية" - د. سليمان الزايدي: عضو مجلس الشورى سابقاً. - د. أحمد بن سعد آل مفرح: عضو مجلس الشورى - رئيس لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي بمجلس الشورى. - أ.د. سالم آل منيع القحطاني: عضو مجلس الشورى - عضو لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي بالمجلس. - أ.د. نجيب حمزة أبوعظمة: أستاذ مشارك في تقنيات التعليم بجامعة طيبة بالمدينة المنورة سابقاً. - د. ميسون الدخيل: كاتبة وأستاذة محاضرة بقسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة جدة. - أحمد الهلالي: كاتب صحافي وأستاذ مساعد في الأدب العربي بجامعة الطائف. - د. عبدالغني بن محمد الشيخ: مساعد المدير العام للتخطيط سابقاً ومستشار للتحول بصحة جازان.

مشاركة :