www.ksaplayers.com
احصائية الأخبار
السنة | 2019 | 2018 | 2017 | 2016 | |
العدد | 1 | 11 | 27 | 291 | |
الأجمالي | 330 |
احصائية المقالات
السنة | 2019 | 2018 | 2016 | 2015 | |
العدد | 1 | 1 | 1 | 4 | |
الأجمالي | 7 |
احصائية تويتر
السنة | 2022 | 2021 | 2019 | 2018 | |
العدد | 3 | 1 | 3 | 6 | |
الأجمالي | 13 |
مسارات محتملة للانتفاضة السودانية
رغم التجاهل الإعلامي لانتفاضة السودان ورغم القمع الأمني الذي تُواجه به من نظام البشير، فإن الهبة الشعبية تزداد يوماً بعد يوم، حتى وصلت تقريبا إلى كل مدن البلاد، وهيمن هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" على كل التظاهرات، مما يقلق الخرطوم وعواصم أخرى، والمؤكد أن في حال حدوث سقوط نظام البشير سيكون له تبعات كثيرة تمس مصالح بلدان عدة في الإقليم، وهي مصالح يعتبر "البشير" الضامن الأول لها، وبغض النظر عما إذا كانت تلك المخاوف الإقليمية ومثابرة البشير في مواجهة الضغط العام المتزايد ستنجح أم لا، فإن مستقبل الحكومة السودانية ما زال أبعد ما يكون عن الوضوح. فالصعوبات الاقتصادية التي يواجهها كثير من الشعب السوداني شكّلت الدافع الرئيس وراء تلك الاحتجاجات، إذ ألقى المحتجون اللوم على الإجراءات الحكومية التي تسببت بكثير من المصاعب الاقتصادية بما في ذلك القرار الذي اتخذه البشير في أكتوبر الماضي بتحرير سعر الصرف، تزامناً مع حديثه عن رفع الدعم الحكومي للوقود، وما تلا ذلك من أزمة في البنزين والخبز، مما أسهم في خروج المحتجين إلى الشارع. فالشعب الذي يعيش 50% منه تحت خط الفقر شارك سابقاً في عدّة تظاهرات احتجاجاً على الظروف الاقتصادية الصعبة، أبرزها الاحتجاجات الكبرى التي اندلعت في عام 2013، وانطلقت التظاهرات الحالية من مدينة عطبرة العمالية في التاسع عشر من ديسمبر للتنديد بأزمة الغذاء والوقود وانعدام السيولة، ولاقت تلك الاحتجاجات صدى واسعاً وطنياً منتقلةً إلى مدنِ أخرى حتى بلغت العاصمة الخرطوم. نظام البشير تعامل معها بالطريقة المعتادة: قمع في الشوارع ومصادرة للصحف واتهام دائم بوجود مؤامرات خارجية، مما زاد الأمور تعقيداً، وفشلت قوى المعارضة حتى الآن في استثمار الانتفاضة الشعبية وتحويلها إلى ثورة حقيقية تطيح بالنظام. فالمعارضة منقسمة ومتناحرة، فالعلاقة بين التحالفين المعارضين الأكبر في البلاد (تحالف نداء السودان) و(تحالف قوى الإجماع الوطني) منهارة، ومن غير المرجح أن تتمكن حركات المعارضة الرسمية السودانية من العمل معاً لجمع الاحتجاجات في جبهة موحدة ضد النظام الحالي، خصوصاً في ظل خلافات حول قضايا مثل جنوب السودان ومشاركة أحزاب المعارضة في الحكومة الحالية، ولكن ذلك لم يمنع لاختلافات قادة المعارضة من دعم الاحتجاجات من حيث المبدأ: فقد طالب حزب نداء السودان، على سبيل المثال صراحةً بتنحي البشير. وتشير تعقيدات الملف السوداني إلى مفترق طرق قد يقود البلاد إلى أحد السيناريوهات التالية: 1- احتمال تحرك أحد الجنرالات للإطاحة بالبشير عبر انقلاب عسكري، وهناك اسمان مطروحان: الأول الجنرال "كمال عبد المعروف" رئيس الأركان، أما الثاني فهو الجنرال "صلاح قوش" رئيس جهاز المخابرات الذي ترأس جهاز الأمن خمس سنوات، قبل أن يطيح به البشير من منصبه ويلقيه في السجن على خلفية اتهامه بالضلوع في محاولة الانقلاب. وفي حين فاجأ الرئيس الجميع بإعادة قوش إلى رئاسة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، عام 2018 إلا أنّ ولاء الأخير للرئيس لن يمنعه من المشاركة في أيّ محاولة انقلابية مستقبلية في حال توافرت الظروف المناسبة لذلك. لو تحرك أحد الرجلين فالأرجح أنّنا لن نشهد سيناريو شبيهاً بـ"سوار الذهب" الذي سلم السلطة للمدنيين، عقب انقلاب عام 1985، وبعد الإشراف على الانتخابات الديمقراطية، بل الأغلب أننا سنشهد نسخة ثانية من تجربة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. 2- تسليم البشير السلطة الى حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم ويتولى أحد قياداته الحكم لفترة انتقالية لحين ترتيب الأوراق، والمرشح الأول للقيام بهذا الدور هو "معتز موسى" رئيس الحكومة نظراً لقرابته وقربه من البشير، ولا يعقل أن يسلم البشير السلطة للأجنحة المعارضة داخل الحزب الحاكم سواء جناح "علي عثمان"، النائب السابق للرئيس، أو جناح "نافع علي نافع" المؤسس لجهاز المخابرات والأمن الوطني، فكلاهما غير موثوق به من البشير لضمان خروج آمن له ولأسرته. وهذا السيناريو مرتبط بالظروف الإقليمية والدولية، فلكي يتنحى البشير طوعاً يجب أن يكون هناك قرار دولي بذلك، وحتى الآن لا يوجد قرار دولي بحتمية رحيله، نظراً إلى الدعم الدولي الضمني الذي يتمتع به النظام السوداني حالياً، ونظراً إلى شخصية البشير نفسه. 3- على الرغم من الضغوط الداخلية المطالبة باستقالة البشير، فالرجل ينكر حتى هذه اللحظة وجود أي مشكلة أصلاً، ويتعامل مع الأحداث بصفتها مؤامرة من قلّةٍ مندسة وأنّه قادر على تجاوزها بسهولةٍ فائقة، فهو يراهن هنا على تفتيت القوى المعارضة، وعدم قدرتها على الحشد لقيام عصيان مدني عام فذلك يعني شلّ الدولة وصولاً الى نقطة الصفر. من جانبها تراهن المعارضة على أن عوامل غضب الناس مازالت متوافرة، وبالتالي حتى لو خفتت تلك الانتفاضة فلا بدّ من أن يشتدّ أوجها مجدداً مرة أخرى، ويؤمن قياداتها أنه في حال الوصول إلى نقطة الصفر وشلل الدولة التام فلن يكون أمام البشير إلا الرحيل قسراً. تزداد تعقيدات المشهد السوداني يوماً بعد يوم، والكرة الآن في ملعب الشارع، الذي يتحرك بدون قيادة حقيقية من قوى المعارضة التقليدية، وسواء نجح البشير في الالتفاف حولها أو نجحت هي في الإطاحة به، تشير المؤشرات الأولية إلى أن بقاءه في السلطة أصبح غير مضمون، وأنه حتى إن تجاوز تلك الفورة الشعبية، فمن الصعب جدا تعديل الدستور في 2020 والسماح له بالبقاء في السلطة لفترة إضافية، ومما لا لبس فيه أن الاحتجاجات الحالية ستؤثر من دون أدنى شكّ في فترة بقاء البشير في السلطة بطريقةٍ أو بأخرى. * ماجد عاطف * «واشنطن إنستيتوت» |
|
تاريخ النشر :07 الخميس , مارس, 2019
المصدر : عاجل
الكثير من الأنظمة الحاكمة تتصور أنها قادرة على التحكم في مفاتيح الأمور السياسية باللجوء إلى القبضة الأمنية فقط، وتتجاهل أن هناك مطالب أخرى هامة، في مقدمتها سد الحاجات المعيشية. إذا اعتبرنا الحاجة إلى المزيد من الحريات والديمقراطية والحفاظ على حقوق الإنسان من الرفاهيات في نظر بعض الحكومات في المنطقة العربية، فأي أزمة اقتصادية كفيلة بأن تهز أركان أعتى الأنظمة السياسية، بصرف النظر عن جسارة القبضة الأمنية. النظام السوداني دخل اختبارا حاسما الأيام الماضية، قد يتحدد على أساسه مستقبله السياسي، لأن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد متجذرة، وكاشفة لمرحلة استهلك فيها الرئيس عمر حسن البشير كل أدواته التقليدية لتجنب عدم تفجيرها. وتعمد نسيانها ليوحي لمن توقعوا له مصيرا مجهولا بأنه يتحكم في جميع الخيوط. يقرب هذا ويبعد ذاك، وينحاز لهذه الدولة ويفر من تلك إلى أخرى، إلى الدرجة التي جعلته فاقدا للمصداقية عند الكثير من حلفائه، فما بالنا بخصومه والمتربصين به. بالطبع لا أحد يتمنى أن يقع السودان فريسة للتظاهرات والاحتجاجات، لأن نتائجها ربما تهدد ما تبقى من وحدة مهزوزة للدولة، وربما تتجاوز روافدها حدوده، وتكون مقدمة للمزيد من الفوضى في منطقة عائمة على بركان من الخلافات المتشعبة، بالكاد بدأت بعض دولها تأخذ طريقها نحو تحجيم الحروب والصراعات والسلام والتنمية. المؤشرات الراهنة تؤكد أن قبضة الرئيس البشير على السلطة أخذت ترتخي ولم تعد قوية كما كانت عندما طرق أبواب العاصمة السورية دمشق، منذ حوالي أسبوع، وتحدى النداءات التي حذرته من الفشل في إدارة الكثير من الأزمات الداخلية، معتقدا أن مناوراته وحدها بإمكانها إنقاذه من المشكلات التي تحيط به ومن جهات متباينة. الأزمة التي يواجهها النظام السوداني حاليا كان من الممكن تجاوزها، كما تجاوز غيرها خلال العقود الثلاثة الماضية، لكن المعلومات التي رشحت عنها توحي بأنها مختلفة، على الأقل في تفكك البنى والمؤسسات والأدوات التي يعتمد عليها الرئيس البشير، ونجّاه تماسكها سابقا من محكات عدة، وجنبته الوقوع في براثن انقلاب هنا أو فوضى هناك، ومكنته في النهاية من تخطي عقبات داخلية وخارجية واجهته على مدار سنوات متفرقة. لم يسمع الشارع السوداني صوتا رشيدا من الجهاز التنفيذي في الدولة بشأن الحلول الناجعة، باستثناء تصريحات مقتضبة من معتز موسى رئيس الحكومة حاول فيها تخفيف وقع الأزمة الاقتصادية، وطمأنة المواطنين بعدم رفع الدعم، من دون تقديم حلول واقعية لتحسين الأوضاع. حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بدا مشلولا على غير العادة، ولم يجرؤ على التعامل مع الأزمة بطريقة الحشود والوعود، في أهم المحن التي يتعرض لها منذ فترة طويلة، فإذا لم يكن قادرا على اقتراح الحلول وكان عاجزا عن وأد الفتن، فما هي قيمته؟ ولذلك قد يواجه تصفيات سياسية، إذا نجح في عبور الأزمة الراهنة بسلام. استهداف مقرات الحزب وحرق بعضها في عدد من الأقاليم كاف للتأكيد على حجم الغضب الذي يعتمل في نفوس السودانيين من كيان يعتمد على شق صفوف معارضيه، واستقطاب أو إغواء مناوئيه، والتمترس حول أفكار مؤدلجة يعتبرها وسائله المفضلة للبقاء في السلطة. قرار إغلاق المدارس والجامعات وقطع الإنترنت وإسناد مهمة حراسة المراكز الحيوية للجيش وغيرها من الإجراءات، تشير إلى أن الأزمة قابلة للتمدد، ولن تتوقف عند المدن التي وصلت إليها، فالنظام لا يزال عاجزا عن اقتراح وصفة عملية للعلاج، يتمكن بموجبها من إطفاء نيران الغضب لدى شريحة عريضة من المواطنين. فقدان الفعالية التي كانت تحملها الوعود في مرات سابقة، والإخفاق السياسي والأمني في تهدئة الشارع، وعدم وجود الجهة أو الجهات التي تمد حبل الإنقاذ الاقتصادي، علامات دالة على الارتباك في التوصل إلى تسوية عاجلة للأزمة. وهو ما جعل الخرطوم تلجأ إلى النفخ في نظرية المؤامرة وتحميل حركة تحرير السودان – جناح عبدالواحد نور، مسؤولية الأحداث، وأنه تلقى دعما من إسرائيل، وإنكار الدور الذي لعبه النظام في الأزمة، أو التصدي للمؤامرة، طالما يعرف من يحركونها. الهياكل الأمنية التي يعتمد عليها الرئيس البشير أصبحت مرتعشة، ولم تجرؤ على مساندة النظام الحاكم بالقوة التي تحلت بها طوال السنوات الماضية، وكأنها تخشى التصدي للتظاهرات التي تزحف من الأطراف على المراكز، وتدرك أن حسابات المواجهات الحاسمة مع الاحتجاجات قد تكون مكلفة. قوات الدعم السريع، التي نشأت لتكون ذراعا موازية للجيش والشرطة وتتبع مباشرة رئيس الجمهورية للقيام بمهام معينة، حاولت التنصل من طبيعة مهامها، وأعلنت صراحة أن عملها لا يتضمن التصدي للمتظاهرين في الشوارع والميادين. الفريق أول صلاح عبدالله قوش المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، حرص في اللقاء الذي عقده، السبت، مع وسائل الإعلام، على الحديث عن عمق الأزمة وأسبابها المتعددة، وتدين في مجملها النظام الحاكم، نافيا من طرف خفي علاقته المباشرة بقمع وقتل بعض المتظاهرين، وحصر الدوافع في الشق الاقتصادي وشيوع الفساد الذي ينخر في مؤسسات مختلفة منذ فترة. تعويل الرئيس البشير على ضعف هياكل المعارضة، كان مفيدا لوقت طويل، عندما كانت قياداتها لها مصداقية تجعلها تستطيع توفير الزخم في الشارع السوداني، لكن الآن لم يعد الصادق المهدي زعيم تحالف “نداء السودان” ورفاقه قادرين على تحريك أحد الشوارع في مدينة الخرطوم بحرية، بعد أن فقدوا وزنهم السياسي لدى قواعدهم الحزبية والقطاع العريض من المواطنين، وبدت مواقف المعارضة بعيدة عن توجيه الأحداث الحالية. المثير أن موقف جماعة الإخوان، المتحالفة مع حزب المؤتمر الوطني، والحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي انخرط في التعاون والتنسيق معه منذ عام 1996، يحاولان القفز من السفينة، وجاءت ردود أفعالهما باهتة، وأقرب إلى حرارة الشارع من برودة الحكومة، ما ينزع عن نظام البشير جانبا آخر من الغطاء السياسي الذي تدثر به ليوحي بأنه في مأمن من الغضب، ويستوعب كل الأطياف. الملاحظ أن مؤسسة الجيش، وينحدر منها البشير، يبدو موقفها ملتبسا، وتحرص على التعامل مع الأزمة بتأن وتبتعد عن التورط مباشرة فيها، وتحتفظ بمسافة بين النظام الحاكم وتظاهرات الشارع، وحراستها للمنشآت الحيوية لا تعني القدرة على التطويق بأدواتها العسكرية، ربما لتكون على مقربة من المفاصل التي تمكنها من تغيير دفة الحكم في اتجاه آخر لم يفكر فيه البشير. المعطيات المتوافرة تقول إن المؤسسات المدنية فاقدة القدرة على ضبط حركة الشارع السوداني ونزع فتيل الأزمة من خلال علاج أسبابها بطريقة ناعمة، كما أن اللجوء إلى سلاح القمع والكبت والخشونة يفتح الباب لسيناريوهات غامضة. لذلك يبدو خيار الانقلاب من داخل القصر وخروج البشير وبعض رفاقه آمنين، كي يظل النظام قائما بوجوه جديدة، طريقا غير مستبعد لتفويت الفرصة على جرف التظاهرات والاحتجاجات رؤوسا كبيرة في الحكم، لأن فرصة التحسن الاقتصادي الملموس في ظل وجود البشير بعيدة المنال.