www.ksaplayers.com
احصائية الأخبار
السنة | 2022 | 2021 | 2020 | 2019 | |
العدد | 1 | 1 | 12 | 69 | |
الأجمالي | 83 |
احصائية المقالات
السنة | 2021 | 2019 | 2018 | 2015 | |
العدد | 3 | 4 | 1 | 1 | |
الأجمالي | 9 |
احصائية تويتر
السنة | 2018 | ||||
العدد | 1 | ||||
الأجمالي | 1 |
الغزاة الغرقى لم يصلوا
ليس لدى مَن نجا الكثير لكي يرويه عن الأهوال التي عاشها ورفاقه في مواجهة الموت. ولكن بالتأكيد لديه ما يرويه عن الأسباب التي دفعت بهم إلى خوض تلك المغامرة التي كانوا يعرفون أنها قد تنتهي بالموت.
لماذا يهرب العراقيون، عربا وأكرادا من وطنهم؟ سؤال يمتزج فيه الخبث بالسذاجة. إضافة إلى أنه يقول كل شيء عن ذلك اللاشيء الذي صار العراقيون يعيشونه وهم في حالة خواء خيالي. المناسبة هي غرق 27 مهاجرا غير شرعي في قناة المانش وهم في طريقهم من فرنسا إلى بريطانيا بعدما فرغ زورقهم المطاطي من الهواء. كان أحد الناجين عراقيا والآخر صوماليا. أما الذين غرقوا فغالبيتهم كانوا أكرادا عراقيين. ليس لدى مَن نجا الكثير لكي يرويه عن الأهوال التي عاشها ورفاقه في مواجهة الموت. ولكن بالتأكيد لديه ما يرويه عن الأسباب التي دفعت بهم إلى خوض تلك المغامرة التي كانوا يعرفون أنها قد تنتهي بالموت. ولكن ليست هناك أذن لتصغي. لقد قالوا على اليابسة كل شيء وحين شعروا بأن الأرض خذلتهم لجأوا إلى البحر في طريقهم إلى جزر السعادة. تلك الجزر التي تضم مستعمريهم السابقين واللاحقين. أولئك الشهود الذين رأوا بأعينهم كيف تسلل الخراب إلى حياتهم وكانوا فاتحين لزمن لن يقوى العراقي فيه على أن يمسك بخيط من مصيره. لقد تعرفوا على سكان تلك الجزر باعتبارهم غزاة داسوا بدباباتهم كل أسباب الحياة فقرروا أن يغزوهم بحثا عن سبب واحد لحياة ستكون ناقصة غير أنها قد تكون كفيلة لأن يقضي فيها المرء ما تبقى من عمره في محاولة استعادة إنسانيته التي سرقها الغزاة. ما ينبغي أن نكون على ثقة منه أن العراقي لا يلجأ إلى غزاته مستغيثا بهم بل يأتي محمولا على جناحي سؤال مرير هو “لماذا فعلتم بنا كل هذا؟“. يكره الإنجليز الاعتراف بمسؤوليتهم عمّا حدث للمهاجرين الغرقى ويحمّلون فرنسا المسؤولية. ذلك ما يُسمّى بالهروب إلى الأمام وإذا كان الغزاة لم يظهروا ندمهم على ما فعلوه بالعراق فلأنهم لم يقيموا وزنا للحياة البشرية في ذلك البلد الذي شهد تدميرا ممنهجا عبر عقود من الحروب المتلاحقة انتهت بمعجزة الغزو الذي كشف عن ميل فتاك إلى الرذيلة والانحطاط والجريمة والإصرار على أن يكون الفساد هو الهدية المزعومة بدلا من الديمقراطية التي كانت أكبر كذبة أوهم الغزاة شعوبهم من خلالها بأنهم ذاهبون إلى الحرب من أجل نشرها وتسويقها وترسيخها لدى ذلك الشعب المستعبَد الذي يحلم بالحرية. ألم يكن الإرهاب مرآة لتلك الهدية؟ سيكون من الصعب على الإنسان الإنجليزي العادي أن يتعاطف مع أولئك الغزاة الذين ابتلعهم البحر وصاروا طعاما للأسماك في منطقة تشهد حروبا بين الصيادين الفرنسيين والإنجليز. بالتأكيد شعر الإنجليز بالخوف حين سمعوا بأن هناك مَن يسعى لغزوهم بالقوارب المطاطية. لن تحضر في أذهانهم ذكرى دباباتهم التي داست على رؤوس العراقيين وعجنتها بتراب أرضهم التي تعج بأصوات بناة الحضارة الإنسانية الأولى. لم يسمع أحد تلك الأصوات. عالمنا يكتسب طاقة الحياة من التضليل الإعلامي. عالمنا لا يبحث عن الحقيقة إلا باعتبارها نوعا من الزيف الذي وحده يمكن أن يحمل أخبارا مرحة. هناك طفل وُلد ميتا على الحدود التي تفصل بين بيلاروسيا وبولندا، في غابة كانت أمه قد قضت أياما فيها هاربة من أعين حراس الحدود. طفل لم ير ثلج بولندا ضمته أرضها باعتباره لاجئا. لقد تحقق حلمه في أن يذكر ولو بولنديا واحدا بأن جنودا بولنديين كانوا قد انتهكوا حرمة بابل ومشوا في شارع الموكب باعتبارهم غزاة. أقبل في أن يكون المرء محايدا أمام تلك المأساة لكن بشرط أن يتحلى بقدر من الانصاف. لا شيء يمكن أن يعوض تلك المرأة فقدان طفلها. ولكن بولندا لن تُسرّ في ما لو تعرضت للمساءلة عن مسؤوليتها في انهيار العراق الذي هو سبب قدوم تلك المرأة لاجئة إلى أرض أجنبية لا تعرف عنها شيئا سوى أن جيشها غزا بلادها ودمّر أسباب العيش فيها. يكره الإنجليز الاعتراف بمسؤوليتهم عمّا حدث للمهاجرين الغرقى ويحمّلون فرنسا المسؤولية. ذلك ما يُسمّى بالهروب إلى الأمام. إنهم يحاربون بمنطق بريكست فيما الحقيقة تقع خارج ذلك. العراقيون يهربون من جحيم كنتم قد ساهمتم في صناعته وإدامته من خلال الاستعانة بإيران. لا أحد يمكنه أن يقول ذلك وإن قاله فإن ضجيج التضليل لن يسمح لأحد بأن يسمع ما يقول. سيمرّ الخبر. غرق قارب مطاطي. كانت هناك قوارب مطاطية كثيرة غرقت يوم قرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غزو أوروبا بالسوريين. لم يحدث شيء. وحتى شاهدة قبر الطفل العراقي على الحدود البولندية يمكن أن يغطيها الثلج. ما هو مهم ألاّ يعكر الغزاة الجدد صفو حياة الغزاة القدامى. |
|
لماذا يهرب العراقيون، عربا وأكرادا من وطنهم؟ سؤال يمتزج فيه الخبث بالسذاجة. إضافة إلى أنه يقول كل شيء عن ذلك اللاشيء الذي صار العراقيون يعيشونه وهم في حالة خواء خيالي. المناسبة هي غرق 27 مهاجرا غير شرعي في قناة المانش وهم في طريقهم من فرنسا إلى بريطانيا بعدما فرغ زورقهم المطاطي من الهواء. كان أحد الناجين عراقيا والآخر صوماليا. أما الذين غرقوا فغالبيتهم كانوا أكراد عراقيين. ليس لدى مَن نجا الكثير لكي يرويه عن الأهوال التي عاشها ورفاقه في مواجهة الموت. ولكن بالتأكيد لديه ما يرويه عن الأسباب التي دفعت بهم إلى خوض تلك المغامرة التي كانوا يعرفون أنها قد تنتهي بالموت. ولكن ليست هناك إذن لتصغي. لقد قالوا على اليابسة كل شيء وحين شعروا بأن الأرض خذلتهم لجأوا إلى البحر في طريقهم إلى جزر السعادة. تلك الجزر التي تضم مستعمريهم السابقين واللاحقين. أولئك الشهود الذين رأوا بأعينهم كيف تسلل الخراب إلى حياتهم وكانوا فاتحين لزمن لن يقوى العراقي فيه أن يمسك بخيط من مصيره. لقد تعرفوا على سكان تلك الجزر باعتبارهم غزاة داسوا بدباباتهم كل أسباب الحياة فقرروا أن يغزوهم بحثا عن سبب واحد لحياة ستكون ناقصة غير أنها قد تكون كفيلة لأن يقضي فيها المرء ما تبقى من عمره في محاولة استعادة إنسانيته التي سرقها الغزاة. ما ينبغي أن نكون على ثقة منه أن العراقي لا يلجأ إلى غزاته مستغيثا بهم بل يأتي محمولا على جناحي سؤال مرير هو "لماذا فعلتم بنا كل هذا؟" وإذا كان الغزاة لم يظهروا ندمهم على ما فعلوه بالعراق فلأنهم لم يقيموا وزنا للحياة البشرية في ذلك البلد الذي شهد تدميرا ممنهجا عبر عقود من الحروب المتلاحقة انتهت بمعجزة الغزو الذي كشف عن ميل فتاك إلى الرذيلة والانحطاط والجريمة والإصرار على أن يكون الفساد هو الهدية المزعومة بدلا من الديمقراطية التي كانت أكبر كذبة أوهم الغزاة شعوبهم من خلالها بأنهم ذاهبون إلى الحرب من أجل نشرها وتسويقها وترسيخها لدى ذلك الشعب المستعبَد الذي يحلم بالحرية. ألم يكن الإرهاب مرآة لتلك الهدية؟ سيكون من الصعب على الإنسان الإنكليزي العادي أن يتعاطف مع أولئك الغزاة الذين ابتلعهم البحر وصاروا طعاما للإسماك في منطقة تشهد حروبا بين الصيادين الفرنسيين والانكليز. بالتأكيد شعر الإنكليز بالخوف حين سمعوا بأن هناك مَن يسعى إلى غزوهم بالقوارب المطاطية. لن تحضر في أذهانهم ذكرى دباباتهم التي داست على رؤوس العراقيين وعجنتها بتراب أرضهم التي تعج بأصوات بناة الحضارة الإنسانية الأولى. لم يسمع أحد تلك الأصوات. عالمنا يكتسب طاقة الحياة من التضليل الإعلامي. عالمنا لا يبحث عن الحقيقة إلا باعتبارها نوعا من الزيف الذي وحده يمكن أن يحمل أخبارا مرحة. هناك طفل وُلد ميتا على الحدود التي تفصل بين بيلاروسيا وبولندا، في غابة كانت أمه قد قضت أياما فيها هاربة من أعين حراس الحدود. طفل لم ير ثلج بولندا ضمته أرضها باعتباره لاجئا. لقد تحقق حلمه في أن يذكر ولو بولنديا واحدا بأن جنودا بولنديين كانوا قد انتهكوا حرمة بابل ومشوا في شارع الموكب باعتبارهم غزاة. أقبل في أن يكون المرء محايدا أمام تلك المأساة لكن بشرط أن يتحلى بقدر من الانصاف. لا شيء يمكن أن يعوض تلك المرأة فقدان طفلها. ولكن بولندا لن تُسر في ما لو تعرضت للمساءلة عن مسؤوليتها في انهيار العراق الذي هو سبب قدوم تلك المرأة لاجئة إلى أرض أجنبية لا تعرف عنها شيئا سوى أن جيشها غزا بلادها ودمر أسباب العيش فيها. يكره الإنكليز الاعتراف بمسؤوليتهم عما حدث للمهاجرين الغرقى ويحملون فرنسا المسؤولية. ذلك ما يُسمى بالهروب إلى الأمام. إنهم يحاربون بمنطق بريكست فيما الحقيقة تقع خارج ذلك. العراقيون يهربون من جحيم كنتم قد ساهمتم في صناعته وإدامته من خلال الاستعانة بإيران. لا أحد يمكنه أن يقول ذلك وإن قاله فإن ضجيج التضليل لن يسمح لأحد بأن يسمع ما يقول. سيمر الخبر. غرق قارب مطاطي. كانت هناك قوارب مطاطية كثيرة غرقت يوم قرر أردوغان غزو أوروبا بالسوريين. لم يحدث شيء. وحتى شاهدة قبر الطفل العراقي على الحدود البولندية يمكن أن يغطيها الثلج. ما هو مهم أن لا يعكر الغزاة الجدد صفو حياة الغزاة القدامى.