مشوار د. حازم الببلاوي - رئيس وزراء مصر السابق:

  • 10/25/2014
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

ضيف المشوار من أهم المفكرين والاقتصاديين والسياسيين في مصر، تولى رئاسة الوزراء في مرحلة عصيبة من تاريخ مصر التي أعقبت عزل محمد مرسي من السلطة على خلفية ثورة 30 يونيه، كما أنه تولى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في حكومة د. عصام شرف التي تولت شؤون البلاد في عهد المجلس العسكري «المرحلة الانتقالية بعد تنحي الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك». الدكتور حازم الببلاوي، رئيس وزراء مصر الأسبق، تولى مناصب كثيرة من أهمها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، وتولى رئاسة مجلس إدارة العديد من البنوك، وعمل مدرساً بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، كما عمل مستشاراً لوزير المالية في الكويت، كما يُعد أحد أبرز الاقتصاديين الذين تولوا الوزارة في مصر، كما أسهم في دعم الموقف المصري تجاه المؤامرات التي حيكت ضدها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين، فإلى نص المشوار الذي تطرق لمناطق كثيرة في حياة رئيس وزراء مصر السابق. ماذا عن أيام الطفولة، وما أبرز ملامحها؟ - طفولتي كانت سعيدة، ولا شك أن أي إنسان يتمنى أن يعود طفلاً مرة ثانية، حياة بعيدة عن المتاعب وأثقال الحياة، طفولة يسودها الحب والمرح بعيداً عن مزاحمة المشاكل، طفولة نقية، مرحلة الطفولة التي عشتها كانت ما بين الريف والحضر، ولذلك استمتعت كثيراً بها، ولي صداقات كثيرة ما زلت عليها، وأحب ودهم بطبيعة الحال، فهذه العلاقة القديمة دائماً متجددة وأنا سعيد بها. أعشق حياة البيت والأسرة هل تجد وقتاً لأسرتك وأحفادك؟ - صحيح أنا أحب العمل ولكني في ذات الوقت أعشق حياة البيت والأسرة، فرغم انشغالي إلا أنني أخصص وقتاً للأسرة لا يمكن الاستغناء عنه تحت أي ظرف من الظروف، فأنا أعتبر هذا الوقت بمثابة الحياة التي يعيشها الإنسان، فكل شيء يمكن أن يعوض بالنسبة للعمل إلا وقت الأسرة لا يعوض فهي الحياة الأجمل بالنسبة لي. كيف تقضي أغلب أوقاتك؟ - أغلب الوقت أقضية بين أسرتي ومكتبتي وطلابي وأبحاثي، وهنا أجد المتعة الحقيقية التي لا يضاهيها متعة أخرى، وأسأل الله ألا يزيل هذه النعمة، نعمة الصحة والعافية والرضا بما قسمه الله. منفتحين على الثقافات غلب التعليم الأجنبي على مسيرتك التعليمية؟ - أنا خليط بين التعليم المصري والأجنبي، وسبب هذا الخلط محاولة الاستفادة؛ والحكمة ضالة المؤمن أين وجدها فهو أحق الناس بها، وقد درست في جامعة القاهرة وعين شمس والسربون وقمت بالتدريس في جامعة الإسكندرية، وأنصح الآباء أن يكونوا منفتحين على الثقافات وألا يأخذوا موقفاً من طريقة تعليم أو من ثقافة فكل هذا يضيف للأبناء، ولكن في المقابل لا بد من تربية الأبناء تعليمياً وتربوياً بما يجعلهم مصريين، فلا المنع مفيد ولا الانفتاح دون إعطاء اللمسة العربية في مناهجنا مفيد أيضاً. ما أهم البصمات التي تركها والدك عليك وأفادتك في مشوارك السياسي؟ - بصمة والدي - عليه رحمة الله- تلازمني منذ كنت صغيراً وأظن أنها ستلازمني حتى بعد أن أفارق الحياة، فهو قد علمني كيف أنجح؟ وعلمني أيضاً الصبر، ودائماً كان يقول لي إن النجاح الحقيقي هو أنك تنجح فيما تنوي أن تقوم به وبالتالي لا بد ألا يكون هناك مكان للفشل، ولا بد أن أستخدم أدوات التجربة والمحاولة، فمن خلالهما يمكن أن يحقق الإنسان نجاحاً منقطع النظير. ما هواياتك؟ - السفر والقراءة وممارسة الرياضة، وبالمناسبة أحب ممارسة هذه الهوايات بشكل جماعي وليس بشكل منفرد. صف لنا مشاعرك عندما تلتقي الناس بعد تركك للوزارة؟ - كما ذكرت لك أنا لا أحب المناصب ولا أسعى إليها، أنا عملي فكري وأكاديمي في المقام الأول، وأنا أجبرت على قبولها وسبق واعتذرت عن قبول العمل نائباً لرئيس الوزراء ووزير المالية، ولكنني اضطررت قبول العمل السياسي مرة أخرى، لاستشعاري أهمية قبول نداء الوطن في مرحلة كانت من أهم المراحل التي مرت على الوطن، ولكنني في ذات الوقت كنت أسعد خلق الله باختيار غيري للوزارة وقتها شعرت أنني أديت مهمتي على أكمل وجه وأخلدت إلى راحة البال والضمير. العنف وسيلة مجلس الوزراء أخذ قراراً بتسمية الإخوان جماعة إرهابية على خلفية عملية إرهابية لم يقوموا بتنفيذها؟ - جماعة الإخوان المسلمين على أحسن تقدير كما ذكرت لك هي حرضت على استخدام العنف، إن لم تكن قد استخدمته بالفعل، وبالتالي هي تأخذ العقوبة والمصير نفسيهما، فالفاعل للجريمة وشريكه لهما العقوبة نفسها سواء في القانون الدنيوي أم حتى القانون الإلهي، وبعيداً عن الفعل الإرهابي وجريمة الإخوان منذ عزل محمد مرسي من السلطة إلا أن الجماعة مصرة على أن تأخذ العنف وسيلة لتحقيق مطالبها وطموحها للصعود للسلطة مرة ثانية، وعلى كل الأحوال أنا لست نادماً على وصف الإخوان بجماعة إرهابية. وافقت على فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة رغم أنك رفضت التعامل بالطريقة نفسها مع معتصمي ماسبيرو وقدمت استقالتك من وزارة عصام شرف؟ - لا بد أن يعرف الناس أن هناك فرقاً بين اعتصام رابعة العدوية وماسبيرو، حاولنا فض اعتصام الإخوان بأي وسيلة فأصبح ذلك غير ممكن، بل ومستحيلاً وفوجئنا بأن دولاً تقوم بدعم هؤلاء المعتصمين مثل قطر وتقدم الولايات المتحدة الأمريكية دعماً لهم بهدف إسقاط الدولة المصرية، وكان هدفهم الأسمى سايكس بيكو جديدة يقسمون من خلالها العالم العربي والإسلامي؛ والهدف الأهم لهم كان ممثلاً في مصر والأداة التي كانوا يستخدمونها في ذلك هم جماعة الإخوان المسلمين. وبالتالي أنا مرتاح لقرار فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة ولا يمكن مقارنته بالطريقة التي قامت أجهزة الأمن بفض اعتصام ماسبيرو، وكنت أرى حلولاً كثيرة كان يمكن استخدامها في فض الاعتصام قبل اللجوء للعنف، وقد كان عنفاً مفرطاً، وعلى كل الأحوال، نحن نحافظ على كل قطرة دماء ونراها غالية. مهمتي وطنية قبلت تشكيل الوزارة في مرحلة حرجة من تاريخ مصر وبعد عزل مرسي من السلطة، ألم تكن تخشى الفشل أو الإفشال؟ - كنت أعتبر مهمتي وطنية في المقام الأول، وعن نفسي لم أكن أرغب في تولي سلطة ولكنني استشعرت خطورة ما تمر به البلاد وكان لا بد من المشاركة بإيجابية بعيداً عن التفكير في نفسي، فقد حققت لنفسي وذاتي ما يمكن أن أكتفي به ولكنني رأيت استدعاءً للوطن وما كان عليّ سوى التلبية، ولو عاد بي الأمر لقبلت الوزارة وتحملت العبء، فشرف للإنسان أن يكون جندياً خادماً لوطنه حتى أقصى الحدود وأن يموت فداءً لهذا الوطن. تعليم الشباب مررت بوظائف كثيرة وتوليت مناصب في كل دول العالم، هل تفكر العودة إلى مناصبك القديمة بعد تركك الوزارة؟ - أفضل وظيفة عملت فيها وكنت سعيداً بها وأحب أن أظل مؤدياً فيها هي عملي كمدرس وأستاذ ومحاضر في الجامعة، فأنا أستشعر أنني أقدم خدمة جليلة للوطن والإنسانية من خلال تعليم الشباب، وأشعر أنني أورث الخبرة إلى جيل جديد يستطيع أن يقود السفينة، ويكفيني أن أكون مستشاراً لبعض المؤسسات الاقتصادية ولا أرغب أن أعود لحلبة السياسة مرة ثانية، فعودتي لها كان رغماً عني ولكنني أفضل أن أكون معلماً وبناءً في المؤسسات الاقتصادية للوطن. وأنا سأظل معطاءً حتى آخر لحظة في حياتي، ولن أقول مثل الآخرين سأقضي بقية حياتي مرتاحاً بعد مشوار طويل من العمل، فحياتي وصحتي في العمل والعطاء، فبهما تتجدد خلايا الإنسان، فيعيش أفضل وأكثر، ولا مانع من أن أكون طالباً للعلم أيضاً. نستطيع التغلب عليها ما توقعاتك إزاء المستقبل؟ - لا شك أن المستقبل سيكون أفضل، فنحن نسير إلى الأمام بخطى متصارعة، وحديثي هنا أقصد منه مصر والوطن العربي والإسلامي، فرغم وجود تحديات كثيرة تواجهنا إلا أننا نستطيع التغلب عليها ومواجهتها. لو طلبت لتشكيل الوزارة مرة أخرى، هل توافق؟ - لا أرغب في ذلك ولكنني أجد ضرورة ملحة في تلبية نداء الوطن كما قلت لك، وأنا أردد عبارة أن حب الوطن محفوف بالمكارة، لا يمكن أن يدعي شخص أنه يحب وطناً دون أن يقدم لهذا الحب من وقته وعمله، فحب الوطن لا يكون بالتمني وإنما بالعمل المخلص من أجل أن يعلو الوطن ويستقر ويصبح في عليين. ما نصيحتك التي توجهها للمصريين الفترة القادمة؟ - نصيحة مختصرة ومركزة أن اعملوا واصبروا وصابروا ورابطوا حول مصر، فكلما عملت لهذا الوطن وحافظتم عليه حافظ الله لكم عليه، ولذلك لا تتوانوا في تقديم كل غال وثمين من أجل أن يبقى الوطن ويظل مرفوع الهامة. وما نصيحتك للحكومة المصرية؟ - لا بد أن تسير الحكومة المصرية في خطوات متسارعة من أجل تحقيق نماء اقتصادي سريع، فلو سقطت مصر سقطت معها دول كثيرة، لا بد أن يدركوا أن مهمتهم عظيمة وهي ليست مهمة محلية ولا إقليمية وإنما مهمة دولية عظيمة، فلا أكون مبالغاً إذا قلت إن الحكومة تحافظ على الأمن القومي العربي والإقليمي والدولي وكذلك تحافظ على الإسلام. مواجهة كل التنظيمات بشأن تعامل الحكومة الحالية مع الإخوان والحكومات التالية، هل لديك ما توجهه لها؟ - نصيحتي مواجهة ليس تنظيم الإخوان فقط وإنما مواجهة كل التنظيمات التي تريد أن تكون فوق الدولة، وهنا لا أتحدث عن تنظيم مسلح، فالأصل مواجهة كل التنظيمات المسلحة وكل التنظيمات التي تحرض على استخدام العنف أيضاً، وأي تنظيم آخر يرى نفسه أنه فوق الدولة. في النهاية، ما تطلعاتك الشخصية؟ - أتطلع إلى مستقبل أفضل وغد مشرق، تسطع فيه شمس الحرية وينهض فيه الوطن العربي ويواجه فيه كل المخططات التي تحاك ضده بهدف التقسيم، فيظل وطناً متماسكاً قوياً وتظل لحمته واحدة تجاه أعداء الوطن الأكبر. أصدرت عندما كنت رئيساً للوزراء قراراً بوصف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، ما خلفيات هذا القرار، وماذا عن كواليس صدوره؟ - جماعة الإخوان المسلمين قامت بأعمال إرهابية بعد عزل محمد مرسي من السلطة وهو ما دفعني لأخذ هذا القرار وهو بالمناسبة ليس قراراً سياسياً، وإنما جاء بعد حادث تفجير مديرية أمن الدقهلية في ديسمبر 2013، فإذا أحسنا الظن بجماعة الإخوان المسلمين فإنها وفرت غطاء للجماعات والتنظيمات الإرهابية ووفرت بيئة خصبة للعنف إن لم تكن قد شاركت في هذا العمل الإرهابي، وكل هذه الأسباب وغيرها دفعتنا لاتخاذ قرار بوصف الإخوان جماعة إرهابية. والحقيقة أنني كنت مصراً على اتخاذ موقف إزاء هذه العملية الإرهابية الخسيسة التي راح ضحيتها العشرات من ضباط الشرطة، فليس معقولاً أن تقف الحكومة صامتة أمام الممارسات الخسيسة للإرهابيين، وقتها كحكومة كنا نستشعر المسؤولية وقلنا إننا لن نستبق الأحداث وما زال الحدث نظر القضاء ولكننا رأينا أن نضرب الجماعة على رأسها حتى يقل مستوى هذه العمليات الإرهابية، خاصة أننا على يقين أن الإخوان يكون يوفرون دعماً معنوياً لتنظيم أنصار بيت المقدس الذي أعلن مسؤوليته فيما بعد عن العملية. ولك أن تتخيل أن جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية على سبيل المثال، رغم أنها مارست الإرهاب علناً دفاعاً عن جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن «الإخوان» لم ينددوا بعملياتهم الإرهابية، فقط العملية الوحيدة التي نددوا بها هي عملية تفجير مديرية أمن الدقهلية والسبب في ذلك أن مجلس الوزراء وقتها أخذ قراراً بتسمية الإخوان جماعة إرهابية، ووقتها أدركنا أن قرارنا كان صحيحاً وصائباً.

مشاركة :