رجّح مسؤولون إيرانيون مقتل جميع ركاب طائرة مدنية تحطمت في منطقة جبلية جنوب البلاد، في إطار مسلسل كوارث جوية نتيجة تقادم أساطيل شركات الطيران، بعد سنوات من العقوبات الدولية. وتضاربت المعلومات أمس، في شأن مصير الركاب الـ65، إذ عجزت فرق الإنقاذ عن الوصول إلى مكان حطام الطائرة في جبال زاغروس، نتيجة عاصفة ثلجية تضرب المنطقة، أدت إلى ضباب كثيف ورياح قوية، عرقلت وصول مروحيات تقلّ تلك الفرق. والطائرة تابعة لشركة «آسمان» الإيرانية، وهي من طراز «آي تي آر-72»، صُنعت عام 1993. وكانت الشركة أعلنت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أن الطائرة كانت متوقفة عن التحليق لسبع سنوات، مستدركة أنها «ستخضع لتصليح وستعمل بعد فحصها واختبارها». وأوضح الناطق باسم «آسمان» محمد الطباطبائي أن الطائرة كانت متجهة من طهران إلى مدينة ياسوج التي تبعد 780 كيلومتراً غرب العاصمة، مضيفاً أنها اختفت عن شاشات الرادار بعد نحو 45 دقيقة على إقلاعها من مطار مهرآباد. وتابع أنها كانت تقلّ 60 راكباً، بينهم طفل، وستة من أفراد الطاقم. لكن الشركة خفّضت لاحقاً عدد الركاب إلى 59، إذ إن راكباً تأخر عن الرحلة المنكوبة، وقال لموقع «تابناك» الإخباري: «كان الله رحيماً معي، لكن قلبي يتقطع حزناً على مَن قُتلوا». وأشار الطباطبائي إلى أن «عمليات بحث أُجريت في منطقة سقوط الطائرة» تفيد بمقتل جميع ركاب الطائرة. لكنه تراجع عن تصريحاته، قائلاً: «نظراً إلى الظروف الخاصة في المنطقة، لا نزال غير قادرين على الوصول إلى الموقع الدقيق لتحطم الطائرة، ولذلك لا يمكننا تأكيد مقتل جميع ركابها في شكل دقيق وقاطع». ووجّه المرشد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني رسالتَي تعزية، وأمر الثاني وزارة المواصلات بفتح تحقيق في الكارثة. وتسيّر «آسمان» أسطولاً من 36 طائرة، بينها 3 طائرات من طراز «آي تي آر-72» صُنعت مطلع تسعينات القرن العشرين. وتتخذ شركة «آي تي آر» مدينة تولوز الفرنسية مقراً، وهي مشروع مشترك بين شركتَي «آرباص» الأوروبية و «ليوناردو» الإيطالية. وأعلن ناطق باسم الشركة في باريس أن «ظروف الحادث لا تزال غير معروفة»، مضيفاً أن الشركة ترحّب بمساعدة محققين دوليين «إذا احتاجت إليهم». وتُعتبر «آسمان» ثالث أبرز شركة طيران في إيران لجهة حجم الاسطول، وراء شركتَي «إيران آر» و «ماهان آر». لكن دول الاتحاد الأوروبي حظّرت تحليق طائرتها في أجوائها، لمخاوف مرتبطة بالسلامة العامة. ويشكّل تحطم الطائرة أمس، كارثة طيران أخرى في إيران التي تعاني من تقادم أسطولها، بعد منعها لسنوات من شراء قطع غيار للصيانة، نتيجة العقوبات الغربية التي كانت مفروضة عليها، على خلفية برنامجها النووي. ومكّن الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست عام 2015، طهران من الحصول على تلك القطع، ووقّعت شركات الطيران الإيرانية صفقات بعشرات البلايين من الدولارات، لشراء طائرات جديدة من شركتَي «آرباص» و «بوينغ». لكن رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب المصادقة مجدداً على الاتفاق، أثار شكوكاً في شأن تنفيذ تلك الصفقات. وعانت «آسمان» من كوارث جوية كبرى، أوقعت خسائر في الأرواح. ففي تشرين الأول 1994، تحطمت طائرة ركاب من طراز «فوكر أف-28 1000» قرب مدينة ناتانز التي تبعد 290 كيلومتراً جنوب طهران، ما أدى إلى مقتل ركابها الـ66. كما أن طائرة تابعة للشركة، من طراز «إيتيك آر بوينغ 737»، تحطمت في قيرغيزستان في آب (أغسطس) 2008، ما أسفر عن مقتل 74 شخصاً. وشهدت إيران سلسلة كوارث جوية ضخمة في العقود الأخيرة، كان آخرها عام 2014، عندما تحطمت طائرة تابعة لشركة «سباهان»، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً.
مشاركة :