عدم استعمال الهاتف أثناء القيادة مسؤولية مرافقي السائقينكشفت العديد من الإحصائيات والدراسات عن ارتفاع نسب حوادث الطرقات والوفيات بسبب الهواتف المحمولة، وحاولت بعض الدول إيجاد قوانين ردعية، إلا أن صحافية بريطانية ترى أن الحل الحقيقي يكمن بيد مرافق السائق تحديدا، من خلال تخليه عمّا وصفته بالحرج الاجتماعي، لتنبيه السائق إلى ضرورة ترك الهاتف جانبا، وعدم إجراء محادثات أثناء القيادة.العرب [نُشر في 2018/02/19، العدد: 10905، ص(12)]على مرافقي السائق التحلي باللباقة لحمل السائق على عدم استعمال الهاتف لندن – شهدت السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في عدد مستخدمي الهواتف المحمولة، وهي آخذة في التزايد بوتيرة متسارعة، بحيث أصبح الهاتف شديد الالتصاق بالحياة اليومية للبشر في كل فصولها وممارساتها، وصار أداة أخرى للرفع من عدد حوادث السير المميتة. وكانت دراسة جديدة أجرتها شركة بايدو الصينية العام الماضي قد أكدت أنه بحلول عام 2020، سيكون هناك 6.1 مليار مستخدم للهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم. وقالت الدراسة إن 60 بالمئة من المستخدمين ينظرون إلى الهواتف الذكية كأداة اتصال، في حين يرى 23 بالمئة أنها جزء أساسي من حياتهم، و8 بالمئة يستخدمونها بمثابة أداة للتواصل الاجتماعي و9 بالمئة من الناس يتعاملون معها على أنها أداة للترفيه. وعلى الرغم من أن الكثير من البلدان تجرم استعمال الهاتف أثناء قيادة السيارة، فإن أغلب السائقين لا يمتثلون للقوانين الردعية ولا يتوانون عن استخدام الهاتف داخل مركباتهم. وغالبا ما تسفر القيادة دون تركيز عن التعرض لمخاطر قاتلة تؤذي السائق ومن معه داخل السيارة وتضرّ بمستعملي الطريق أيضا، لذلك يرى البعض أن هذا السلوك يستدعي تحركا سريعا واتخاذ موقف عاجل تجاه هذه القضية الدخيلة عن طريق التغلغل التكنولوجي في حياة البشر، ولا سيما من قبل مرافقي السائقين. عدم ارتياح لفتت صحافية في مقال نشر بـ”ذا غارديان” البريطانية، مؤخرا، إلى أنها شعرت بعدم الارتياح وأن حياتها في خطر بسبب رد صديقتها أثناء قيادتها للسيارة على الهاتف رغم أن المحادثة لم تدم طويلا وأنها اعتذرت، إلا أن صاحبة المقال ترى أنه كان من واجبها تنبيه صديقتها لفداحة الخطأ الذي ارتكبته في حقها وحق نفسها وحق الآخرين من حولها.الجالس بجوار سائق بيده هاتف عليه إما أن يكون حادا وينبهه إلى الخطر الداهم وإما أن يكتفي بالمراقبة وأكدت أن شعورها ليس مبالغا فيه بالنظر إلى الإحصاءات التي لا يمكن تجاهلها حول ارتفاع عدد حوادث السيارات بسبب استخدام الهاتف أثناء القيادة، ففي عام 2015، لقي حوالي 3500 شخص مصرعهم، وأصيب حوالي 400 ألف آخرين في حوادث السيارات بسبب القيادة دون تركيز. وتدعو مرافقي السائقين إلى ضرورة تذكير الجالسين وراء عجلة القيادة دون أي تردد، بأهمية عدم الانشغال عن القيادة بالرد على الهاتف، مشيرة إلى أن الكثير منا يمارس هذه العادة أو نتقبلها عندما يفعلها الآخرون، على الرغم من أن الهاتف يكاد يكون خطرا تماما مثل القيادة تحت تأثير الكحول. وقالت إن السبب الرئيسي وراء استسهال استخدام الهاتف الذكي أثناء القيادة يعود إلى أمرين هامين؛ أولهما مدى تغلغل التكنولوجيا في حياتنا اليومية، وثانيهما يكمن في ثقتنا اللامتناهية في قدرتنا على السيطرة على مسار الطريق حتى عند استخدامنا للهواتف، ويعوّل الكثيرون على إمكانياتهم لشدّ فرامل السيارة في أيّ لحظة، وعلى أن لا أحد ينافسهم في أدائهم في طريقة قيادة للسيارة. غير أن التجارب أثبتت في الكثير من الأحيان عدم جدوى هذه الأفكار التي يحاول العديد من السائقين إقناع أنفسهم بالدرجة الأولى وإقناع الآخرين بها، ومع ذلك يستمرون في إطلاق المبررات من قبيل إنها محادثة هاتفية لمدة دقيقتين فقط؛ لديّ مهام كثيرة وعليّ أن أتابعها؛ إنني حقا أركز جيدا مع الطريق. ويظنون أن كل شيء يسير على ما يرام حتى يأتي سائق آخر، يستخدم هاتفه المحمول بنفس الطريقة، يتصرف بشكل غير متوقع أمامهم وقد يتأخرون في رد الفعل وتكون النتيجة كارثية. وهنا يأتي دور الجالس بجوار السائق لأن واقع الصدمة يكون أشدّ عليه، ويكون أكثر إدراكا بهذه المخاطر بوصفه أكثر انتباها من السائق الذي شوّش تركيزه بالرد على هاتفه، فإما أن يكون حادا وينبه السائق إلى الخطر الداهم، وإما أن يكتفي بالمراقبة وهذه النقطة بالذات تسم أغلب مرافقي السائقين. التغلب على الحرج يوجد أشخاص لديهم حرص شديد على تنبيه السائقين بكل لباقة للتخلي عن هواتفهم أثناء القيادة وعدم صرف انتباههم إلى استراق النظر إليها أو الرد عليها قائلين بكل حزم “أيها السائق أبق عينك على الطريق من فضلك”.الانشغال بالهاتف هو المصدر الرئيسي لأخطار القيادة وتحطم السيارات في الولايات المتحدة. وقد يرى البعض هذا التصرف فظا وغير ملائم، لكنه يظل أفضل بكثير من الإحراج الاجتماعي، الذي يدفع بالمرافقين إلى الصمت وبالتالي المساهمة في تعريض أنفسهم للخطر. ويحتاج الكثير من الناس إلى التغلب على هذا الشعور السلبي لأنهم حتما سيواجهون في غضون سنوات قليلة عددا من الحوادث، والوفيات الناتجة عن استخدام الهاتف أثناء القيادة بشكل متزايد، وستوضع القوانين الدولية التي سيصبح خرقها من المحرمات. ولذلك على الكثير من الأشخاص أن يحاولوا التغلب على الإحراج الاجتماعي حتى ينقذوا العديد من الأرواح التي تتعرض للهلاك بسبب الهواتف المحمولة، وأن يكونوا مواكبين لركب التكنولوجيا حتى لا يكونوا عرضة لخطر الموت. وكانت دراسة أجرتها شركة “كامبريدج موبايل تيليماتيكس”، العام الماضي، قد كشفت أن نصف حوادث السيارات، سببها الانشغال بالهواتف أثناء القيادة. وأفادت أن سائقا واحدا من بين كل 4، استخدم الهاتف قبيل وقوع الحادث بدقيقة واحدة، استنادا إلى تطبيق ابتكرته الشركة، يمكنه تتبع أسلوب القيادة. وجاءت نتائج الدراسة بناء على بيانات مئات الآلاف من حوادث السيارات، حيث أكدت أن الانشغال بالهاتف هو المصدر الرئيسي لأخطار القيادة وتحطم السيارات في الولايات المتحدة. ووجدت الدراسة أن متوسط انشغال السائقين بالهاتف في كل 100 ميل من القيادة هو 3.17 دقيقة، في الولايات التي تحظر قوانينها استخدام الهواتف خلال القيادة، و3.25 دقيقة في الولايات التي لديها قوانين تحظر استخدام الأجهزة المحمولة أثناء القيادة للذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، و3.82 دقيقة لدى الولايات التي ليس لها قوانين تمنع استخدام الأجهزة المحمولة. وعلى الرغم من أن الانشغال باستخدام الهاتف الجوال ليس السبب الوحيد في ارتفاع الوفيات بين المشاة، إلا أن التقارير تؤكد أنه السبب الرئيسي، لأنه يشتت الانتباه بشكل خطير.
مشاركة :