بعد تراجع الإسلام السياسي.. لماذا الاحتفاظ بغولن والإخوان

  • 2/19/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لماذا لا تزال أميركا تحتفظ بغولن ولا يزال أردوغان يحتفظ بالإخوان ويوظفهم في سوريا وغيرها، على الرغم من تيقن الجميع بأن المشروع انهار والإسلام السياسي تآكلت حظوظه ولم يعد له أي مستقبل في المنطقة؟ لأن أردوغان لا يزال يراهن على التلويح بنفوذه في الشرق الأوسط كعصا يسند بها مستقبل نظامه السياسي داخل تركيا.إذا وقع فتح الله غولن في يد أردوغان فليس مستبعدا أن نكون بصدد صناعة سيد قطب جديد لتيار الإسلام السياسي وثانيا لأن هذه العلاقة وهذا التوظيف المتصل من قبله هما ما يمكناه فعليا من إقناع موسكو وإيران به كشريك يمتلك أوراقا ثبت نجاحه في اللعب بها عبر أساليب المناورة وعبر الأوهام التي يحقنها في جسد جماعات الإسلام السياسي، ومعظمها الآن مرتهن لقيادته ويدين له بالولاء، بينما يسهم في الوقت ذاته وفق مقتضيات التسويات مع الشريك الروسي في إدارة هزائمها الميدانية وتقويض نفوذها في مناطق، وأحيانا يسوق البعض كمرتزقة في حربه الخاصة ضد الأكراد. لسنا بصدد البحث عمن وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو الماضي، لكن لا أحد ينكر أن تصعيد النماذج الإسلامية الأشرس والأكثر دموية وتطرفا وعنفا برعاية جماعة الإخوان وأردوغان، لدغت منها واشنطن لدغات مميتة في ليبيا وسوريا، بعد كل ما قدمته لهذه الجماعات من دعم مادي وعسكري. من الجائز تصور أن واشنطن تدير هزائم هذا التيار كمسار تدريجي للتخلص منه في مراحل لاحقة، كما يفعل أردوغان في بعض مناطق سوريا إرضاء لشريكه الروسي، لكن الوضع بالنسبة إلى أردوغان يختلف فخياراته محدودة وما قام به من تحولات حادة في اتجاهات متناقضة وضعته في طريق اللاعودة. درست واشنطن مرحلة ما بعد داعش، وهي حريصة على ألا يتكرر سيناريو الفراغ الذي تركته بعد انسحابها من العراق، ومن جهة أخرى تحرص على ألا تلعب قوة إقليمية أو عربية بالجماعات المؤدلجة لزعزعة أمن محيطها واستقرار جيرانها. تعود أميركا كونها اللاعب الرئيسي، من جديد بأوراق جديدة وحضور عسكري نوعي ومبررات حضور تمنحها المكوث طويلا لحماية مصالحها، واختيار واشنطن للأكراد ليس متعلقا بنزعات انفصالية وخطط تقسيم، وإلا لكانت تركت داعش الذي محا الحدود بين سوريا والعراق. لكنه اختيار متعلق بالنموذج الذي رعته منذ البداية وهو علمنة الإسلام السياسي ومصالحته على الغرب، وليس أسلمة العلمانية وتعميم التشدد. هذا يجعلنا نلامس الإجابة على سؤال المغزى من الاحتفاظ بغولن؛ فأميركا التي تراجع مجمل تجربتها مع الإسلام السياسي على ضوء أحداث ووقائع السنوات الماضية ترغب في الإمساك بطرف المعادلة الآخر. إذا وقع غولن في يد أردوغان فليس مستبعدا أن نكون بصدد صناعة سيد قطب جديد لتيار الإسلام السياسي، وهو ما يعجّل من انتقال الخدمة لمرحلة الفوران والاشتعال، مع تغييب زعيمها الذي يوجهها إلى الآن إلى رد الاضطهاد بالصبر. أميركا لم تكن فقط تبحث عن حليف استراتيجي، إنما كانت تبحث عن نموذج صالح للتعميم، وأخطأته بعد دفع ثمن باهظ للشراكة مع الإسلام السياسي. وهي الآن تتدخل بنفسها لفرض نموذج تضمنه نصوص دستورية ملزمة.

مشاركة :