بعد ما يقرب 20 عاماً على أكبر واقعة احتيال مصرفي في العالم باستخدام «السحر الأسود» استهدفت أحد البنوك الخليجية، وأضاعت 242 مليون دولار في أغسطس 1995، خرج بطل القصة فوتانغا باباني سيسوكو عن صمته، وروى ما حدث. وحسب الصحافية في «بي بي سي»، بريجيت شيفر، والتي التقت سيسوكو في مسقط رأسه بمالي، فإنه ما زال حراً طليقاً، ويعيش من دون أن يدخل السجن ليوم واحد. وتصف ما قام به بأنها واحدة من أكثر حيل النصب جرأة وثقة في التاريخ. وتقول بريجيت: كانت البداية عندما ذهب مواطن مالي في إحدى دول الخليج يدعى فوتانغا سيسوكو، لطلب قرض من أحد البنوك لشراء سيارة، وكان الخطأ الذي ارتكبه مدير البنك، هو قبول دعوته على العشاء كنوع من رد الجميل للموافقة على القرض. وأثناء العشاء بدأ سيسوكو تنفيذ مخططه بادعاء شيء مدهش، وهو امتلاكه قدرات سحرية، وأنه يمكنه توليد الأموال، بمعنى مضاعفة أي مبلغ يريده، ودعا المصرفي للحضور إليه مرة أخرى ومعه مبلغ من المال لتأكيد قدرته السحرية على زيادة الأموال. ولم ينتظر مدير البنك طويلاً حتى ذهب مجدداً إلى منزل سيسوكو ومعه أمواله، وقابله الرجل مندفعاً من إحدى غرف المنزل، وهو يصيح بأن الجن هاجمه للتو، وحذره من إغضاب الجن، وإلا فلن تتضاعف أمواله، فاستجاب المدير على الفور، وترك الأموال في الغرفة المسحورة، وظل ينتظر. وروى مدير البنك ما حدث معه، فقال: «رأيت ضوءاً ودخاناً، وسمعت أصوات الجن. ثم فجأة ساد الصمت»، وكانت المفاجأة أن الأموال توالدت، وتضاعفت كما وعده الساحر، وهنا ظهر السرور على وجه المدير، ومن هنا تهيأت الأمور لعملية السطو الكبرى. ويصف ألان فاين، محقق من ميامي استعان به البنك الخليجي في ما بعد للتحقيق في الجريمة، ما حدث قائلاً «مدير المصرف آمن بأن ما حدث كان سحراً أسود، وأن سيسوكو بالفعل قادر على مضاعفة الأموال». ودين مدير البنك بالاحتيال وسجن 3 سنوات، وأجبر على الخضوع لعلاج من السحر، ويوضح أنه بعد ذلك أرسل أموالا إلى سيسوكو، وكانت من أموال البنك، واعتقد أنها ستعود إليها أضعافاً مضاعفة ويستفيد منها. وحسب أوراق القضية، فقد أجرى مدير المصرف الخليجي 183 تحويلاً مالياً إلى حسابات سيسوكو حول العالم، في الفترة من 1995 إلى 1998، كما عمل سيسوكو على استخدام أموال بطاقات ائتمانية كبيرة، بلغت الملايين، حسب فاين، وكان مدير البنك يتولى تسوية هذه الأموال. وفي عام 1998، بدأت الإشاعات تتناول البنك وأزمته المالية، حينها نشرت إحدى الصحف الخليجية تقريراً عن أن البنك يعاني أزمة سيولة، وحدثت اضطرابات وتجمع المودعون لسحب أموالهم. وقال فاين إن حقيقة ما حدث أن مالكي البنك تعرضوا لضربة كبيرة وكبيرة جداً. ولم تكن أموال التأمينات لتغطيها، وما أنقذهم هو وقوف الحكومة إلى جانبهم ومساعدتهم، لكنهم تخلوا عن الكثير من حصتهم في البنك مقابل هذا. في هذا الوقت، كان سيسوكو بعيداً جداً ينعم بأموال البنك، حيث فتح حساباً في «سيتي بنك» في نيويورك، واستخدمه لتحويل 151 مليون دولار، فقد وضع مخططا من البداية يقضي بعدم التواجد في الدولة الخليجية أثناء تلقي الأموال، واعتمد على أن يكون بعيداً عنها بينما تتدفق الأموال إليه في الخارج. فبعد أسابيع قليلة من عرضه السحري أمام مدير البنك، توجه سيسوكو في نوفمبر 1995، إلى مصرف آخر في نيويورك، وفعل أكثر بكثير من فتح حساب. وقال فاين: «لقد دخل إلى مقر سيتي بنك يوما ما، من دون موعد سابق، والتقى بإحدى الموظفات في قسم التحويلات المالية وسرعان ما تزوجها». ويوضح المحقق الأميركي أن تلك السيدة «لعبت دوراً في تسهيل علاقته مع سيتي بنك، وانتهى به المطاف لفتح حساب هناك، يمكنني تذكر أنه من خلاله تم تحويل أكثر من 100 مليون دولار إلى الولايات المتحدة». ووفقاً للقضية التي رفعها البنك الخليجي ضد «سيتي بنك»، فقد تم تحويل أكثر من 151 مليون دولار، خصمها «سيتي بنك» من حساب المراسل الخاص بالبنك الخليجي من دون إذن مناسب، وقد تم إسقاط القضية لاحقاً. ولدى سؤاله هل يسيطر على الناس باستخدام السحر الأسود؟ رد سيسوكو بالقول «سيدتي إذا امتلك شخص هذه القوة فلماذا يضطر للعمل؟ فإذا كان معك هذه القوة يمكنك الجلوس مكانك وسرقة كل البنوك في العالم». أما حول ما إذا ما زال ثريا؟ فأجاب بحدة «لا، لم أعد ثرياً، أنا فقير». تجدر الإشارة إلى سيسوكو نجح بتحدي الإنتربول، وقضى 20 عاما هارباً حتى لو كان قد بدد كل أمواله، ولم يعد باستطاعته مغادرة مالي.Post Views: 14
مشاركة :