حمورية (سوريا) (أ ف ب) - استهدفت قوات النظام السوري الاثنين بالغارات والمدافع والصواريخ منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق موقعة نحو 80 قتيلا من المدنيين، بعد تعزيزات عسكرية مكثفة تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب العاصمة. واكتظت مستشفيات الغوطة الشرقية بالمصابين وبينهم كثير من الأطفال، في منطقة تعاني نقصا حادا في المواد والمعدات الطبية جراء حصار محكم تفرضه قوات النظام عليها منذ 2013. وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس الاثنين ان استهداف المدنيين في الغوطة الشرقية "يجب أن يتوقف حالاً" في وقت "يخرج الوضع الانساني عن السيطرة". وأبدى قلقه "العميق ازاء التصعيد الأخير لأعمال العنف" في الغوطة الشرقية. ومنذ صباح الاثنين واصلت حصيلة القصف العنيف بالغارات والصواريخ والقذائف الارتفاع تدريجًا لتصل إلى "77 قتيلاً مدنياً بينهم ما لا يقل عن 20 طفلاً"، وفق ما قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس. وأوقع القصف أيضاً أكثر من 300 جريح ولا يزال كثير من المصابين تحت أنقاض المباني المهدمة. وكان المرصد أفاد في حصيلة اولية صباح الاثنين عن 18 قتيلاً، إلا أن القصف استمر طوال اليوم ما اسفر عن سقوط مزيد من القتلى. وأفاد مراسلو فرانس برس في الغوطة عن استمرار القصف الجوي والصاروخي مساء الاثنين. واكتظ مستشفى في مدينة دوما بالمصابين القادمين من مدن وبلدات عدة. وشوهد طفلان يجلسان على احد اسرة المستشفى، الاول لف وجهه وعينيه بضمادات، والثاني لف جبينه بقطعة قماش. وانهمك عدد من الممرضين في علاج طفل كان يصرخ من شدة الألم، ولم يكن بالامكان رؤية معالم وجهه من كثرة الدماء عليه. وفي مشرحة المستشفى، شاهد مراسل فرانس برس 11 جثة ممددة أرضا وقد لفت بأقمشة سوداء. وشهدت الغوطة الشرقية في الأسبوع الثاني من شباط/فبراير الحالي وطوال أيام تصعيداً عنيفاً تمثل بعشرات الغارات التي أودت بحياة نحو 250 مدنياً. وردت الفصائل باستهداف دمشق، موقعة أكثر من 20 مدنياً. وبعد التصعيد، ساد هدوء قطعه بين حين وآخر قصف متبادل بين الطرفين، قبل ان يستأنف مساء الأحد باستهداف قوات النظام الغوطة مجدداً، ما أودى بحياة 17 مدنياً. - "حرب الإبادة" - واتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ومقره اسطنبول، روسيا بأنها "تريد دفن العملية السياسية" من خلال هذا التصعيد. واضاف في بيان "لم تكن حرب الإبادة الجماعية ولا الاعتداء الهمجي ليقعان على أهالي الغوطة، لولا الصمت الدولي المطبق". وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "التصعيد الجديد يُمهد لهجوم بري لقوات النظام" بعدما استكملت تعزيزاتها العسكرية قرب الغوطة. وتترافق الاستعدادات مع مفاوضات "بين قوات النظام والفصائل المعارضة" هدفها خروج هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) من الغوطة، وفق عبد الرحمن الذي اعتبر أن بدء الهجوم مرتبط بفشل هذه المفاوضات. ويقتصر تواجد هيئة تحرير الشام في الغوطة على مئات المقاتلين في بعض المقار، وبشكل محدود في حي جوبر الدمشقي المحاذي لها. لكن "جيش الإسلام"، الفصيل الاقوى في الغوطة، ينفي مشاركته في أي مفاوضات حالياً مع النظام. وقال مدير مكتبه السياسي ياسر دلوان لفرانس برس "اذا اختار النظام الحل العسكري مرة اخرى سيرى ما يسوغه في الغوطة الشرقية". وشارك "جيش الاسلام" في مفاوضات برعاية روسية وايرانية وتركية جرت في استانا مع قوات النظام وممثلين آخرين عن المعارضة. وأرست هذه المفاوضات مناطق "خفض توتر" في سوريا، بينها الغوطة. وأفاد مراسل فرانس برس بسقوط قذائف عدة مساء الأحد على دمشق. وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مقتل شخص. ويثير احتمال بدء هجوم لقوات النظام، خشيةً لدى المدنيين في دمشق من القذائف التي تستهدفهم منذ سنوات على وقع التصعيد في ريف دمشق. - "عفرين وتركيا" - في شمال البلاد، تجري مفاوضات قد تؤدي إلى دخول قوات النظام إلى عفرين الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، ما قد يغير مسار العمليات، في ظل هجوم تركي مستمر منذ شهر على المنطقة. ونقلت "سانا" صباح الاثنين أن "قوات شعبية ستصل الى عفرين خلال الساعات القليلة القادمة لدعم صمود أهلها في مواجهة العدوان الذي تشنه قوات النظام التركي". إلا أن مراسل فرانس برس لم يرصد دخول أي قوات جديدة إلى عفرين، كما لم تتضح هوية تلك "القوات الشعبية" وما سيكون دورها. وكانت الإدارة الذاتية الكردية في عفرين طالبت دمشق إثر بدء الهجوم التركي قبل شهر بالتدخل لحماية المنطقة عبر نشر قوات على الحدود مع تركيا. ورفض الأكراد في الوقت ذاته اقتراح روسيا والنظام بعودة مؤسسات الدولة إلى المنطقة. إلا أن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو حذر الاثنين خلال زيارة الى عمان من انه "اذا كانت قوات النظام ستدخل (عفرين) لطرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، لا مشكلة. لكن ان كانت ستدخل لحماية وحدات حماية الشعب الكردية، فلن يستطيع احد ايقافنا او ايقاف الجنود الاتراك". وأجرى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اتصالا هاتفيا بنظيره الروسي فلاديمير بوتين الاثنين ناقشا خلاله التطورات في سوريا. ونقلت وسائل اعلام تركية عن اردوغان قوله لبوتين ان اي مساعدة ستقدمها دمشق للوحدات في عفرين "ستكون لها عواقب". وانسحبت القوات الحكومية السورية من المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال وشمال شرق البلاد عام 2012، ثم أعلن الاكراد قيام إدارة ذاتية ونظام فدرالي في مناطق سيطرتهم. وهو أمر طالما رفضته دمشق.عبد المنعم عيسى مع مايا جبيلي في بيروت © 2018 AFP
مشاركة :