قال سعادة سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية إن الحصار الجائر الذى فرضته بعض الدول على دولة قطر يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان، ليس فقط المنصوص عليها فى القوانين الوطنية والمواثيق الاقليمية والدولية، وإنما كذلك انتهاكا للمبادئ والقيم الدينية الثابته التي دعت لترسيخها كل الأديان والشرائع السماوية. جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية لسعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية للمؤتمر الثالث عشر لحوار الأديان الذي انطلقت فعاليته اليوم الثلاثاء بفندق شيرتون الدوحة، بمشاركة 500 مشاركا من فقهاء وعلماء وأكاديميين متخصصين في مجال حوار الأديان. وقال سعادته إن الدورة الثالثة عشر لحوار الأديان، تتناول موضوعاً ملحاً "الأديان وحقوق الإنسان" وهو ما يكسب هذا المؤتمر أهمية كبرى فى الوقت الراهن، في ظل الظروف التى يشهدها العالم والتي زادت فيها حدة الإنقسامات نتيجة لمظاهر التوتر والنزاعات وعدم الإستقرار فى مناطق عديدة من العالم. وتابع: لعلنا جميعاً لسنا بحاجه للتأكيد على الارتباط الوثيق بين القيم والتعاليم والمبادئ الإنسانية في كافة الشرائع والأديان، وبين حقوق الإنسان باعتبارها مبادئ سامية، يجب أن تحكم حياتنا ومجتمعاتنا، الأمر الذي يتطلب تعزيز الجهود العالمية والإقليمية والمحلية بشأن تطبيق هذه القيم والمبادئ والربط بينها وبين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وبخاصة الشرعية الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان المتمثلة فى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عنها عام 1948 والعهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966. وشدد المريخي، على أن الحوار بين الأديان يجب أن يتناول القضايا الكلية التي تتعلق بمستقبل الجميع والمفاهيم التي تحمل قواسم مشتركة من القيم الأخلاقية والمثل العليا والفضائل والمحافظة على كرامة الإنسان من أجل عالم يسوده الأمن والسلام والإستقرار لخير الانسانية جمعاء بما يفرض على المجتمع الدولي ضرورة حل الخلافات بالطرق السلمية والتصدي لظواهر مرفوضة من بينها الكراهية والتعصب الديني والعرقي من خلال التوعية وترسيخ قيم التسامح والوسطية وتجديد الخطاب الديني المعتدل مع ايلاء الاهتمام الواجب والمتوازن بمختلف حقوق الانسان وأكد سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية على أن حماية وتعزيز حقوق الانسان تأتي على رأس أولويات دولة قطر ورؤيتها الوطنية 2030، بما تتضمنه منظومتها التشريعية بنصوصها الموجبة لحماية هذه الحقوق وما تعمل عليه المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لتدعيم تلك الحماية وجعلها واقعا عمليا ملموسا. وتابع: أشير هنا إلى حرص الدولة تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد ال ثاني أمير البلاد المفدى، على تحقيق التنمية الشاملة التي تتناول بشكل أساسي حقوق الانسان من كافة جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية في إطار العدل المساواة، وتمكين المرأة وتعزيز حقوق الطفل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب ترسيخ الحريات الأساسية كحرية العقيدة والفكر والتعبير، وغيرها من الحريات الأخرى. ونوه المريخي بأنه على الرغم من الاهتمام العالمي المتزايد لحماية وتعزيز حقوق الانسان، إلا أنه من المؤسف أن نجد انتهاكات صارخة لهذه الحقوق في هذه الآونة أكثر من أي وقت مضى، ولا تأتي هذه الانتهاكات بصورة فردية، أو استبدادية كما عهدناهها من قبل. وتابع: أشير هنا إلى الحصار الجائر الذى فرضته بعض الدول على دولة قطر، وهو يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان، ليس فقط المنصوص عليها فى القوانين الوطنية والمواثيق الاقليمية والدولية، وإنما كذلك انتهاكا للمبادئ والقيم الدينية الثابته التي دعت لترسيخها كل الأديان والشرائع السماوية. وأضاف: في هذا الصدد، بات لزاما علينا جميعا تكريس الجهود لمواجهة التحديات التي تقف عائقا أمام تعزيز وحماية حقوق الانسان، والتصدي لكافة أشكال انتهاكات تلك الحقوق. وشدد وزير الدولة للشؤون الخارجية على أن الحق في الحياة والأمن أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية، وأن التعدي على هذا الحق يعد انتهاكا جسيما لكافة القيم والمبادئ الدينية في جميع الشرائع والأديان. وفي هذا الصدد نؤكد على موقف دولة قطر الثابت من الإرهاب ورفضها لكافة صورة وأشكاله والايدولوجيات التي تدعو إليه، مهما كانت أسبابه ودوافعه، مؤكدا أن دولة قطر لا تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب على كافة المستويات المحلية والاقليمية والدولية. وتابع: فى هذا السياق، نؤكد على أنه لا يوجد دين يدعو إلى الإرهاب، وأن الأديان كلها تدعو الى القيم النبيله والتسامح والحوار البناء لصالح المجتمع البشري. وخلص سعادة سلطان بن سعد المريخي إلى القول إن المؤتمر يأتي استكمالا لمسيرة بدأتموها فى مؤتمراتكم السابقة، التي تمثل الملتقى الفكري والتشاوري بين المفكرين وممثلي الأديان من مختلف أنحاء العالم، والتي يظللها الحوار الحر البناء، القائم على الاحترام المتبادل والعيش المشترك بوئام وتجانس مهما اختلفت الأديان والثقافات والأعراق. وتابع: وإذ ندرك أهمية قضية حقوق الإنسان التي سيناقشها هذا المؤتمر من منظور ديني، بما لها من أبعاد محلية وإقليمية ودولية وتستمد أهميتها من تحدي التعايش في سلام وأمن، فإن الحوار بين الأديان بات أداة رئيسية لمواجهة هذا التحدي، ومن هذا المنطلق فإننا نتطلع إلى ضرورة دراسة الكيفية المثلى لمتابعة تنفيذ التوصيات التى ستصدر عن هذا المؤتمر، ليتحقق الهدف والغاية المرجوه منه، وأننا على ثقة بأن النتائج التي سيسفر عنها هذا المؤتمر ستكون إيجابية ومثمرة من خلال مساعيكم وجهودكم لخدمة الانسانية.مورو: العالم أمام واقع مرير بدوره، قال سعادة عبدالفتاح مورو، النائب الأول لرئيس مجلس النواب التونسي، إن حقوق الإنسان من أهم القضايا التي تشغل الإنسانية والعالم بصورة كبيرة، منوها إلى أن العالم أمام واقع مرير ، حيث تنتهك فيه حقوق الإنسان بشكل مريع. وأضاف في مداخلته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الدوحة الثالث عشر لحوار الأديان صباح أمس، أن منظومات تلوثت في عالمنا الحالي، مطالبا العالم بدعم تلك القيم الحقوقية من أجل صيانة كرامة الإنسان في مختلف مناطق العالم. وأوضح أن الاديان كرمت الإنسان لأنه جوهر الايمان والتدين. وقال إن القرن العشرين والحادي والعشرين قد صان حقوق الانسان، ولذلك يجب احترام المعاهدات والقوانين الدولية، مشيرا إلى أن أصحاب الديانات يجب أن يدروا أن الدين يبدأ بإصلاح الحياة، وإصلاح الانسان، وكل ما يتعلق به. وأكد مورو أن الأديان ترعى حقوق الإنسان، وهي كانت ولا زالت قيم ثابتة ، كما أنها تحقق شخصية الانسان من جانب آخر، فالقيمة الانسانية بشكل عام بدأت مع الأديان، ولذلك فإن الدين يحرم على الانسان أن يهين أخيه الانسان، ويطالب باحترام حقوقه وبألا يذله أو يعتدي عليه، لأنه كائن رفيع وسام وقد كرمه الله تعالى. وأوضح أن كافة المتدينين في العالم يقفون صفا واحدا ضد كل من يحاول الفرقة والاعتداء على الآخرين، فالأديان متحدة حول قيمة الانسان، مطالبا بصيانة حقوق الانسان ورعاية الأفراد وفي كافة المعتقدات والقوانين. الحاخام فيرستون: مواد بالديانات السماوية يتم تفسيرها بطرق شريرة للتحريض على الكراهية من جانبه، قال قال الحاخام الدكتور ريفن فيرستون أستاذ جامعي فى كلية الاتحاد العبرية إن كل الديانات توفر دعما للقيم العليا وحماية الكرامة والحقوق الانسانية بعض النظر عن العرق أو الدين. وطالب بتغيير الصور النمطية عن الأشخاص من الأديان الأخرى والصور السلبية وغير الدقيقة التي توارثتها الأجيال، لافتاً إلى أن هناك مواد بالديانات السماوية يتم تفسيرها بطرق شريرة للتحريض على الكراهية. ونوه د. فيرستون بتعرض أصحاب الديانات السماوية من المسلمين والمسيحين واليهود للمعاناة بسبب دينهم في أماكن مختلفة، مشدداً على انفتاحه كمواطن أمريكي على نقد سياسة بلاده التي تشهد تمييزا ضد المسلمين والملونيين، وأيضا ضد إسرائيل وتعاطيها مع المسلمين والمسيحيين ورفضها اللاجئين الإفارقة. وشدد على ضرورة معاملة جميع البشر باحترام حتى وقت الخلاف، ولابد من تبادل الآراء ووجهات النظر لتحقيق مزيد من التفاهم والاحترام المتبادل.الأسقف شفيلي: سنخاكم على تضامننا مع الإنسان مستقبلا من جانبه، قال الأسقف مالخاس سونغولا شفيلي، مطران وأسقف تبليسي وأستاذ في علم اللاهوت المقارن في جامعة إيليا الحكومية في جوريا، إن المسيحيين والمسلمين قاموا بحماية حقوق الانسان وحان الوقت أن نظهر تضامناً أكبر مع بعضنا البعض ليس فقط مع دياناتنا ولكن مع الجميع. ودعا الأسقف شفيلي، لتضامن الأديان فيما بينها، مشيراً إلى أن ذلك التضامن سيكون فعالاً أكثر عندما يحمي المسلمين حقوق المسيحيين ويحمي المسيحيون حقوق المسلمين واليهود أيضاً، وحان الوقت لنتضامن مع بعضنا.. هذا ما نريده. وتابع الأسقف، "سنحاكم في المستقبل ولكن ليس على أساس التكنولوجيا أو الفلسفة، وانما على كيف أظهرنا تضامننا وتعاطفنا مع أخينا الانسان الذين انتهكت حقوقه وانتهكت كرامته وحريته... هذه هي رسالتنا كديانات سماوية، علينا أن نحمي حقوق الانسان لكل الديانات". وبين الأسقف في كلمته بالمؤتمر، إن التقاليد الإبراهيمية أرست فهماً للطبيعة المقدسة للإنسانية والانسان قبل الإعلان العالمي عن حقوق الانسان في 1942، حيث كان هناك مفهومين سائدين أحدهما كان مفهوم صورة الله والأخر سلام الله، مشيراً إلى أن الله خلق الانسان على صورة الله دون سائر المخلوقات الأخرى. وتابع، كما جاء في الحديث الشريف عن ابي هريرة فإن الله خلق ادم على صورته، وكل هذه الأمثلة تشير إلى العلاقة الخاصة ما بين الله والخلق. وايضاً قال الرسول الكريم عندما يتعارض أحدكم مع أخيه عليه أن يتفادى وجهه لأن الله خلق أدم على صورته. وهذا ايضاً يعني بأن الانسان يجب أن يرى وجود الله في كل كائن بشري. وتسائل هل يمكن أن يكون هناك سلام دون سلام عالمي وهل يمكن أن تكون هناك حقوق انسان دون ان تكون هناك حقوق جماعية شاملة؟ مجيباً أن هذا الامر تطلب مئات الأعوام وحصل هذا فقط بعد الحربين العالمية الاولي والثانية، وبدأ المسيحيون يعون فعلاً بأنه لا يمكن أن تكون هناك شمولية للسلام.;
مشاركة :