في تطور خطير للموقف على الحدود السورية التركية، قصفت القوات التركية مدخل بلدة عفرين بشمال سوريا، بعد دخول عشرات المقاتلين الموالين للحكومة السورية إلى المنطقة. ودخلت القوات الموالية للحكومة السورية منطقة عفرين في شمال غرب سوريا اليوم، الثلاثاء، لمساعدة وحدات حماية الشعب الكردية على التصدي لهجوم تركي، الأمر الذي يثير احتمال اتساع نطاق الصراع. وبعد قليل من وصول قافلة المقاتلين، وهم يلوحون بأعلام سورية، ويشهرون الأسلحة إلى عفرين، أفادت وسائل إعلام رسمية سورية بأن تركيا استهدفتهم بنيران المدفعية. ويضع ذلك الجيش التركي والفصائل السورية المتحالفة معه في مواجهة مباشرة مع التحالف العسكري، الذي يدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي يزيد من تعقيد ساحة القتال الفوضوية بالفعل في شمال غرب سوريا. ووصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، القافلة بأنها مؤلفة من “إرهابيين” تحركوا بشكل مستقل، وقال إن نيران المدفعية التركية أجبرتهم على التراجع، رغم نفي الجماعة الكردية ذلك. وقال قائد في التحالف العسكري، المؤيد للأسد، في تصريح لرويترز، إن القوات تراجعت بعد تعرضها لإطلاق النار، ثم استأنفت تقدمها وهي الآن في عفرين. وكان التليفزيون الرسمي السوري قد عرض لقطات في وقت سابق تظهر مجموعة من المقاتلين وهم يعبرون نقطة تفتيش تحمل شعار قوات الأمن الكردية، وردد بعضهم هتاف “سوريا واحدة” قبل دخول المنطقة. وتهدف الحملة التركية، التي بدأت قبل شهر، إلى طرد وحدات حماية الشعب الكردية، التي تراها أنقرة خطرا أمنيا كبيرا على حدودها من عفرين. وأشادت وحدات حماية الشعب بوصول القوات المؤيدة للحكومة السورية، التي تضمنت فصائل متحالفة مع الأسد، لكن ليس الجيش السوري نفسه، وقالت إن تلك القوات ستنتشر على طول خط القتال بمحاذاة الحدود التركية. لكنها لم تأت على ذكر اتفاق، قال مسؤول كردي، إنه تم إبرامه مع حكومة الأسد، ويسمح بدخول الجيش السوري عفرين. وقال أردوغان، إنه حال دون نشر القوات السورية ضمن اتفاق مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني. وذكر القائد في التحالف المؤيد للأسد، أن روسيا تدخلت كي “تؤجل دخول قوات كبيرة للجيش السوري”. ووصف أردوغان المقاتلين المؤيدين للحكومة الذين وصلوا لمساعدة وحدات حماية الشعب بأنهم “ميليشيات شيعية”، وقال إنهم سيدفعون ثمنا باهظا. وقال في مؤتمر صحفي “للأسف، يتخذ مثل هذا النوع من المنظمات الإرهابية خطوات خاطئة بالقرارات التي يقدمون عليها، من المستحيل أن نسمح بهذا، سيدفعون ثمنا باهظا”. ونفى ريزان حدو، مستشار وحدات حماية الشعب، تأكيد أردوغان، أن القافلة عادت أدراجها بسبب القصف المدفعي التركي، لكنه لم يذكر تفاصيل عن حجم القافلة أو تشكيلها، وقال المرصد السوري، إن قافلة دخلت عفرين، بينما عادت أخرى أدراجها. الدور الروسي شهدت الأسواق التركية عملية بيع واسعة للأسهم في تفاعل مع الأنباء، التي تشير إلى أن نجاحا سريعا للحملة التركية في عفرين قد يكون أصعب مما توقعت أنقرة، وأن المعركة قد تؤدي إلى توتر العلاقات مع روسيا وإيران. وهبطت الليرة 1.5% أمام الدولار، في حين تراجع مؤشر (إكس يو 100) أكثر من 2%، في أكبر انخفاض له في 5 أسابيع. كما تعرضت السندات المقومة بالدولار لضغوط أيضا، مع نزول الإصدارات الطويلة الأجل 1%، بينما ارتفعت كلفة تأمين الديون السيادية. وفي وقت سابق اليوم، قال أردوغان، إنه نال موافقة بوتين لمنع نشر قوات الحكومة السورية في عفرين. وتعد تركيا وروسيا القوتان الخارجيتان الرئيسيتان اللتان تدعمان أطرافا متعارضة منذ بداية الحرب، فموسكو هي أوثق حلفاء الأسد، بينما تركيا من أهم داعمي مقاتلي المعارضة الذين يحاربون للإطاحة به. لكن في الشهور القليلة الماضية قدمت تركيا الدعم لمساع دبلوماسية تقودها روسيا لإنهاء الحرب مع إحكام حكومة الأسد سيطرتها على معظم المراكز السكانية، وقالت أنقرة الشهر الماضي إنها التمست موافقة روسيا قبل بدء عملية عفرين. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس، الإثنين، إن أزمة عفرين قد تحل من خلال المفاوضات المباشرة بين دمشق وأنقرة. وإيران هي الحليفة الرئيسية الأخرى للأسد وتشارك عن كثب أكبر من روسيا مع شبكات الفصائل مثل التي دخلت عفرين اليوم وتدعم الحكومة السورية على الأرض. وحقق الهجوم التركي مكاسب على امتداد المنطقة الحدودية تقريبا مع عفرين، إذ توغل الجيش التركي لعدة كيلومترات داخل سوريا وسيطر على قرى، لكن وحدات حماية الشعب لا تزال تسيطر على معظم المنطقة بما في ذلك البلدة الرئيسية التي تحمل أيضا اسم عفرين. توتر في حلف الأطلسي قال أردوغان اليوم “سيبدأ حصار وسط مدينة عفرين بسرعة خلال الأيام المقبلة”، مضيفا أن ذلك سيؤدي إلى قطع المساعدات الخارجية. ويسلط دخول قوات مؤيدة للحكومة إلى عفرين الضوء على العلاقة المضطربة بين الأسد ووحدات حماية الشعب، واللذين يسيطر كلاهما على مساحات من الأراضي أكبر من أي قوات أخرى في الحرب. وتفادى الجانبان إلى حد بعيد الدخول في مواجهة مباشرة خلال الصراع، لكن الأكراد يسعون للحصول على حكم ذاتي في المناطق التي يسيطرون عليها، في حين تعهد الأسد باستعادة سيطرته على كل سوريا ووصف وحدات حماية الشعب بالخيانة. وقال زعماء سياسيون أكراد إنهم اضطروا لطلب المساعدة من القوات الحكومية السورية، لأن أي قوى أجنبية لن تساعدهم في التصدي للقوات التركية في عفرين. وكانت روسيا نشرت الشرطة العسكرية في عفرين العام الماضي، لكنها انسحبت الشهر الماضي قبل بدء الهجوم التركي. وقامت الولايات المتحدة بتسليح وحدات حماية الشعب بصفتها جزءا من تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تدعمه ضد الدولة الإسلامية، ويوجد جنود أمريكيون على الأرض في مناطق أخرى من سوريا تحت سيطرة الإدارة التي يقودها الأكراد ولكن ليس في عفرين. وسبب دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب توترا شديدا في علاقاتها مع تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي، وفى حالة الهجوم على عفرين، قالت واشنطن إنها تؤيد حق تركيا في الدفاع عن نفسها بينما دعت أنقرة لضبط النفس.
مشاركة :