سرعت موسكو خطواتها لتجنب مواجهة بين تركيا والقوات النظامية السورية على عفرين، وعقد مجلس الأمن القومي اجتماعاً أمس برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين كرس لبحث الوضع هناك، بالتزامن مع دعوة روسية لأنقرة بفتح حوار مباشر مع دمشق للتوصل إلى تسوية.وبعد أن كانت موسكو تحفظت على تفاهمات بين الحكومة السورية والقوات الكردية في المدينة، وأعلنت أنها لم تشارك في أي مفاوضات في هذا الشأن، أوضحت أمس أنها تفضل سيناريو الحوار المباشر بين أنقرة ودمشق. وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن بلاده تقف بحزم إلى جانب حل جميع القضايا المتعلقة ذات الصلة، لكن تلك الحلول يجب أن تتم في إطار وحدة أراضي سوريا.وجدد التأكيد على «تفهم» موسكو لتحركات أنقرة في الشمال السوري، وزاد: «المصالح المشروعة لضمان أمن تركيا يمكن أن تتحقق بشكل كامل من خلال الحوار المباشر مع الحكومة السورية». وفي انتقاد للسياسة الأميركية في سوريا قال الوزير الروسي إن موسكو «تدرك طبيعة مخاوف تركيا مما يحدث في سوريا على طول حدودها. وبطبيعة الحال، ندرك تطلعات الأكراد. ولكن ما لا نعترف به وما نعارضه هو محاولات التكهن بشأن هذه التطلعات... وأعني بذلك محاولات بعض القوى الخارجية التكهن بهذه التطلعات للتحرك في سوريا وفي المنطقة ككل، وفقا لأهداف لا تمت بصلة لتطلعات الشعب الكردي، وإنما تهدف إلى تحقيق أهدافها الجيوسياسية ضيقة الأفق».وكان لافتا أمس، أن مجلس الأمن الروسي عقد جلسة مكرسة للوضع في عفرين، عكست درجة الاهتمام والقلق لدى روسيا من تداعيات تصعيد الموقف هناك. علما بأن المجلس يعقد اجتماعاته عادة برئاسة بوتين لمناقشة ملفات أو قضايا حساسة، واتخاذ قرارات حيالها. ولم يكشف الكرملين عن تفاصيل ما دار في الاجتماع، واكتفى الناطق باسمه ديمتري بيسكوف، بالإشارة إلى أن البحث تركز على الوضع العام في سوريا، وآخر التطورات في عفرين.على صعيد آخر، أقرت الخارجية الروسية أمس، بـ«مقتل وجرح عشرات الروس في سوريا»، لكنها أكدت أنهم ليسوا جنودا نظاميين، بعدما كانت نفت خلال الأيام الماضية صحة معطيات تسربت عن ضربة قوية وجهها الطيران الأميركي ليلة السابع من فبراير (شباط) قرب دير الزور وأسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص وجرح عدد مماثل، وفقا لمعطيات وسائل إعلام روسية. وقالت إن الهجوم استهدف وحدات شبه عسكرية تطلق عليها تسمية «جيش فاغنر» نسبة إلى مؤسسها. وكانت هذه الوحدات في أوكرانيا وانتقل بعضها إلى سوريا أواخر عام 2015، ونفذت باتفاق مع النظام السوري عمليات خاصة استهدفت السيطرة على مواقع ومنشآت نفطية. وتدرج الموقف الروسي الرسمي حيال المعطيات من نفي قاطع في البداية إلى اعتراف الخارجية بمقتل «خمسة أشخاص على الأقل» خلال الأسبوع الماضي، قبل أن تقر أمس في بيان بأن «قتلى من روسيا وبلدان الرابطة، سقطوا في مواجهات لم تشارك فيها القوات النظامية ولا آليات الجيش الروسي»، وزادت أن «هؤلاء مواطنون روس ذهبوا بإرادتهم إلى سوريا، والخارجية لا تتدخل لتقديم تقويم لصحة موقفهم أو قانونية وجودهم هناك، لكنها عملت على تقديم المساعدة اللازمة لعشرات الجرحى كونهم مواطنين روس وهم الآن يعالجون في مستشفيات روسية».ميدانيا، اتخذت موسكو إجراءات إضافية لمنع وقوع هجمات جديدة على منشآتها العسكرية في سوريا، وخصوصا في قاعدتي حميميم وطرطوس. وأعلن مصدر عسكري أمس، أن أوامر وجهت إلى العسكريين الروس في القاعدتين بحظر الاتصالات الخلوية وقطع الإرسال الهاتفي الخلوي عن المنشأتين.وذكر المصدر أنه تم اتخاذ هذا القرار، بعد تعرض القاعدتين الروسيتين لهجمات بطائرات من دون طيار مرتين في بداية العام الجاري، مشيرا إلى مخاوف من استخدام الهواتف النقالة لتوجيه الدرونات أو القيام بخطوات هجومية أخرى.ونقلت وسائل إعلام روسية عن خبراء أن الخطوة تهدف إلى قطع الطريق على احتمال تسرب معلومات من القاعدتين. علما بأنه قبل القرار الأخير كانت القيادة العسكرية الروسية أمرت جنودها باستخدام هواتف تقليدية «غير ذكية»، بهدف تقليص مجالات متابعتها أو الكشف عن تفاصيل أمنية من خلالها.وكانت وزارة الدفاع اتخذت تدابير في وقت سابق لمنع تسرب معلومات عن نشاط عسكرييها، وأفادت مصادر بأن توصيات تم تعميمها على الوحدات العسكرية تتضمن الامتناع عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ونشر معلومات عن أماكن خدمتهم وأرقام الوحدات العسكرية، وإغلاق أنظمة تحديد الموقع الجغرافي في هواتفهم المحمولة.
مشاركة :