أكد معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، أن ميزانية العام الحالي التي اتسمت بالتوسعية في الاستثمارات برهنت على سياسة الحكومة للموازنة بين الأهداف التي قد تبدو متعارضة، فمن جانب تقوية الوضع المالي، ومن جانب آخر العمل على حفز النمو الاقتصادي، كما أظهرت الميزانية لهذا العام نتائج إيجابية مشجعة لمسار الإصلاح الاقتصادي، حيث انخفض العجز بشكل كبير في العام الماضي 2017م مقارنة بعام 2016م نتيجة لتطبيق المبادرات.جاء ذلك خلال كلمة معالي وزير المالية في لقاء خاص نظمته جمعية الاقتصاد السعودية اليوم للحديث عن "الاصلاحات الاقتصادية في ضوء رؤية المملكة 2030 " بحضور عدد من قيادات وزارة المالية، ومنسوبي جمعية الاقتصاد، وكتاب اقتصاديين ومسؤولين حكوميين وأكاديميين، وذلك في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الرياض انتركونتننتال.واستهل معالي وزير المالية كلمته بالحديث عن رؤية المملكة 2030، التي جاءت للعمل على تصحيح المسار الاقتصادي بشكل جذري، ووضعه على مسار التنويع بالاستفادة من مكامن القوة الاقتصادية من خلال تطويرها والاستفادة منها، وتطوير مزايا جديدة تتسق وتطورات الاقتصاد العالمي وتوجهاته المستقبلية، حيث صُممت برامجها الاثني عشر ومبادراتها المتعددة بما يكفل بحول الله تحقيق الأهداف المنشودة, مبيناً أن الرؤية تستهدف تطوير عدد من القطاعات مثل قطاع الخدمات اللوجستية والإسكان والتعدين والسياحة والترفيه والصناعات الثقيلة وغيرها من القطاعات الواعدة لتنمية الاقتصاد غير النفطي وبناء اقتصاد الغد، كما تم تحديد 10 قطاعات للخصخصة.وفي إطار الرؤية؛ تحدث معاليه عن قيام الوزارة بتطوير أدائها، من خلال إطلاق استراتيجيتها القائمة على التمكين، والتعاون مع الأجهزة الحكومية في مبادراتها وخططها التطويرية، حيث تشهد الوزارة تنفيذ إصلاحات هيكلية ومؤسسية مهمة لتدعيم صنع القرار، وتحسين أساليب تنفيذ الميزانية، والإفصاح المالي، والمتابعة والرقابة. فمن ضمن الحوكمة الجديدة، تعمل الوحدات التي تم إنشائها مؤخراً ومنها مكتب ترشيد الإنفاق التشغيلي والرأسمالي، ووحدة السياسات المالية والكلية، ومكتب الدين العام، ووحدة تنمية الإيرادات غير النفطية، ومكتب تحقيق التوازن المالي، ووحدة الشراء الاستراتيجي. حيث تعمل هذه الجهات معاً مع الوكالات التنفيذية الرئيسة الأخرى داخل الوزارة لتحسين الأداء المالي، ورفع كفاءة الإنفاق وفاعليته، وتطوير السياسات المالية والاقتصادية.وأوضح معالي وزير المالية أن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، تهدف من خلال الإصلاحات الاقتصادية إلى رفع مستوى معيشة المواطنين من خلال توفير فرص عمل حقيقية وتحسين مستوى الخدمات العامة، ومساندة المواطنين في مرحلة التحول الاقتصادي، حيث تم تطبيق حزمة تحفيز للمواطنين على هيئة بدل تكلفة غلاء المعيشة لموظفي الدولة، والمتقاعدين من القطاعين الخاص والعام، والمستفيدين من الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى حساب المواطن الذى خصص له مبلغ 32 مليار ريال في ميزانية 2018م، وإعادة البدلات، وكذلك زيادة الإنفاق الاستثماري للحكومة الذي يبلغ نحو 205 مليارات ريال في الميزانية الحالية، فضلاً عن دور مساهمات صناديق التنمية الأخرى في دعم الاقتصاد، وأيضاً تنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتنمية المحتوى المحلي، فمن المبادرات في هذا الشأن زيادة التمويل البنكي لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة من (2 %) اليوم إلى (5 %) بحلول العام 2020م.وأكد معالي الأستاذ الجدعان أن القطاع الخاص من دعائم الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن خطة حزم تحفيز القطاع الخاص تهدف إلى التخفيف من الآثار السلبية لبعض الإصلاحات الاقتصادية على الأنشطة الاقتصادية في المدى القصير، وبالتالي فهو إجراء سيتم تطبيقه على المدى القصير لدعم المنشآت في بعض القطاعات الاستراتيجية المحددة بما يساعد على تحول اقتصاد المملكة وفق أهداف رؤية 2030، مبيناً أن حزم تحفيز القطاع الخاص تتم على مرحلتين بقيمة 40 مليار ريال و72 مليار ريال، وجرى تصميم 17 مبادرة في إطار هذه الحزم التحفيزية.وحول تطوير القطاع المالي الذي يعد ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ قال معاليه :" نعمل على تطوير القطاع المالي، فأحد برامج الرؤية "برنامج تطوير القطاع المالي" لبناء قطاع مالي متنوع وشامل يحفز الابتكار ويوفر الاحتياجات التمويلية لمجموعة واسعة من الجهات الاقتصادية الفاعلة، والعمل على تنويع مصادر تمويل للقطاعين العام والخاص، من خلال زيادة وتعميق السيولة في سوق الأسهم، وسوق أدوات الدين لتوفير تمويل بديل للتمويل المصرفي".وأضاف: "إن ما يدعم هذا التطوير استمرار القطاع المصرفي في المملكة بتحقيق معدلات أداء جيدة ومؤشرات قوة تمكنه من دعم جهود التنويع، وقد ساعد استمرار حكومة المملكة باعتماد استراتيجية إدارة الدين العام عبر إصدار السندات والصكوك الدولية في تخفيف الضغط على سيولة البنوك المحلية، ما أدى إلى تعزيز أداء القطاع بشكل عام".وأكد معالي وزير المالية أن اقتصاد المملكة - ولله الحمد - متين ويتوفر لديه المقومات الضخمة التي تمكنه من المضي قدماً في النمو والتنمية، مشيراً إلى إرشادات المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العام الماضي بالإصلاحات التي يتم تنفيذها ومنها عدد قياسي من الإصلاحات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، حيث زادت إيرادات الشركات الصغيرة (9%) والشركات المتوسطة (14%).وفي ختام كلمته قدم معالي وزير المالية شكره وتقديره للحضور، ولجمعية الاقتصاد السعودية على هذه الدعوة للحديث عن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية على المدى المتوسط في ظل رؤية المملكة 2030.وكان الحفل قد بدأ بكلمة لرئيس مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية الدكتورة نورة اليوسف، قدمت خلالها باسمها واسم أعضاء الجمعية ومجلس إدارتها الشكر لمعالي وزير المالية لحضوره والحديث في هذا اللقاء، وقالت : "إن الجمعية أدركت منذ وقت مبكر أهمية مثل هذه الأنشطة ولذلك ركزت الاهتمام على القضايا الاقتصادية المهمة بهدف عقد اللقاءات والمحاضرات والندوات وورش العمل التي تسلط الضوء على المتغيرات الاقتصادية الراهنة وكيفية التعامل معها".وبينت أن الحديث عن الإصلاحات المالية والاقتصادية في المملكة لقي دعماً دولياً من خلال تقرير صندوق النقد الدولي بالتقدم الملحوظ الذي أحرزته المملكة في تحقيق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي وفقاً لروية المملكة 2030، لاسيما فيما يرتبط بضبط المالية العامة التي بدأت توتي ثمارها، مشيرة إلى أن جهود الجهات المالية تلقت إشادة من خبراء الصندوق وهذا يعطي الأوساط الاقتصادية والمالية اطمئناناً لحسن تنفيذ البرنامج.وأوضحت الدكتورة نورة اليوسف أن معالي وزير المالية شارك في هذه الندوة ليلقي الضوء على برامج الحكومة الإصلاحية التي تتعلق بترشيد النفقات العامة، من خلال إعادة هيكلة الإنفاق والتركيز على المشروعات ذات الأولوية التنموية التي تحقق أهداف الرؤية وبرنامج التحول الوطني.وجرى خلال اللقاء نقاش مفتوح شارك فيه معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، ووكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط الدكتور عبدالعزيز بن متعب الرشيد، ومدير عام وحدة السياسة المالية والكلية بوزارة المالية الدكتور سعد الشهراني، وأداره عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية سابقاً والكاتب الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة.
مشاركة :