المستشرقة إليزابيث قررت دراسة اللغة العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر

  • 2/22/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

قدم ملتقى (رواق فنون) التابع للبرنامج الثقافي بجمعية الثقافة والفنون بالرياض ندوة بعنوان (الحروف العربية، عربة وصل بين الحضارات) قدمتها الفنانة المستشرقة إليزابيث بولزا, أدارتها الدكتورة الهنوف الدغيشم, فيما تولت الترجمة للحوار هديل الدغيشم. وبدات الندوة الدكتورة الهنوف الدغيشم موضحتاً إن اليزابيث بولزا مهتمة بالأدب العربي وبالخط بشكل خاص، وبأن عنوان الحوار “الحروف العربية عربة وصل مع الحضارات” هي عبارة أخذتها من الفنانة النمساوية، المؤمنة بأن الحرف العربي كان حلقة وصل بين الحضارات في مرحلة ما، وخصوصا في الأندلس, كاشفتاً إن الحديث عن الشرق والغرب والتداخل بينهما كمنطقة ضبابية، لا يمكن تفحص الفجوات والشقوق فيها، فهل يمكن للفرد أن يردم الفجوات وأن يبني الجسور؟ هذا ما تحاوله الفنانة من خلال لوحاتها وفنها، فبالرغم من كونها نمساوية الجنسية، وذات أصول إيطالية وبلغارية، عاشت حياتها بين ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، إلا أن اهتمامها بالفن الإسلامي وخصوصاً الأدب والشعر الأندلسي اهتمام بالغ، إنها تحاول أن تبني جسرا – على حد قولها- بين الشرق والغرب، لكن ما الذي جعل بولزا تهتم بالأدب العربي؟ إن جواب هذا السؤال هو مفاجئ بالنسبة لي لأنها قررت دراسة اللغة العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قبل عام قدم الدكتور خالد الرشيد هنا في الملتقى الثقافي محاضرة عن التغير في الاستشراق بعد أحداث الحدي عشر من سبتمبر، وكيف أن المستشرقين أصبحوا يرون الجانب العنيف من الحضارة العربية، ويحاولون تلافي وإلغاء الضوء عن الجانب الثقافي والفني؛ ولكن هذا لم يحدث مع بولزا فهي كانت مؤمنة أن اللغة هي مفتاح الغوص في الثقافات الأخرى، ووجدت الالتقاء والتشابه بين الحضارات أكثر من الاختلاف, دراستها للغة العربية طورت مفهومها الفني، وقد ساعدها في تطوير مفهوم مزيج اللغة العربية مع الفن الأندلسي والإسلامي. إليزابيث من عائلة مهتمة بالفنون، عاشت طفولتها بين الكتب والأدب واللوحات، وترى أن طفولتها وتعليمها في ألمانيا علماها قيمة الجدال العقلاني، ولكن طالما كانت تتجه نحو الجمال والعاطفة باتجاه إيطاليا ومنطقة البحر المتوسط. لقد تأثرت بالفن والتراث الفلورنسي بسبب دراستها في إيطاليا ولكن كان التأثير الأعمق هو للفن الأندلسي، وربما كان هذا بسبب الوقت الطويل الذي قضته في الأندلس لأكثر من خمسة وعشرين عاما. إن إدراك الفنانة بولزا للثقافة الأندلسية ومساهمتها الهائلة في بناء ثقافة وحضارة مختلفة، جعلها تقاوم الصورة النمطية للعنف عن العالم العربي، وترى أننا نعيش في زمن تفكير طائفي حتى من الناحية الفنية، وليس من خلال السياسة أو الحركات الشعوبية فقط، فمن المتوقع أن تتحدث النساء عن النسوية، والسوريين عن مشاكلهم في الحرب، والأمريكيين السود حول التمييز وما إلى ذلك، فالبيئة الفنية المعاصرة كما ترى تتزايد فيها الحدود، فمن المستحيل أن يتحدث الأتراك عن مشكلة الأكراد، أو الإسرائيليين عن مشكلة الفلسطينيين ومعاناتهم، أو المسيحيين عن روحانية الإسلام، ولكن بولزا تحاول أن تركز على ثقافة الشرق الأوسط في فنها وتقاوم هذا الفكر الانعزالي في الفن، وهذا ما وجدت فيه هوية ثقافية لها. درست اللغة العربية في معهد إشبيلة للغات وأدهشها الخط العربي بانسيابيته وجماله، ورأته كلوحة وليس ككلمة مكتوبة، ودائما ما تقول أنا أرسم الخط العربي ولست أكتبه! وهي مؤمنة بأن الفن البصري بشكل عام لديه قدرة تواصل وربط علاقات عاطفية بينه وبين المتلقي، وحاولت في لوحاتها مواجهة الصورة النمطية عن عدوانية وعنف الثقافة العربية التي كرست في وسائل الإعلام، ففي أعمالها حاولت أن تبحث عما يجده الإنسان فيمن يشابهه ويلتقي معه، ومن خلال تجربتها الخاصة كانت أعمالها صلة وصل بين الثقافات كلوحتها “نافذة على مكة” التي هي عبارة عن حديث كتبتها بالخط الكوفي، اقتناها زوجان مسيحيان وعلقاها في صالتهما باتجاه مكة. كما اقتنى زوجان يهوديان لوحة تحتوي على قصيدة من قصائد الأندلس. ونصوصها متنوعة تشمل حتى ما قبل الإسلام من شعر وحتى الشعر العربي المعاصر, ولديها لوحة سمتها “الحج” لابن سهل الإشبيلي اقتناها الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني, كما لديها غيرها من سلسلة لوحات بشعر الشاعر ابن سهل الأنشبيلي  تمثل “الحج من الأندلس إلى مكة” تمثل الربط بين الأندلس والعالم العربي حيث شعرت بولزا أنها لامست التاريخ في رحلتها الأولى من أشبيليا إلى السعودية  لذلك تولدت فكرة هذه اللوحة التي اقتناها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان. لوحات الفنانة تأثرت بحب الشاعر ابن زيدون لولادة بنت المستكفي فأخذت لوحاتها طابعا مبهجا مشرقا مملوء بالزهور واللون الأخضر كلوحتها عن قصيدة ابن زيدون لولادة, والفنانة عندما ترسم لوحاتها عن المعلقات تظهر الصحراء بألوانها والنخيل والخيام والقمر والجمال وغيرها من رموز الجزيرة العربية وخارطتها. بعد ذلك بدأ سيل من الأسئلة والتعليقات للفنانة ومنها: الفنانة تهاني المحمود التي سألت عن تأثرها بإعجاب الأديب الألماني غوته باللغة العربية، ومن ثم مارست أساليب فنية سابقة في أعمالها قبل أن تتوجه لهذا الأسلوب المشابه برأيها لفن المنمنمات، كما سألتها عن محاولتها لإتقان نوع من الخط العربي بدلا من كتابته بشكل فن تجريدي خاصة وأن إتقان الخط يتطلب وقتا طويلا. محمد اليامي تساءل هل الصورة توحي بالقصيدة أم العكس، وعن كثرة العناصر في اللوحة وهل رسمت الخط العربي وحده كلوحة مستقلة؟ علق الأستاذ حمد الراشد على تأثرها الملحوظ بالفن العربي والإسلامي، وتساءل عن تأثرها بالفن الإيطالي، خاصة وأن إيطاليا هي منبع الفن الأوروبي في عصر النهضة, وتساءل عن اطلاعها على المشهد الثقافي السعودي. وتساءل محمد المصري عن مشروعها واصفا له بأنه خطوة من الغرب باتجاه الشرق وكأن الغربي يمد يده ليصافح الشرق، فما هو المطلوب من الفنان العربي لتتم هذه المصافحة؟ الكاتب دحام العنزي سألها عن اطلاعها على ثقافتنا، والتغيرات. عبدالعزيز علي الحقباني سأل كيف كانت تجربتك في الشعر العربي وفهمه؟ وقد أجابت على الأسئلة نافية أن تكون ترجمت الشعر، وإنما استعانت بنصوص مترجمة، مبينة أنها ترسم الخط بشكل تجريدي وليس مستقلا، وأن لوحاتها المعروضة هي صور للوحات رسمتها بيدها وليست ديجتال، وأكدت أنها مطلعة بشكل محدود وتعتقد بأن الثقافة ستفتح نوافذ عديدة لنا، وأنها منفتحة للاطلاع على ما لدينا في الشرق أكثر وترحب بهذا، وأجابت على سؤال ما يجب علينا عمله تجاه الغرب أننا يجب أن نعمل أكثر لتغيير الصورة النمطية أكثر وأنها لم تتأثر بغوتة بل بفنان آخر هو هيرمان هسة  وأنها تأثرت بالمنمنمات كفن بالتأكيد, وأنها تحاول من خلال فنها خلق جسر بين حضارتين ما تعيشه وما يحيط بها، خاصة مع تأثر مكان عيشها في إشبيليا بالفن الإسلامي، وأن كل حضارة تبنى على حضارات سابقة سواء أكانت شرقية أو غربية.

مشاركة :