أمسك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بطاقة ملاحظات بين يديه لتذكيره بإظهار تعاطفه في أثناء لقائه مع بعض الناجين من مذبحة مدرسة ثانوية بولاية فلوريدا وأسر ضحايا المذبحة الأربعاء 21 فبراير/شباط 2018. إذ تُظهِر إحدى صور اللقاء ترامب وهو يحمل ورقةً طبعت عليها كلمتا البيت الأبيض، وفق ما ذكرت صحيفة البريطانية. وبينما تعذَّرت رؤية العديد من الملاحظات في الورقة، كانت الملاحظة الخامسة في غاية الوضوح، وحملت تذكيراً لترامب بأن يقول لضيوفه: "أنا أسمعكم". ويبدو أنَّ ترامب كان مضطراً إلى تذكير نفسه بأن يقول للعشرات من ضيوفه الذين تأثَّروا مباشرةً بحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدرسة مارجوري ستونمان دوغلاس الثانوية الأسبوع الماضي وأسفرت عن مقتل 17 شخصاً من بينهم 14 طفلاً إنَّه يُصغي إلى مخاوفهم. وشملت بعض الأسئلة الأخرى التي كانت واضحةً كذلك على البطاقة سؤالين: "ما أكثر شيء تريدون إخباري به عن معاناتكم؟" و"ما الذي يمكننا فعله لمساعدتكم في الشعور بالأمان؟". تذكَّر أن يستخدم نبرةً رقيقة ولم يبدُ أنَّ ترامب استخدم في الواقع وسائل التلقين المرئية في أي لحظةٍ من اللقاء، لكنَّه تذكَّر أن يستخدم نبرةً رقيقة. وقال ترامب للضحايا قبل أن يطرح إصلاحاتٍ مقترحة على نظام المدارس لاقت دعماً علنياً من إدارته: "بالنسبة لي، لا يمكن أن يكون هناك شيءٌ أسوأ مما مررتم به". وقال ترامب للناجين من إطلاق النار وذويهم إنَّه حزينٌ لأجلهم في أثناء جلسة الاستماع التي عُقدت في البيت الأبيض، وطالب فيها العديد من الضيوف ترامب باتخاذ إجراءاتٍ فورية بشأن العنف المُسلَّح. جاء اللقاء تزامناً مع إضراب الآلاف من طُلاب المدارس الثانوية واحتشادهم في مظاهراتٍ بأنحاء البلاد لجذب الانتباه إلى مسألة التحكُّم في حيازة الأسلحة. وقال أندرو بولاك والد إحدى الضحايا من مدينة باركلاند وأحد مؤيدي ترامب المتعصبين للرئيس الأميركي وهو يصف لترامب والأسر الأخرى التي حضرت الاجتماع المقتل المروِّع لابنته ميدو التي تعرَّضت لإطلاق النار تسع مرات إنَّه "مستاء جداً". وقال الأب الثكلان: "أنا غاضبٌ جداً مما حدث لأنَّه يحدث باستمرار"، موضِّحاً أنَّ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول "حدثت مرةً واحدة فقط فأصلح المسؤولون كل شيء بعدها (كي لا تتكرر). فكم عدد المدارس والأطفال الذين يجب أن يتعرضوا لإطلاق النار حتى ينتهي ذلك؟!". وقال بولاك لترامب: "ينتهي الأمر هنا عند الإدارة الأميركية وعندي. فأنا لن أنام حتى تُحَل هذه المشكلة. ويا سيادة الرئيس، سنحل هذه المشكلة. لأنَّني سأحلها، ولن أرتاح حتى حلها". وأضاف: "فلتحل هذه المشكلة يا سيادة الرئيس! إذ كان ينبغي حلها بعد أول مدرسة شهدت حادثاً لإطلاق النار! أنا مستاءٌ جداً لأنَّني لن أرى ابنتي مرةً أخرى. لقد فارقتني ولم تعد معي. لقد أصبحت في مدينة نورث لودرديل بمقابر الملك ديفيد. هذا هو المكان الذي أذهب إليه الآن لرؤية طفلتي". وبعدما أصغى ترامب لبعض ذوي الضحايا الثكالى مثل بولاك لبعض الوقت، قال إنَّه يُفكِّر في منح المُدرسين أذوناً بحمل الأسلحة سراً، واعترف في الوقت نفسه بعدما طلب دعم الفكرة بأنَّها "مثيرةٌ للجدل" بلا شك. وقال إنَّ مُنفِّذ الهجوم "كان ينبغي اعتقاله"، مضيفاً أنَّ تسليح المعلمين والمدربين وتدريبهم على استخدام الأسلحة "سيضع حداً لهذه المشكلة". وأيَّد ترامب كذلك تشديد عمليات التحقُّق من خلفيات الطلاب، وتعهَّد بأنَّ إدارته ستنظر في الحدود السِنِّية المسموح لها بشراء بنادق شبه آلية مثل تلك التي استخدمها مُنفِّذ الهجوم في باركلاند، وتطبيق إجراءات جديدة لعلاج الأشخاص المصابين بأمراض عقلية. وقال ترامب: "سنختار أقوى الأفكار وأهمها وأكثرها جدوى ثم نُطبِّقها. ولن تكون مجرد ثرثرة كما كانت في الماضي. فهذه المشكلة مستمرة منذ فترةٍ طويلة جداً، وتكرَّرت حوادثها مراراً وتكراراً. سنضع حداً لذلك". التخلي عن السياسة التحزُّبية وتوسَّل الأب كاري غروبر من مدينة باركلاند إلى ترامب، مطالباً إيَّاه بالتخلي عن السياسة التحزُّبية، وإجراء إصلاحاتٍ من شأنها أن تمنع تكرار حوادث إطلاق النار مثل الحادثة التي قتلت ابنه جاستين وقال غروبر لترامب المنتمي إلى الحزب الجمهوري: "ليست المسألة تياراً يسارياً أو يمينياً، بل قضية إنسانية، وعلينا أن نوقف ذلك". جديرٌ بالذكر أنَّ ترامب عَقَد أولى جلستي الاستماع اللتين أقيمتا في البيت الأبيض هذا الأسبوع حول موضوع السلامة المدرسية. وشملت المناقشة التي أُجريت مع أولياء أمور ومُعلِّمين مرتبطين بحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة باركلاند بولاية فلوريدا أكثر من 12 طالباً ناجياً من الحادث طالبوا ترامب كذلك باتخاذ إجراءات. وضمت غرفة اللقاء أيضاً بعض الآباء والأمهات والطلاب المتضررين من حادثتي إطلاق النار اللتين وقعتا في مدرسة ساندي هوك ومدرسة كولومباين، بالإضافة إلى معلمين وطلاب محليين سلَّطوا الضوء على مشكلة الجريمة المحلية في العاصمة. تحدَّث ترامب بإيجاز في بداية اللقاء، وطرح عدة أسئلةٍ بنبرةٍ متعاطفة في منتصف اللقاء الذي بُثَّ على الهواء مباشرةً عبر التلفزيون الوطني الأميركي. وتعهَّد ترامب وسط القصص المؤثرة التي رواها الحضور ببدء العمل على حل قضية العنف المسلح في المدارس "بعد دقيقتين من انتهاء اللقاء" قائلاً: "سنحلها معاً". وقال ترامب للحضور: "نريد ألَّا يمر أي شخصٍ آخر بالألم الذي مررتم به". وتطرَّق ترامب إلى موضوع الحُراس المسلحين في المدارس مضيفاً: "أعتقد أنَّ هذا الموضوع سيلقى معارضة الكثيرين وموافقة الكثيرين، لكنَّ الأمر الجيد أنَّ الكثير من الناس سيؤيدونه". حظر البنادق وأضاف: "كما تعلمون، لا يمكن أن تضم مدرسة ستونمان دوغلاس 100 حارس أمني؛ فهي مدرسةٌ كبيرة ضخمة تضم مساحةً هائلة ومبانيَ كثيرةً تحتاج إلى تأمين". وأردف: "لذلك، فمن المؤكِّد أنَّ هذا الوضع سيخضع لمناقشاتٍ مطوَّلة بين العديد من الأطراف. ستضم المدرسة العديد من الأفراد المُسلَّحين المتأهبين المحترفين. ربما يكونون من الأفراد الذين خدموا من قبل في قوات مشاة البحرية أو الجيش أو القوات الجوية، فهم بارعون جداً في تأدية هذه المهمة". وناشَد صامويل زيف الطالب بالمدرسة الثانوية في باركلاند ترامب حظر البنادق الشبيهة بتلك التي استخدمها مُنفِّذ الهجوم. وقال صامويل: "لا أفهم سبب استمرار إمكانية ذهاب شخص في العشرين من عمره إلى أحد المتاجر وشراء سلاحٍ حربي من طراز إيه آر. قرأت اليوم أنَّ شخصاً عمره 20 عاماً ذهب إلى أحد المتاجر واشترى سلاحاً من طراز إيه آر-15 في خمس دقائق ببطاقة هوية غير سارية. كيف يمكن شراء هذا النوع من الأسلحة بتلك السهولة؟ كيف لم نضع حداً لذلك بعد مذبحتي ساندي هوك وكولومباين؟ أجلس الآن مع أم ثكلى لأنَّ الأمر مستمرٌ في الحدوث". وقالت الطالبة جوليا كوردوفر لترامب إنَّها حضرت الجلسة "حتى لا يضطر أي طفل أو أي شخص في هذا العالم إلى المرور بهذه المعاناة المأساوية المُروِّعة" أبداً. جديرٌ بالذكر أنَّ بعض الطلاب تظاهروا خارج البيت الأبيض طوال يوم أمس حين كان ترامب يستعد لعقد جلسة الاستماع. وشهد اللقاء أيضاً حضور وزيرة التعليم الأميركية بيتسي ديفوس.
مشاركة :