سوريا : تقاطعات مصالح وإيران تطالب الأسد بتعويضها

  • 2/23/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مضى شهر على عملية «غصن الزيتون» التي يشنها الجيش التركي بمشاركة فصائل الجيش السوري الحر ضد الوحدات الكردية في مدينة عفرين، دون تحقيق إختراق بارز في التقدم البري للعملية، أو تحقيق نجاح ملحوظ في وضع حد لسقوط القذائف والصواريخ على البلدات التركية الحدودية، وحتى التحركات الدبلوماسية لم تنجح في إيقاف العملية أو التوصل لحل يُرضي أياً من الأطراف، من جهة أخرى فإن النظام السوري على وشك دخول المدينة في إطار إتفاق مع الأكراد، وبالتوازي فإنه يحشد قواته لهجوم واسع على الغوطة الشرقية قد بدأت بوادره بالفعل، وفيما يشتعل الميدان على كافة الجبهات، تزداد المأساة السورية سوءاً، إذ إن الوضع في سوريا الآن هو «الأسوأ منذ أربعة سنوات»، على حد تعبير مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا «ستيفان دي ميستورا». لم تهنأ تركيا بالنتائج التي حملتها زيارة وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون» إلى أنقرة، فبالرغم من الإتفاق على العمل معاً بين أنقرة وواشنطن في سوريا، مع ضرورة تطبيع العلاقات التي تمر بمرحلة حساسة، وإنشاء آليات لبحث القضايا الخلافية بينهما، وكذلك التوصل إلى تفاهم على نشر قوات تركية - أمريكية مشتركة في منبج، إلا أن الحديث عن دخول قوات تابعة للنظام السوري إلى منطقة عفرين في إطار إتفاق مع الأكراد قد أثار حفيظة تركيا. وابلغ الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» نظيره الروسي «فلاديمير بوتين» في اتصال هاتفي أن الحكومة السورية ستواجه عواقب إذا أبرمت اتفاقا مع وحدات حماية الشعب الكردية ضد العملية العسكرية التركية، مؤكداً أن عملية «غصن الزيتون» ستستمر كما هو مخطط لها. أما وزير الخارجية التركي «مولود تشاووش أوغلو» فقد حذر من أن الجيش التركي سيواجه أي قوات للحكومة السورية تدخل منطقة عفرين في شمال غرب سوريا لحماية مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية، مضيفاً: «إذا دخل النظام هناك لتطهير المنطقة من حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي فلا توجد مشكلة، لكن إذا جاء للدفاع عن وحدات حماية الشعب الكردية فحينها لا شيء ولا أحد يمكنه وقفنا أو وقف الجنود الأتراك». ميدانياً؛ وبحسب آخر إحصائية نشرها الجيش التركي فإن العملية العسكرية «غصن الزيتون» قد أدت منذ انطلاقها وحتى ألان إلى تحييد 1595 مسلحاً من الوحدات الكردية في عفرين، وأن الغارات الجوية قد نجحت في تدمير 674 هدفاً للوحدات الكردية، فيما بلغت الخسائر 31 جندياً قتلوا منذ انطلاق العملية، فيما أصيب 147 شخصاً، كما قتل 7 مدنيين أتراك وأصيب العشرات في سقوط أكثر من 100 قذيفة على بلدات ومناطق حدودية تركية، وفي المقابل لا توجد إحصائيات دقيقة من طرف الأكراد، ولا توجد إحصائيات دقيقة من اطراف محايدة، فيما يجري الحديث عن مقتل عشرات المدنيين في عفرين، وعشرات المسلحين التابعين للجيش الحر الذين يقاتلون إلى جانب الجيش التركي، بعض التقارير تشير إلى أن الجيش التركي لم يحقق حتى الآن إختراقاً كبيراً في العملية البرية، بالرغم من تمكنه من السيطرة على معظم مناطق الشريط الحدودي والتلال الإستراتيجية بعمق لا يقل عن 7 كيلومترات، لكنه فشل في تحقيق اختراق ملحوظ نحو وسط مدينة عفرين، ولا تزال مناطق سيطرته صغيرة جداً مقارنة بالمساحة العامة للمدينة مترامية الأطراف، وقد صرح وزير الخارجية «مولود تشاوش أوغلو» أن بلاده لم تستخدم قط الأسلحة الكيماوية في عملياتها في سوريا، وتتوخى أقصى درجات الحيطة في التعامل مع المدنيين، وذلك بعد إتهام أنقرة من قبل قوات كردية والمرصد السوري لحقوق الإنسان بشن هجوم بالغاز في منطقة عفرين. على صعيد آخر أعلن وزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس» أنه يريد إجراء تحقيق في هجوم شارك فيه مرتزقة روس على مقر لقوات بلاده شرقي ديرالزور، والكشف عن ملابساته، في حين تجنب تحميل موسكو مسؤولية الهجوم، وقال «ماتيس» خلال تصريحات صحفية بعدما أنهى زيارة إلى أوروبا استغرقت أسبوعاً: «فهمت الآن أن الحكومة الروسية باتت تقول الآن إن بعض المتعاقدين معها متورطون في هذا الهجوم الذي لا يزال غير مفهوم ضد قوات سوريا الديموقراطية شرق خط خفض التوتر» مع روسيا، مشيراً إلى أنه «يبدو أن هذا الهجوم قد حصل من دون علم الضباط الروس الذين ننسق معهم عبر خط الاتصال في منطقة خفض التوتر»، مضيفاً: «إلا أنني أشك بأن ما بين 250 و300 شخص يمكن أن يكونوا قد تحمسوا بمبادرة منهم، وعبروا فجأة النهر للانتقال إلى أرض عدوة، وباشروا باطلاق نيران المدفعية على أحد المواقع وحركوا دبابات باتجاهه، وهناك من أعطاهم أوامر بذلك. لكن هل كانت الأوامر محلية؟، هل كانت من مصادر خارجية؟، أرجو ألا تلحوا عليّ بالسؤال!، لا أعرف». وتقولر تقارير إعلامية أن نحو 300 رجل يعملون لصالح شركة عسكرية روسية خاصة مرتبطة بالكرملين، إما قتلوا أو أصيبوا في سوريا مؤخراً، بضربات شنها التحالف الدولي على رتل مؤلف من ميليشيات روسية وإيرانية، حاولت التقدم اتجاه مواقع لميليشيا قسد المدعومة أمريكياً شرقي ديرالزور، وقد أعقب ذلك تصريح للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية «ماريا زاخاروفا» أكدت فيه بأن خمسة من المواطنين الروس في منطقة المعركة قد قتلوا، لكنهم ليسوا من القوات الروسية،أتى ذلك فيما تحدثت وسائل إعلام روسية عن مقتل قرابة 215 عنصراً من المتعاقدين الروس مع شركة (فاكنر) والتي جندتهم للقتال إلى جانب القوات الروسية في سوريا، إلا أن موسكو تنفي معرفتها وصلتها بهذا الأمر. يأتي هذا فيما قرّرت وزارة الدفاع الروسية، حظر استخدام الهواتف الذكية في صفوف الوحدات العسكرية الروسية في سوريا، وقد منعت الوزارة مجنديها من نشر أي معلومات أو صور عن أماكن خدمتهم أو تحديد الموقع الجغرافي لأماكن وجودهم. من جهة أخرى دعا وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف»، الولايات المتحدة إلى عدم اللعب بالنار في سوريا، وأوضح لافروف في كلمة بمؤتمر «فالداي» بالعاصمة موسكو، أنّ واشنطن تُقدم على خطوات من شأنها تقسيم سوريا، عبر استخدام تنظيم «ب ي د»، وأكّد لافروف أنّ بلاده تراقب بقلق الخطوات الأمريكية الرامية لتقسيم سوريا، وتحركاتها شرق نهر الفرات والمناطق القريبة من الحدود التركية والعراقية. وعلى جبهة أخرى كثفت قوات النظام السوري تعزيزاتها العسكرية قرب الغوطة الشرقية المحاصرة، وهو ما يُنذر بهجوم وشيك ضد آخر معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، وتوجد حالة من القلق بين المدنيين خشية من انعكاس أي هجوم مرتقب على العاصمة التي تطالها باستمرار قذائف الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية. يأتي هذا فيما كشفت المسؤولة الإعلامية لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا «مروة عوض» عن تراجع تقديم المساعدات في عدد من المناطق المحاصرة داخل سوريا خلال الأسابيع الأخيرة. وقالت أن برنامج الأغذية العالمي لا يستطيع الدخول لمناطق كثيرة في سوريا، أبرزها عفرين والغوطة الشرقية وإدلب، والتي تتعرض للقصف المستمر. يأتي هذا فيما أكد «إتش. آر. مكماستر» مستشار الأمن القومي الأمريكي خلال كلمة في مؤتمر ميونيخ للأمن، أن روايات الناس تشير إلى أن بشار الأسد يستخدم الأسلحة الكيماوية على الرغم من نفي ذلك، مضيفاً أن الوقت قد حان كي يحاسب المجتمع الدولي الحكومة السورية. جديرٌ بالذكر أن السويد والكويت قد وزعتا على أعضاء مجلس الأمن الدولي نسخة معدلة من مشروع قرار يدعو إلى هدنة لمدة 30 يوم في سوريا، ويوضح النص الجديد أن هذه الهدنة لن تشمل تنظيمَي داعش والقاعدة بمختلف مسمياتها الحالية في سوريا، وذكر دبلوماسيون أن التعديلات يمكن أن تحد من قلق روسيا من مشروع القرار الذي يدعو إلى أن يتيح وقف إطلاق النار إيصال مساعدات إنسانية بسرعة، كما يتيح مشروع القرار المعدّل وقفاً لإطلاق النار سيبدأ سريانه بعد 72 ساعة من اعتماد مجلس الأمن للنص، وسيبدأ تسليم المعونة الإنسانية العاجلة (أدوية وغذاء) بعد 48 ساعة من بدء وقف إطلاق النار، ويأمل مجلس الأمن في التوصل إلى هذه الهدنة بعد تفاقم العنف في سوريا. وبعيداً عن المعارك العسكرية والسجالات السياسية، فإن طهران أسقطت قناعها لتكشف عن مطامعها صراحةً وراء تدخلها في سوريا، حيث دعت إلى عقد اتفاقيات طويلة الأمد في سوريا تتعلق بالنفط والغاز والفوسفات لتعويض ما أنفقته في الحرب، إذ دعا اللواء «يحيى رحيم صفوي» مستشار المرشد الإيراني، لعقد اتفاقيات طويلة الأمد في سوريا من أجل تعويض ما أنفقته في الحرب، جاء ذلك خلال كلمته في ندوة بعنوان «الأزمة السورية والتطورات الإقليمية والسياسية» في العاصمة طهران، وأشار «صفوي» إلى عقد روسيا لاتفاقيات طويلة الأمد في سوريا، قائلاً «على إيران تعويض ما أنفقته في الحرب من النفط والغاز والفوسفات السوري»، مضيفاً: «الروس عقدوا اتفاقات ل 49 عاماً في سوريا، نالوا من خلالها قاعدة عسكرية وامتيازات سياسية واقتصادية، وإيران عليها أيضا عقد اتفاقات طويلة الأمد مع الحكومة السورية». جديرٌ بالذكر أن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي «فيدريكا موغيريني» قد كشفت عن استعداد الأوروبيين للمشاركة الفعّالة في إعادة إعمار سوريا، شريطة أن تضمن روسيا مشاركة جادة للنظام السوري في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، وأضافت موغيريني: «نحن مستعدون ونعتزم أيضاً اغتنام فرصة المؤتمر الدولي بشأن سوريا في بروكسل 24 و25 أبريل، لتعبئة الموارد للإنعاش المبكّر، لاسيّما في المناطق المحررة من تنظيم داعش، لكننا نريد أن نرى تحسناً على الأرض والاتجاه الذي نراه اليوم هو النقيض تماماً، في الوقت الراهن لا نرى وقفاً للتصعيد بل تصعيداً». - ص/ أردوغان - الخراب.. بات العنوان الأكبر لكل مظاهر الحياة في سوريا - خيوط المعارك تتشابك، والخطى السياسية تتعثر - فرديريكا موغيريني - فلاديمير بوتين - وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون - وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو - وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف - وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس

مشاركة :