قُتل أكثر من 400 مدني في خمسة أيام من الغارات الجوية والقصف الذي يشنه النظام السوري على الغوطة الشرقية، آخر معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم (الخميس). وقال المرصد إن «403 مدنيين قتلوا في خمسة أيام من الغارات الجوية والقصف المدفعي الكثيف». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن 46 مدنياً على الأقل قتلوا الخميس فقط. ومنذ الأحد، يستهدف النظام السوري الغوطة الشرقية التي يحاصرها منذ 2013 بحملة قصف كثيف مع مؤشرات إلى هجوم بري وشيك تستعد له القوات الحكومية. وعلت بعض الأصوات في المجتمع الدولي للمطالبة بوقف التصعيد، فيما توالت بيانات منظمات غير حكومية منددة بوحشية القصف الذي طاول أيضاً منشآت طبية. وكان عبد الرحمن قال إن «راجمات الصواريخ لا تتوقف، اذ استهدفت مدينة دوما بـ 200 قذيفة صاروخية أرض - أرض قصيرة المدى صباحاً». واستهدفت القذائف والصواريخ مدن وبلدات أخرى، بينها سقبا وجسرين وعربين. وأشار إلى «غياب الطائرات عن الاجواء الماطرة في الغوطة». وكان المرصد أعلن أمس تجديد قوات النظام السوري غاراته وقصفه بالبراميل المتفجرة والصواريخ لمدن وبلدات في الغوطة الشرقية، موقعة 40 قتيلاً مدنياً، بينهم أربعة أطفال، إضافة إلى إصابة حوالى 350 آخرين بجروح. ومنذ بدء التصعيد الأحد الماضي، وثق المرصد مقتل حوالى 310 مدنيين، بينهم أكثر من 72 طفلاً، وإصابة أكثر من 1650 آخرين بجروح. من جهتها قالت المستشارة الألمانية انغيلا مركل: «ما نراه الآن الأحداث المروعة في سورية من نظام يقاتل ليس الإرهابيين، بل شعبه وقتل للأطفال وتدمير للمستشفيات كل هذا مذبحة يجب إدانتها»، مضيفة أن «برلين ستبحث الوضع في سورية مع موسكو، مشددة على ضرورة أن «نفعل ما في وسعنا لإنهاء هذه المذبحة». وقالت رئيسة بعثة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في سورية ماريان غاسر في بيان: «يبدو أن القتال سيتسبب في مزيد من المعاناة في الأيام والأسابيع المقبلة، ويجب أن يُسمح لفرقنا بدخول الغوطة الشرقية لمساعدة الجرحى». واعتبرت اللجنة أن الطواقم الطبية في الغوطة تقف «عاجزة عن التعامل مع العدد الكبير للإصابات، ولا يوجد بالمنطقة ما يكفي من الأدوية والإمدادات، لا سيما بعد ورود أنباء عن إصابة المرافق الطبية في خضم القتال». ويواجه عمال الانقاذ والمسعفون والأطباء صعوبة في اتمام مهماتهم جراء ارتفاع أعداد الضحايا والنقص في الامكانات والمعدات، نتيجة الحصار المحكم الذي تفرضه القوات الحكومية منذ العام 2013. ولم تسلم مستشفيات الغوطة الشرقية من القصف، إذ نددت الأمم المتحدة أمس باستهداف ستة مستشفيات، بات ثلاثة منها خارج الخدمة وبقي اثنان يعملان جزئياً. ونفت موسكو اليوم ضلوعها في القصف بعدما كان «المرصد السوري» قال إن طائرات روسية استهدفت مشفى في عربين. واستهدف القصف اليوم مشفى في مدينة سقبا. وقال الطبيب في المشفى بكر أبو ابراهيم: «تعرض المشفى للقصف اليوم للمرة الثانية، وبات خارج الخدمة نهائياً»، مشيراً إلى أنهم يحاولون إجلاء عشرات الجرحى ونقلهم إلى مستشفيات آخرى. وقال الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام مجلس الأمن اليوم: «اوجه نداء الى كل الاطراف المعنيين من اجل تعليق فوري لكل الاعمال الحربية في الغوطة الشرقية لافساح المجال امام وصول المساعدة الانسانية الى جميع من يحتاجون اليها». واعتبر أن القصف العنيف للغوطة حولها إلى «جحيم على الأرض». وقال الرئيس الفرنسي بدوره: «فرنسا تطلب هدنة في الغوطة الشرقية بهدف التأكد من اجلاء المدنيين وهو امر ضروري، واقامة كل الممرات الانسانية التي لا بد منها، في اسرع وقت». واعتبر أنه «بذريعة مكافحة الارهابيين، فان النظام مع بعض حلفائه قرر ان يهاجم سكاناً مدنيين وربما بعضاً من معارضيه». من جهتها، دعت روسيا إلى عقد جلسة علنية لمجلس الأمن غداً لبحث الموقف في الغوطة الشرقية. وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا في كلمة أمام المجلس المؤلف من 15 عضواً: «هذا ضروري نظرا للمخاوف التي سمعنا بها اليوم حتى نتأكد من قدرة جميع الأطراف على عرض رؤاهم وفهمهم لهذا الموقف والوصول إلى سبل للخروج منه».
مشاركة :