جسدت منطقة الباحة خلال مشاركتها في المهرجان الوطني للتراث والثقافة ” الجنادرية 32″ من خلال قرية الباحة التراثية الطريقة التقليدية لبناء القلاع والقصور في الباحة قديماً، بواقع حي يشهده الزائر على أرض الجنادرية، حيث يقف المشاهد أمام عرضٍ لبناء منزلٍ قديم من الحجر ويقوم على تشييده عدد من الحرفيين المهتمين بهذه الحرفة بطريقة تحاكي طريقة الآباء والأجداد في البناء قديماً. وينهج الحرفيون عدة طرق متبعة قديماً في أساليب البناء، مرددين بأعلى أصواتهم بعض القصائد والأهازيج المشهورة قديماً لتثير شجونهم وحماسهم لمواصلة العمل بكل همة واقتدار، لإنجاز هذا المبنى في المدة الزمنية المحددة لهم. ويقول المشارك في بناء البيوت القديمة في قرية الباحة التراثية محمد بن سالم الغامدي ذو 67 عاماً: ” إنني أعمل في هذه الحرفة منذ عشرات السنين”، مبيناً أن الحرفة هواية ووراثة، وأنه يعمل مع رفاقه على إنشاء غرفة من الحجارة وتعتمد على الحجر كمادة للبناء ويتعاون فريق عمل مكون من الباني والملقفين و المشاركين في البناء. وأضاف ” يستخدم في كل بناء ما يُعرف بحجر الزاوية وهو الذي يوضع على الزوايا في بناء الغرفة، كما أن هناك الحجر الطويل الذي يربط بين الحجارة والأخرى في الغرفة، ويسمى “الرابطة” وأيضاً حجر يسمى المتين أو الظهر لإقامة الغرفة، كما أننا نستخدم أيضاً حجارة ” اللزة ” ويعرّفها بأنها حجارة صغيرة جداً تكون حشواً داخل الحجارة الكبيرة حتى لا يكون هناك خللٌ بين الحجارة الكبيرة أو فتحات في الغرفة. وتابع قائلا إنه يستخدم بعد عمليات الرص والتسوية لأركان الغرفة، عملية سقف الغرفة بالخشب لتغطيتها وهي عبارة عن مجموعة من الأخشاب تقص بطريقة معينة طويلة حتى تربط بين أركان الغرفة جميعاً، كما يستخدم نباتات صغيرة تفرش على الخشب لتغطية السقف بالكامل بعدها يوضع الطين عليها ليتماسك السقف ويكون مقاوماً لعوامل التعرية وهطول الأمطار من خلال رصفها بطرق معينة، منوهاً الى بعض الأهازيج المستخدمة أثناء عملية البناء ومنها ” أربعة شالوا الجمل والجمل ما شالهم”. ويشير الغامدي إلى أنه بعد الانتهاء من عمليات البناء، تتم عملية التليس بالطين من الداخل ليكون لونه ترابياً حتى يدفأ في أوقات البرد، ويجلب البرود خلال فصل الصيف ، مبيناً أنه يستخدم البنَّاء أشجار العرعر في الأبواب والشبابيك لأنه أسهل في عملية تغييرها وتحويلها إلى وسائل أخرى يستطيعون الاستفادة منها كما يستخدم في عملية البناء حجارة المرو البيضاء على أبواب وشبابيك المنزل حتى تكون علامة فارقة بلونها، بالإضافة إلى القواعد و الأعمدة والتي يطلق عليها الزافر حيث تعتمد على رفع سقف المنزل حتى لا يسقط. وأفاد أن عملية البناء تتطلب جهداً كبيراً من قِبل البنائين، فالغرفة الصغيرة تحتاج إلى وقت عمل لمدة شهر كامل، مبيناً أن الهدف من هذا المشهد الحي لتعريف زوار المهرجان بطرق بناء البيت القديم، مجيباً على التساؤلات التي ترده من زوار المهرجان ليجدها فرصة للتعريف والشرح عن كيفية البناء، وكم يستغرق.
مشاركة :