جندوبة (تونس) - أعلن فريق من الباحثين التونسيين والبريطانيين الخميس اكتشاف كنيسة وأوّل مقبرة مسيحيّة تعود للعهد البيزنطي في موقع بلاّريجيا الأثري في محافظة جندوبة شمال غربي تونس. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها عدد من الباحثين في مؤتمر صحفي من محافظة جندوبة إثر إنهاء المرحلة الأولى من الحفريات في الموقع الأثري المذكور. وقال الباحث التونسي في علم الآثار مدير موقع بلاّريجيا محّي الدّين الشّوالي إن الحفريات بالموقع توقفت عام 2010 واستؤنفت 2017 بالتعاون مع فريق بريطاني في إطار اتفاقية تعاون دولية تهدف لدراسة الإرث المسيحي بشمال إفريقيا. وأضاف الشوالي أن مساحة حفريات المرحلة الأولى قاربت 3000 مترا مربّعا وتشمل كنيسة ومقبرة مسيحيّة تم العثور بها على 154 قبرا لأشخاص اعتنقوا الديّانة المسيحيّة خلال القرون الخامس والسادس والسابع الميلادية أي خلال العهد البيزنطي . ووفق الشوّالي فإن المقبرة المسيحيّة تنقسم لقسمين أحدهما خصّص لدفن عامة الشعب، والثاني لدفن أعيان مدينة بلاّريجيا إلى جانب الأساقفة والكهنة أمّا القبور فجانب كبير منها مبلّط بلوحات فسيفسائية تحمل الاسم وبعض اللوحات تحمل العمر وسنة الوفاة. من جانبها أشارت الباحثة البريطانيّة في علم الأثار كورساند فينويك في ذات المؤتمر الصحفي بأن بقايا الأسنان والعظام بالقبور تم اخضاع عيّنات منها للتحاليل المخبريّة بلندن. ولفتت أن تلك العينات مكّنت فريق الباحثين من التعرّف على نمط عيش المسيحيين آنذاك ونوعيّة طعامهم وعاداتهم الغذائية وأهمّ الأنشطة التي كانوا يمارسونها ونوعيّة الأمراض المنتشرة حينئذ، وطرق دفن موتاهم وبناء الكنائس، وتنظيم مواكب الدفن والجنائز. وأضافت الباحثة أنّ "هذه الاكتشافات أحدثت نقلة نوعيّة". واعتبرت فينويك أن "المقبرة المسيحيّة (المكتشفة) هي الأولى في شمال إفريقيا التي يتم دراستها علميا وانثروبولوجيا لثراء مكوناتها ومحتوياتها في ظلّ شحّ المصادر والمعلومات بالمقابر المسيحيّة التي تمّ اكتشافها سابقا بجهات أخرى بشمال افريقيا". ويتكون الموقع الأثري بلاّريجيا من ثمانين هكتارا لم يكشف منها الى غاية اليوم سوى عشرين بالمئة. وحسب الباحثين تعود نشأة مدينة بلاريجيا الى القرن الرّابع قبل الميلاد حيث خضعت المدينة سنة 203 قبل الميلاد لسيطرة الرّومان وفي سنة 156 قبل الميلاد أصبحت عاصمة للملك النوميدي ماسينيسا ثم سيطر عليها البيزنطيون. وبلاّريجيا اصطلاحا تتكوّن من كلمتن هما "بلاّ الملكيّة". وبلاّ هو الاسم الذي عجز الباحثون الى اليوم عن فكّ رموزه رغم الكم الهائل من الأثار والحفريات التي قد تنطلق المرحلة الثانية منها خلال هذه السنة وفق إفادة الباحث، الشّوالي.
مشاركة :