رزان عدنان| قال تقرير صادر حديثاً عن مجموعة سيتي بنك إن الكويت تحتفظ بواحدة من أقوى الميزانيات في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تشير تقديراته إلى أن الاحتياطيات المالية للبلاد تساوي 400 مليار دولار (بناء على الميزانيات المالية المتراكمة منذ عام 1985، وافتراضات تتعلّق بمعدل العائد المكتسب على هذه الأصول). وأضاف التقرير، الذي حصلت القبس على نسخة منه، أن هناك تقديرات أعلى، إذ ذكر معهد صناديق الثروات السيادية في أحد تقاريره أن أصول الهيئة العامة للاستثمار تتجاوز 524 مليار دولار. وكافتراض عشوائي أن معدل العائد على هذه الأصول يساوي %3، وإذا ما اضطر الأمر إلى دمج دخل استثمار الهيئة العامة في مقياس الإيرادات الحكومية العامة (كما يفعل صندوق النقد الدولي في بياناته)، فإن عجز ميزانية الكويت في 2017 قد يتقلص من 12.3% إلى 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي. بمعنى أن قوة هذه الميزانية العمومية هي التي تعزز ملاءة الكويت، وتميزها عن غيرها من السيادات الأخرى في الأسواق الناشئة التي تسجّل عجوزات مالية كبيرة، من وجهة نظر «سيتي بنك». سياسياً، قال التقرير: «إن عودة التوتر بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة لا يبشر بالخير بالنسبة لعملية الإصلاح. ففي الكويت عجز مالي، نتوقع أن يصل معدله الوسطي إلى %12 من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية العقد. وفي حين يمكن تمويل العجز من إيرادات الهيئة العامة للاستثمار، إلا أن الحكومة سعت أيضاً إلى تمويل جزء من هذا العجز عبر تمويل ديون، إذ أصدرت أول سندات لها في مارس العام الماضي». ومن وجهة نظر البنك، فإن الجو السیاسي لا يترك في الكویت فرصة كافية للمناورة علی صعيد ضبط أوضاع المالیة العامة. ويتجلى ذلك في أن الحكومة أرجأت إدخال ضريبة القيمة المضافة حتى عام 2019، ولم تحذُ حذو بقية أربع دول خليجية حين رفعت أسعار الوقود هذا العام. علاوة على ما سبق، يرى التقرير أن تشكيل حكومة جديدة في الكويت لم يشكّل حلاً لمصدر التوترات بين الحكومة والبرلمان والتي أدت إلى أزمة في أكتوبر الماضي. هذه التوترات ترتبط أساساً بالجهود الجارية من أجل الإصلاح الاقتصادي والتقشف. فالمعارضة الكويتية، شأنها في ذلك شأن جميع البرلمانيين، لا تشترك في منصة سياسية مشتركة، ولكنها تبنت في الماضي قضايا شعبوية مشتركة. ومنذ هبوط أسعار النفط، لم يشجع البرلمان جهود الحكومة لخفض العجز من خلال ترشيد الإنفاق ورفع الإيرادات غير النفطية. وكان من أبرز النقاط في هذا الصدد ارتفاع أسعار البنزين الذي أعلنته الحكومة في أغسطس 2016، وطعن فيه البرلمان وأيّدته محاكم الاستئناف في عام 2017. أما آخر فصل من المشاحنات، فهو استمرار هذه المعارضة للتقشف، والذي يتجلى في استهداف كبار الوزراء واستجوابهم بشكل هجومي، والتصويت لطرح الثقة.
مشاركة :