واصلت الاحتياطيات الدولية لقطر ارتفاعها في عام 2017، لتثبت قوة الاقتصاد القطري، وفشل الحصار الجائر المفروض على قطر، حيث ارتفعت قيمة الاحتياطيات الدولية 5.5 مليار ريال خلال النصف الثاني من العام الماضي، في مؤشر قياسي على استمرار النمو الاقتصادي بوتيرته العالية، إضافة إلى عدم استخدام الاحتياطي في الإنفاق على واردات السلع الغذائية والمنتجات الصناعية كما توقعت دول الحصار. بلغت قيمة الاحتياطي 137 مليار ريال حتى شهر ديسمبر الماضي، مقابل 131.5 مليار ريال حتى يوليو من العام نفسه، بزيادة قدرها 5.5 مليار، وشملت الاحتياطيات الدولية موجودات سائلة بقيمة 83 مليار ريال حتى ديسمبر، مقابل 68.2 مليار ريال حتى يوليو بزيادة حوالي 15 مليار ريال خلال تلك الفترة، وتراجعت الاحتياطيات من السندات وأذونات خزينة أجنبية إلى 14.2 مليار ريال، مقابل 27 ملياراً بانخفاض 13 مليار ريال، كما تضمنت 33.8 مليار ريال أرصدة لدى بنوك أجنبية مقابل 31 مليار ريال، بزيادة قاربت 3 مليارات ريال، إضافة إلى 4 مليارات ريال احتياطي الذهب، مقابل 3.5 مليار بارتفاع 500 مليون ريال، كما شملت 1.4 مليار ريال ودائع حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي بدون تغيير.كشف خبراء ومصرفيون لـ «» أن الدولة حرصت طوال الفترة الماضية على دعم الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية، من خلال حصيلة الاستثمارات الخارجية وحصيلة الموارد المحلية، بالرغم من الحصار، تأكيداً على قوة الاقتصاد القطري، وتجاوز التداعيات الأولى للحصار المفروض على قطر. ضمان وأكدوا أن الدولة أعلنت أنها لن تتدخل وتسحب من الاحتياطي لتمويل واردات السلع الغذائية، كما يقول الخبير المصرفي عبدالله الأسدي، مضيفاً أن الدولة حافظت على الاحتياطي باعتباره ضماناً للمستقبل، بل وعملت على زيادته من الموارد المختلفة، حتى تكون هناك رسالة واضحة للعالم بقوة الاقتصاد القطري، وقدرته على تجاوز أية آثار للحصار، مع استمرار تنفيذ مشاريع البنية التحتية المقررة، ومشاريع مونديال 2022، الذي تنظمه قطر، وما تتطلبه من خدمات واسعة. ويضيف الأسدي أن الاحتياطيات الدولية لقطر ما زالت من أقوى الاحتياطيات في العالم، بفضل حرص الدولة على زيادتها بصورة مستمرة، لتتواكب مع تطورات الاقتصاد المحلي، بجانب الإدارة السليمة لهذه الاحتياطيات، حيث تراجعت احتياطيات الأوراق المالية في الأسواق العالمية، بعد أن شهدت هذه الأسواق تراجعاً ملحوظاً، مع زيادة الاحتياطيات الأخرى مثل الموجودات السائلة والأرصدة لدى البنوك الأجنبية والذهب، مما يشير إلى الإدارة الجيدة لهذه الاحتياطيات من خلال لجنة الاستثمار في مصرف قطر المركزي، التي تسعى إلى البحث عن أفضل استثمار لهذا الاحتياطي. النمو ويوضح الأسدي أنه من المتوقع زيادة الاحتياطيات الدولية خلال العام الحالي، في ظل الوتيرة المتسارعة لنمو الاقتصاد، وتقليل العجز في الموازنة العامة للدولة، مما يسهم بقوة في دعم وتعزيز الاحتياطيات الدولية لقطر، كما أن استمرار مشاريع الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية والاستهلاكية، يقلل من الاعتماد على الخارج، ونفقات الاستيراد التي كانت تتحملها موازنة الدولة، وكلها عوامل تساهم في زيادة الاستقرار المالي والاقتصادي في الدولة، إضافة إلى الثقة الكبيرة التي تكتسبها قطر بصفة دورية، وأدت إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية وجذب رؤوس الأموال. فشل الحصار الخبير المالي عبدالله الخاطر يؤكد أن زيادة الاحتياطيات الدولية لدى قطر تؤكد فشل الحصار الجائر على قطر، بعد أن توقعت دوله أن قطر سوف تلجأ إلى الاحتياطي الدولي لتمويل عمليات الاستيراد، ولكن الدولة استطاعت زيادة قيمة هذه الاحتياطيات، مع التعامل بكفاءة عالية في إدارة استثمارها في الأسواق الدولية. ويضيف أن الموازنة العامة للدولة سوف تشهد تراجعاً كبيراً في العجز المالي الذي تم العام الماضي، مما يرفع توقعات النمو في قطر، ويعزز من الاحتياطيات الدولية. وحول كيفية إدارة الاحتياطيات الدولية، يؤكد الخاطر أن مصرف قطر المركزي وفقاً لسياسته يسعى إلى استثمار احتياطياته المالية في أدوات استثمارية مضمونة القيمة، مثل السندات الحكومية للدول الصناعية الرئيسية، والودائع المصرفية لدى بنوك ومؤسسات مالية عالمية كبيرة بالعملات الرئيسية، إضافة إلى الاستثمار في الذهب، ويعمل المصرف كذلك على توزيع المحفظة الاستثمارية جغرافياً بهدف توزيع المخاطر، لتحقيق الأمان لهذه الاحتياطيات بما يحافظ عليها، ويوفر حداً أدنى من المرونة لمواجهة السيولة المطلوبة، إلى جانب التركيز على الربحية، بما يحقق أكبر قدر ممكن من الربح مع عدم التفريط بالأمان والسيولة. معايير ويوضح الخاطر أن هناك مجموعة من المعايير لإدارة محفظة الاحتياطيات أهمها ألا تزيد ودائع البنوك وشهادات الإيداع وأذونات الخزينة والأوراق التجارية عن 80% من إجمالي أصول المحفظة، وألا تقل نسبة الاستثمار في السندات الحكومية وغير الحكومية عن 10%، ولا تزيد عن 70% من إجمالي أصول المحفظة، بشرط أن تتراوح آجالها ما بين 2-10 سنوات، وألا يزيد رصيد الذهب عن 5%، وأن يتم توزيع العملات في المحفظة بحيث تتراوح نسبة الدولار الأميركي ما بين 0-90%، واليورو ما بين 0-40%، وألا تزيد نسبة أي من العملات الأخرى القابلة للتحويل كالإسترليني والفرنك السويسري والين الياباني والدولار الكندي عن 15%، ويجب ألا تزيد نسبة الاستثمارات في الدولة الواحدة عن 20% من إجمالي المحفظة، وترتفع النسبة في حالة الولايات المتحدة إلى 40%، ولا يدخل ضمن هذه النسبة الذهب ووحدات حقوق السحب الخاصة، ويجب أن يكون متوسط مُدد السندات 4 سنوات بحد أعلى، كما يجب أن تتمتع أصول المحفظة طويلة الأجل من 2-10 سنوات بدرجة عالية من التصنيف الائتماني بحد أدنى «AA»، ويجب ألا تتجاوز الخسائر الناجمة عن هبوط قيمة الموجودات غير الدولارية في المحفظة جراء انخفاض أسعار الصرف، 2.5% من إجمالي المحفظة. ويؤكد أن إدارة الاحتياطيات وفقاً لهذه المعايير حققت الاستقرار وحافظت عليها، خاصة مع التطورات في الأسواق العالمية، التي غالباً ما تشهد صعوداً وهبوطاً، ولكن المرونة التي تتعامل بها الدولة مع الاحتياطيات ساهمت في زيادتها، خاصة خلال شهور الحصار. توسّع التجارة المصرفي والخبير المالي قاسم محمد قاسم، يؤكد أن الدولة نجحت في التعامل مع القضايا الاقتصادية المختلفة خلال فترة الحصار الجائر، ومنها الاحتياطيات الدولية، فقد توقعت الدول أن تلجأ قطر إلى الاحتياطيات الدولية، أو إلى استثماراتها بالخارج لتمويل عمليات الاستيراد بعد الحصار، وارتفاع تكاليف هذه العمليات، ولكن فتح خطوط ملاحية جديدة، والحصول على مصادر جديدة لتوفير السلع الغذائية كان له أثر إيجابي على مجمل الاقتصاد المحلي، حيث توسعت التجارة الخارجية للدولة وضمت دولاً جديدة، كما تم تطوير التجارة مع دول أخرى وزيادتها. ويوضح قاسم أن ارتفاع الاحتياطيات الدولية يؤكد -بما لا يدع مجالاً الشك- قدرة الاقتصاد القطري على تجاوز أية تداعيات سلبية لعملية الحصار الجائر، والإدارة الجيدة من الحكومة الرشيدة التي تعاملت خلال ساعات مع هذه الأزمة بمرونة عالية، أدت إلى تجاوز تداعياتها بسرعة، وتوفير مصادر جديدة للواردات، مع التركيز على الصناعة المحلية ودعم المنتج المحلي. ويؤكد قاسم أن سياسة مصرف قطر المركزي نجحت في التعامل مع هذا الاحتياطي تراجعاً أو تصاعداً، وفقاً لتغيير قواعد وإجراءات السياسة المالية والنقدية، وقيام «المركزي» أحياناً ببيع السندات وأذونات الخزينة الأجنبية، إضافة إلى سحب أرصدته من البنوك الأجنبية بالخارج لسداد أموال البنوك المحلية التي طلبتها، موضحاً أنه في حالة تراجع الاحتياطي فلن يشكل أية مشكلة للاقتصاد المحلي، خاصة وأن عملية إدارته تخضع لعوامل السوق العالمية، مشيراً إلى أن الاحتياطي الدولي يمثل مؤشراً جيداً على الوضع الاقتصادي في الدول، وقوة الاقتصاد واستقرار سياساتها المالية والنقدية.;
مشاركة :