العين: منى البدوي لم تعاصره الأجيال الجديدة ولكنها توارثت حبه المغروس في قلوب البشر والذي ينتقل من جيل إلى آخر ليس لأسباب جينية وإنما بفعل الصفات والملامح العربية الأصيلة التي يصعب أن تجتمع في شخصية واحدة، إلا أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تفرد بجمعها.ذكريات راسخة في قلوب وعقول من كانوا أطفالا حظوا بمجالسة الشيخ زايد، وقضاء أوقاتاً برفقته، حيث كبر الأطفال ليصبحوا رجالا ترعرعوا في ظل قائد حكيم وأب عطوف يدرك مدى أهمية تنشئة أجيال قادرة على تحمل المسؤولية ومواصلة مسيرة التنمية والبناء والتعمير. بالرغم من مرور السنين إلا أن المواقف بقيت محفورة في القلب قبل الذاكرة، ليشكل إرثا إنسانيا يفاخر به أبناء زايد، وقواعد أساسية في أصول التربية والتنشئة الصحيحة للأجيال وأساليب غرس القيم العربية الأصيلة، وتهيئة الطفل بحيث يكون عنصرا فاعلا في المجتمع وقادرا على خدمة وطنه. من أفضل الأعوام استحضر الشيخ الدكتور محمد مسلم بن حم العامري، في حديثه مع «الخليج» ذكريات ومواقف «زايد رجل الإنسانية» مؤكدا أنه بالرغم من مرور عشرات السنوات على حدوثها إلا أنها ما زالت حاضرة بتفاصيلها، وتتجسد يوميا أمامه من خلال خلفه الصالح الذي انتهج أسلوب وطريقة الشيخ زايد، ومشيرا إلى توقعاته بأن يكون عام زايد 2018 من أفضل الأعوام التي تمر على الإمارات لأنه يحمل اسم القائد الذي صنع المعجزات واقترن الخير باسمه.وقال ابن حم: من نعم الله علي أنني حظيت في مرحلة الطفولة بمجالسة الشيخ زايد، طيب الله ثراه، والاستماع لحديثه الذي لا يخلو من نصح وتوجيه الأب لأبنائه وإرشادهم وأيضا ملاطفتهم والعطف والحنو عليهم حيث كنت مرافقا دائما لجدي الشيخ سالم بن حم العامري والذي كان مرافقا للشيخ زايد، وكان، رحمه الله، يهتم بالأطفال ويحرص على مراعاة الصغير قبل الكبير لإيمانه بأهمية تأسيس الأجيال ليتمكنوا من المشاركة في مسيرة الوطن. وكان يدعو المواطنين لإحضار أطفالهم للمجالس ليتمكنوا من اكتساب العادات والتقاليد. وأضاف: إن طرق وأساليب تعامل زايد، رحمه الله، مع الأطفال تشكل في مجملها نظريات في علم النفس التربوي للطفل حيث كان يتحدث معنا بلغة تفهمها المشاعر قبل أن تدركها عقول الأطفال، وبالرغم من هيبته إلا أن روح المداعبة والبساطة كانت حاضرة في حديثه ما يجعلنا كأطفال نشعر بنوع من الأمان والاطمئنان والراحة أثناء تواجدنا معه.وعاد ابن حم بذاكرته عشرات السنين ثم قال: إذا كنت تريد أن تعرف مستقبل الطفل فانظر إلى مرافقيه ومدى قربه من كبار السن، فإذا كان كذلك فاعرف أن الطفل له عقل ينضج ويتقبل الأفكار. هذه واحدة من العبارات التي ما زلت أذكرها والتي كان يرددها الشيخ زايد للأطفال والتي كانت تولد فينا الحماس والرغبة في التواجد بمجالس الكبار وإثبات قدرتنا على تحمل المسؤولية. زايد رجل الإنسانية عند الحديث عن الإنسانية والتسامح والكرم والرحمة لا يمكن أن يكون للحديث عنوان سوى زايد رجل الإنسانية الذي من الصعب حصر مواقفه التي كنت شاهداً عليها حيث يعلم جميع أبناء الإمارات أن زايد قبل ظهور النفط، شرع أبواب قصر المويجعي للأيتام والفقراء حتى يتمكنوا من تناول الطعام، ومن صفاته التي أدهشت من حوله تسامحه إلى أبعد الحدود مع من أساء ويؤثر الآخرين على نفسه ولو كان به خصاصة. وفي موقف آخر وخلال سيره في مركبته، رحمه الله، لاحظ وجود شجرة نخيل هزيلة أو غير معتنى بها فلم يتناون عن الترجل من المركبة ليبدأ بنفسه بحفر الأرض والبحث عن الأسباب ليأمر بمعالجتها وتوجيه النصائح والإرشادات للمهندسين.وختم حديث الذكريات بحوار دار بين الأب القائد زايد وجده الشيخ سالم بن حم العامري حيث قال الأخير «نعرف مدى وعمق وأسباب حب الناس لك لكن ما يثير الاستغراب هو مدى عمق مشاعر الحب والاحترام والتقدير التي يكنها الأطفال الصغار وتعلقهم بزايد» ليرد الشيخ زايد ببساطة ونظرة ليس لها حدود «الطفل يستمع لأهله وعرف بمحبة المواطنين لي فأحبني». ومنذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا ما زلنا نتوارث حب زايد وأنجاله حفظهم الله الذين تربوا في مدرسته ونهلوا من حكمته وسياسته الإنسانية والاجتماعية.
مشاركة :