القاهرة - وكالات: يرى مراقبون بمصر أن الدعم الإماراتي للنظام الحاكم أحد أسباب استمراره في إدارة البلاد، كما اعتبروا أن الاستثمارات المشتركة بين الشركات الإماراتية والهيئة الهندسية تعتبر أهم ركائز هذا الدعم. وتعدّدت أشكال الدعم الإماراتي لنظام الرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي منذ العام 2013. وكانت أهم مسارات الدعم تلك التي تمّت بين الشركات الإماراتية وبين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والهيئة الهندسية التابعتين للقوات المسلحة. ومؤخراً، وقّعت شركة «ماجد الفطيم» الإماراتية اتفاق تعاون مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولي وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية لإنشاء مئة متجر للتجزئة تحت العلامة التجارية كارفور بنظام المناطق الاستثمارية في عدة محافظات. توسع وأواخر العام الماضي، وُقعت مذكرة تفاهم بين مجموعة شركات القاسمي الإماراتية والشركة الوطنية لاستثمارات سيناء لإقامة مجموعة من المشروعات الاستثمارية في سيناء. وتضمّنت المذكرة تنفيذ القاسمي الإماراتية والشركة الوطنية مجموعة من المشروعات الاستثمارية في سيناء، منها مصنع لإنتاج العبوات البلاستيكية، وآخر للمنتجات الزراعية المجمّدة. ومن المساهمين في الشركة الوطنية لاستثمارات سيناء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية. وعلى مدى طويل، ظل وجود الاستثمارات غير المصرية في سيناء يمثل هاجساً مقلقاً لدى مؤسسات الدولة وأهالي سيناء على السواء، وكانت توضع له شروط صعبة تتعلق بملكية المؤسسات لأراضي مشروعاتها، غير أن مجموعة القاسمي حصلت على تسهيلات كبرى لإقامة المشاريع. بدايات وكانت بدايات التعاون منذ وقوع الانقلاب عام 2013، حينما أطلق السيسي بصفته نائب رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة؛ مبادرة «من أجل شباب مصر» لحل مشكلة الإسكان للشباب محدودي الدخل. ووقعت الهيئة الهندسة للقوات المسلحة وقتها بروتوكول تعاون مع شركة «أرابتك» الإماراتية لإنشاء مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس التي أعقبت الانقلاب. وأعلنت الهيئة الهندسية بين عامي 2015 و2016 عن التعاون مع الجانب الإماراتي في إنشاء وحدات سكنية نموذجية وعشرات المدارس والمراكز الطبية والساحات الرياضية والمحلات التجارية والمخابز ونقاط الشرطة ونقاط الإطفاء في 17 محافظة. ولا يشعر المصريون بمردود هذه المشروعات الإماراتية عليهم رغم كثرتها، ورغم مرور سنوات على انطلاق بعضها كمشروع الإسكان. وتعثر مشروع الإسكان بسبب مشاكل تتعلق بالشركة الإماراتية رغم موافقة السيسي على منح الأرض بالمجان للشركة، ما وفّر ربع التكلفة التي موّلها نحو أربعين بنكا. تعظيم عوائد ورأى المحلل السياسي مجدي حمدان في هذه الاتفاقات جزءاً من توجّه الدولة لتقليص دور القطاع الخاص و «تعظيم مدخلات المؤسسة العسكرية»، واعتبرها انعكاساً واضحاً لمقولة أن الوزارات «مجرد سكرتارية» لا دور لها في إدارة الدولة. والأمر هنا يبعث على التساؤل عن ماهية استفادة الدولة والمواطن في ظل هذه الحالة من الإسناد المباشر بلا أي أطروحات أخرى مثل المناقصات والمزايدات. ويعتقد حمدان في حديثه للجزيرة نت أن الاهتمام الأكبر للدولة حالياً لا يُعنى كثيراً بالإجراءات، ليركز على «توجهات جديدة مع الفترة الرئاسية المقبلة»، حيث تستهدف هذه التوجهات وضع الاقتصاد المصري بكل أنشطته في يد مؤسسة واحدة فقط، حتى إذا وقعت مفاجآت بالتغيير فإن «التحكم المباشر في مفاصل الدولة يكون بيد تلك المؤسسة العسكرية». وشهدت العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر والإمارات تحسناً ملحوظاً بعد الانقلاب العسكري يوم 3 يوليو 2013. ولا تتوفر بيانات عن نواتج هذا التحسن، فالمحلل الاقتصادي ممدوح الولي ينفي وجود معلومات محدّدة عن حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر بسبب «التعتيم الإعلامي» الذي تفرضه وزارة الاستثمار على هذه الاستثمارات. كما لم تصدر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة حتى الآن أي بيانات بمجمل الاستثمارات الإماراتية في مصر، ولا الأرباح ولا عدد الشركات. لكن مجموعة الفطيم الإماراتية هي أبرز المؤسسات الإماراتية العاملة في مصر، وهي إلى جانب مشروع كارفور تدير عدداً من محطات الوقود، وفق المتوفر من بيانات وزارة الاستثمار. وأرجع ممدوح الولي تزايد التعاون الاستثماري بين الإمارات والهيئة الهندسية وكافة هيئات الدولة عموماً إلى علاقات سياسية قوية بين الجانبين. وأكد أن القصور الحكومي في تسهيل تدفق المعلومات عن حجم الاستثمارات الإماراتية الموجودة في مصر غير مفهوم، فحتى مسؤولو نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك كانوا حريصين دائماً على إتاحة تقارير دورية عن حجم الاستثمارات العربية والأجنبية في البلاد.
مشاركة :