تنتشر مع موسم الشتاء الأمراض التنفسية المعدية، خاصة بين طلاب المدارس وأطفال الحضانات، ويعتبر من أشهر هذه الأمراض وأكثرها انتشاراً بين الأطفال مرض الحمى القرمزية، ويطلق عليه أيضاً مسمى العقدية وهو مرض بكتيري يحدث نتيجة عدوى بالجراثيم العقدية المقيحة.من ضمن أعراضه ظهور الطفح الجلدي الأحمر الفاقع الذي يغطي معظم أنحاء الجسم، وينتج عن ذيفان تفرزه هذه السلاسل من الجراثيم، كما يصاحب الحمى القرمزية التهاب في الحلق وحمى شديدة، وينتشر هذا المرض في الأطفال بين عمر 5 إلى 10 سنوات، ويمكن أن يصل مدى الإصابة به إلى 15 سنة.تكتسب أجسام الأطفال بعد سن الـ10 مناعة تجاه ذيفانات الجراثيم العقدية، ويحذر الأطباء من خطورة ترك الحمى القرمزية بدون علاج، حيث من الممكن أن تؤدي إلى حالات خطرة، وتؤثر في أجزاء حساسة من الجسم مثل القلب والكليتين، وفي هذا الموضوع سوف نتناول مرض الحمى القرمزية بالتفاصيل، ونطرح العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به، وكذلك نبين طرق الوقاية الممكنة ونقدم أساليب العلاج المتاحة والحديثة. البداية التهاب الحلق تبدأ أعراض الحمى القرمزية في الظهور بعد مرور يومين إلى 5 أيام من الإصابة بالعدوى، وغالباً ما يشعر الشخص المصاب في البداية بالتهاب في الحلق وصداع وارتفاع درجة الحرارة، الذي يمكن أن يجعل بعض الحالات تعاني الهذيان أو التشنج، يلي ذلك ظهور الطفح الجلدي في حدود 12 إلى 48 ساعة، ويغطي الجسم عامة في غضون حوالي 24 ساعة،وتعد البقع الحمراء أول علامات الطفح ظهوراً، ولا تلبث أن تتحول إلى اندفاع جلدي ذي لون أحمر وردي، وأيضاً خشن الملمس مثل ملمس ورق الصنفرة، وتبدو مثل حرق الشمس، كما يظهر احمرار شديد في طيات الجلد مثل المرفقين والإبطين، ويظهر الطفح في مكان واحد في الغالب على الرقبة أو الوجه، ثم ما يلبث أن ينتشر سريعاً إلى أجزاء أخرى من الجسم، مثل الأذنين والرقبة والصدر وباطن الفخذين والمرافق.وينتشر الطفح في الوجه في أحوال نادرة، لكن الوجنتين يمكن أن تصبحا محمرتين مع شحوب حول الفم، ويتحول الطفح إلى اللون الأبيض إذا تم الضغط عليه.وفي الغالب يتلاشى الطفح في مدة 7 أو 8 أيام، غير أن بشرة الجلد تتقشر بعد عدة أسابيع، وفي الحالات البسيطة يكون الطفح العرض الوحيد للإصابة، وتتضمن الأعراض الأخرى تورم العقد الليمفاوية في الرقبة، وفقدان الشهية والغثيان أو القيء، وتظهر طبقة بيضاء على سطح اللسان، لا تلبث أن تتقشر بعد عدة أيام، وتترك اللسان محمراً ومتورماً، وهو ما يعرف بلسان الفراولة، مع شعور عام بالإعياء، وفي بعض الحالات القليلة يشعر المريض بألم في الحلق. الجرثومة القرمزية ينجم مرض الحمى القرمزية عن الإصابة بعدوى الجرثومة العقدية، وهذه الجرثومة هي التي تسبب حالة التهاب الحلق، وهناك أنواع عديدة من هذه الجرثومة العقدية، وبعضها يسبب أمراضاً خطرة، والبعض الآخر يسبب أمراضاً خفيفة وبسيطة.وتنتقل العدوى بالحمى القرمزية عند استنشاق الجراثيم الموجودة في قطيرات اللعاب المحمولة في الهواء، وهي التي تنبعث من عطاس أو سعال شخص مصاب، وكذلك مخالطة شخص مصاب بعدوى جلدية بالجراثيم العقدية.ويمكن أن تنتقل بمشاركة ملابس أو أغطية السرير أو المناشف الخاصة بالشخص المصاب، كما أن العدوى تنتقل من شخص حامل للجراثيم في حلقه أو على بشرته إلى شخص سليم، وذلك دون ظهور أي أعراض عليه.وينبغي الحصول على استشارة طبية فور اشتباه الوالدين في الأعراض التي تظهر على الطفل، ومنها ملاحظة وجود الحمى من خلال ارتفاع درجة حرارة الطفل المصاب لأكثر من 38 درجة، مع ظهور الطفح الجلدي والغدد المتورمة.ويستند الطبيب في تشخيصه إلى التاريخ الطبي للمريض، ويمكن أن يقوم بالحصول على مسحة من الحلق لفحص الجرثومة العقدية، وفي الغالب فإن الطبيب يتمكن من تشخيص حالة الإصابة بالحمى القرمزية بمجرد ملاحظة الطفح الجلدي والأعراض الأخرى المصاحبة.وفي بعض الحالات يحدث نوع من الخلط بين أعراض الحمى القرمزية وأنواع الطفح الجلدي بما في ذلك المتعلقة بالحصبة والحساسية، ولذلك يجب على الطبيب توخي الحذر والتدقيق في الأعراض وعمل اللازم قبل اتخاذ قرار التشخيص. البنسلين وخافض الحرارة يؤكد الأطباء أهمية علاج الحمى القرمزية بشكل سريع، وذلك لتجنب المضاعفات التي يمكن أن تحدث وتؤثر في عدد من أجهزة الجسم الحيوية، ويشمل العلاج استخدام المضادات الحيوية.وفي العادة فإن البنسلين يكون الدواء المقترح، وإذا كان لدى المريض حساسية من البنسلين فتوجد بعض البدائل الأخرى، ويجب تناول الدواء لمدة تصل إلى 10 أيام على الأقل، حتى وإن تعافى المريض قبل إتمام مدة العلاج، لأن معظم المرضى يتماثلون للشفاء بعد مضي 5 إلى 6 أيام بعد بداية العلاج.ويلاحظ أن إتمام خطة العلاج بنجاح يقلل من احتمالات حدوث مضاعفات، ويمكن الاستعانة بالمسكنات وخافضات الحرارة التي تقلل ألم الحلق واللوزتين، وينبغي أن يكون طعام الطفل سهل البلع، وعلى الأم أن تكثر من تقديم عصائر الفواكه الطبيعية والسوائل بصفة عامة.وكذلك يجب قص أظفار الطفل الذي يعاني حكة في الجلد حتى لا يستخدمها في تخفيف آلام الحكة، ويمكن استخدام ملطفات الجلد للتخفيف من هذا الشعور، وفي حالة ارتفاع حرارة الطفل بدرجة شديدة يجب أن يعزل داخل غرفة نظيفة وجيدة التهوية مع الراحة التامة. النظافة والمضاعفات يوجد عدد من النصائح والإرشادات والطرق التي تؤدي إلى الوقاية من مرض الحمى القرمزية، ومنها اتباع القواعد الصحية والاهتمام بنظافة الطفل الشخصية ونظافة أدواته الخاصة، كما يجب تجنب الاختلاط بمصابي الحمى القرمزية والتهاب الميكروب السبحي، مثل التهاب الجلد والحلق واللوزتينويعزل الطفل المريض عن بقية إخوته مع الراحة التامة في الفراش، وعدم تعرضه لتيارات الهواء ويمنع من الذهاب للمدرسة.ويجب تخصيص أدوات خاصة بالطفل المريض، خصوصاً الأشياء الشخصية مثل المناديل والمناشف، مع مراعاة التخلص من جميع المناديل المستعملة في السعال أو العطس، وإن كانت من القماش يتم غسلها مباشرة وجيداً، وفي حالة لمس أي من أشياء المريض يجب غسل اليدين بالماء والصابون بشكل جيد.ومن الأهمية غلي الحليب قبل تناوله مع الاهتمام بألا يتلوث الماء أو الطعام، ويجب مكافحة الحشرات الطائرة مثل الذباب، والتهوية الجيدة للمنزل مع الاهتمام بتناول الغذاء الصحي، الذي يزيد من مناعة الجسم ويقوي مقاومته للأمراض.ويجب الاهتمام بعلاج التهابات اللوزتين الحاد والحلق بشكل مكثف، للتأكد من أن الميكروب السبحي اختفى تماماً، ويجب التأكيد على أنه لا يوجد لقاح فعال يحمي من عدوى الجراثيم العقدية، وتأخير العلاج يسبب مضاعفات الحمى القرمزية، وهي مضاعفات إنتانية تحدث نتيجة انتشار العقديات في الدم، وبسبب الاستجابة المناعية الشاذة تحدث مضاعفات مناعية، ومنها التهاب الأذن الوسطى والتهاب الجيوب الأنفية، وأيضا الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا، وإنتان الدم الكامل وهي الحالة التي يطلق عليها الحمى القرمزية الخبيثة.ويمكن في حالات نادرة تفاقم العدوى إلى أمراض أكثر خطورة مثل الحمى الروماتيزمية، والتهاب كبيبات الكلى والحمى الرئوية، وتظهر هذه المضاعفات في أغلب الأحيان عقب مرور 15 يوماً على عدم تلقي علاج الحمى القرمزية، ويلاحظ أن أغلب حالات العدوى العقدية يمكن أن تعالج وتشفى تماماً دون أي مضاعفات مستديمة. توقف الخطورة مثلت الحمى القرمزية في الماضي رعباً في نفوس الكثير من الأشخاص، حيث كان من الممكن أن تنتهي بالموت، خاصة في ظل عدم توافر الرعاية الصحية الجيدة، غير أن توافر العلاج الفعّال من خلال المضادات الحيوية القوية أدى إلى أن انخفاض نسبة الوفيات بشكل كبير، كما تجنب المضاعفات التي تحدث من أثرها وجعلها أقل خطورة، وعامة فإن الازدحام والتكدس في البيوت والمدارس وما شابهها مع سوء التهوية، وغياب الرعاية الصحية يؤدي لانتشار مثل هذه الأمراض، وينصح الأطباء بضرورة إجراء تحليل بول وفحصه أسبوعياً لمدة شهر عقب الإصابة بالمرض، وذلك من أجل تجنب مضاعفات الحمى القرمزية التي تحدث في مرحلة متأخرة مثل التهاب الكلى، ويجب أن يخضع جميع أفراد عائلة المريض للفحص الطبي، لأن تلوثات الجرثومة العقدية معدية للغاية، ويشير الباحثون إلى أنه لا يوجد دليل علمي على إمكانية تعرض الجنين للخطر في حال إصابة الأم بالحمى القرمزية، لكن من الأفضل إبلاغ الطبيب في المراحل الأخيرة من الحمل، إذا خالطت مريضاً بالحمى القرمزية، ومن النادر أن يصاب الشخص بالحمى القرمزية أكثر من مرة.
مشاركة :