«الجاثوم».. أحد اضطرابات النوم التي تسبب الرعب

  • 2/25/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعددت أسماؤه، وكثرت محاولات إيجاد تفسير له، إنه الجاثوم، أو شلل النوم، الذي يعتبره الباحثون أحد اضطرابات النوم، وفيه يشعر الأشخاص بالوعي مع عدم القدرة على الحركة، ويحدث عندما يكون الفرد بين مراحل اليقظة والنوم، والتعريف العلمي لمشكلة الجاثوم هو أنه حالة من الاختناق وعدم القدرة على الحركة أثناء النوم، وفي الأغلب فإن هذه الحالة تحدث أثناء النوم، وعندها تسمى بشلل النوم التنويمي.وإذا حدثت أثناء الاستيقاظ تدعى بالاستيقاظ التابع للنوم، ويمكن أن يحدث الجاثوم مرة واحدة في عمر الشخص، ويمكن أن يصيبه مرات عدة في الليلة الواحدة، كما أنه يستمر بضع ثوان، أو يمتد عدة دقائق، وتسبب هذه النوبات حالة من الخوف، خاصة إن رأى، أو سمع المصاب أشياء غير موجودة في الحقيقة، غير أنها لا تعد حالة طبية خطيرة، وفي هذا الموضوع سوف نتناول مشكلة الجاثوم بالتفاصيل، والأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة بها، وكذلك طرق الوقاية والعلاج لهذه المشكلة المؤرقة للكثير.المرحلة الأخيرةساهم اكتشاف الرسم الكهربائي للمخ في التعرف إلى مراحل النوم المختلفة التي قسمها العلماء إلى 5 مراحل، وتحدث نوبة الشلل النومي في المرحلة الأخيرة التي يرى النائم فيها أغلب الأحلام، كما تحدث فيها ظاهرة حيرت العلماء وهي الحركة السريعة للعينين، وتبدأ هذه المرحلة في العادة بعد نحو 90 دقيقة من بداية النوم، في الثلث الأخير من ساعات النوم، أي قرب وقت الاستيقاظ، حيث تكون عضلات الجسم جميعاً مسترخية فيما عدا الحجاب الحاجز وعضلات العينين الخارجية.وخلافاً للطبيعي، لا يمكن للشخص أن يتخلص من ارتخاء عضلات جسمه، وهو ما يصيبه بالتوتر، والرعب الشديدين، بسبب رؤية بعض الأطياف المزعجة، وإحساسه بالعجز والاختناق، وعدم القدرة على الكلام والحركة، وتنتهي نوبة الجاثوم بمجرد ملامسة المصاب بهذه الظاهرة من أي شخص، أو عند حدوث ضجيج، أو بمرور الوقت وعندها يستيقظ في حالة من الرعب والتوتر، وحتى البكاء.وتبدأ ملاحظة شلل النوم في سن المراهقة، ويمكن أن يصيب عدة أفراد في العائلة الواحدة بصورة مكثفة، كما يصيب كلا الجنسين، ومختلف الأعمار، والفسيولوجيا التي تحدث في شلل النوم مازالت غير معلومة بالشكل الكافيويرى البعض أنه من الجائز أن يكون هناك ارتباط بينها وبين كبت الخلايا العصبية الحركية في منطقة جسر فارول في الدماغ بالذات، مع تدني مستويات الميلاتونين، وهو ما يحول تفعيل العضلات لمنع جسم النائم من تحريك عضلاته، ويجعل الإنسان عندما يحلم لا يستطيع أن يحرك قدميه إذا كان يحلم بأنه يعدو.وتوجد بعض العوامل التي تؤدي إلى هذا الأمر، منها الضغوط المتزايدة، والمشاكل النفسية، مثل التوتر أو الاضطراب ثنائي القطب، وقلة النوم أو الحرمان منه، مع عدم انتظام مواعيده، والنوم على الظهر، وكذلك بعض العقاقير مثل الأدوية المنومة، وعقاقير الهلوسة، والتغييرات المفاجئة في البيئة المحيطة.ولعل من المفارقات أن نوم الإنسان ويده على صدره تجعله يصاب بهذه الحالة، وثبت ذلك من خلال بعض الحالات التي كان يعاني أصحابها الجاثوم بسبب وضعية اليد على الصدر أثناء النوم، ويمكن أيضا أن يكون وراء الإصابة بشلل النوم امتلاء المعدة بالطعام.فقدان الحركةيعتبر العارض الأساسي لمشكلة شلل النوم هو الإحساس بعدم القدرة على الحركة، أو الحديث حال الاستيقاظ من النوم، أو الخلود إليه، حيث تصاب العضلات بحالة من الشلل الجزئي، أو التام أثناء النوبة، ماعدا عضلة الحجاب الحاجز المسؤولة عن التنفس، وكذلك عضلات العين.يمكن أن يصاحب نوبات شلل النوم هلوسات سمعية، أو بصرية، أو شعورية، وتستمر نوبة الجاثوم بضع ثوان إلى بضع دقائق، قبل أن يستطيع الشخص العودة إلى النوم مرة أخرى، أو يستيقظ تماماً، وفي حالة العودة إلى النوم فإنه غالباً ما يدخل وضعية الحلم.ويمكن أيضاً أن تسبب هذه النوبات حالة من الإرهاق والضعف تصيب المريض، كما أنها تحرمه من النوم خوفاً من تكرار حدوث نوبة الشلل، وفي بعض الحالات يكون مصحوباً باضطراب يدعى نوبات النعاس، أو النوم القهري، وفيه لا يمكن للشخص المريض السيطرة على هجمات النعاس التي تصيبه، ويمكن أن يحتاج بعض المصابين بمرض شلل النوم إلى استشارة الطبيب، في حالة الشعور بالقلق حول أعراض هذا المرض، خاصة إذا سبب تعباً له خلال النهار أو إعاقته عن النوم ليلاً.ومن الجائز أن يحتاج الطبيب لجمع المزيد من المعلومات عن صحة النوم لدى المريض، عن طريق القيام بوصف الأعراض التي تحدث له، ويكلف الطبيب الشخص المصاب بكتابة يومياته، وما يعانيه أثناء النوم لمدة أسابيع، كما يناقش الطبيب التاريخ الصحي للمريض، بما في ذلك أي اضطرابات أخرى للنوم، ويمكن أن يحيل المريض إلى اختصاصي باضطرابات النوم، حتى يحصل على مزيد من التقييم.الحياة الصحيةيشير الأطباء إلى أن الأشخاص المصابين بمرض شلل النوم لا يحتاجون إلى علاج، وينصحون بعدم النظر إليه على أنه مرض خطر، بل لا يعدو أن يكون اضطراباً من اضطرابات النوم، ولا يوجد دليل على تسببه بالمخاطر، أو أنه تسبب بوفاة أحد المصابين به، وذلك أن عضلة الحجاب الحاجز تستمر في أداء عملها، وتستقر وظيفة التنفس ونسبة تشبع الدم بالأوكسجينوفي الأغلب يحتاج المصاب به إلى بث الطمأنينة وشرح طبيعة الاضطراب، وعامة يعتمد علاج الجاثوم على انتهاج أساليب الحياة الصحية، مثل انتظام مواعيد النوم والاستيقاظ، وممارسة الرياضة، والنوم ساعات كافية في الليل، والنوم على أحد الجانبين بدلاً من الظهر.ومن الأهمية تجنب أسباب التوتر والقلق والسهر، مع معالجة القلق بالأساليب السلوكية، ويمكن أن تفيد في بعض الحالات الأدوية المهدئة وعلاجات الاكتئاب لتخفيف التوتر.ويفيد المصاب بشلل النوم اتباع بعض الإجراءات التي تساعده على تجنب التعرض لهذه النوبة، ومنها الحرص على عدم التفكير المقلق قبل النوم، مثل الإخفاق في الدراسة، أو العمل، وغير ذلك مما يثير المخاوف لديه، وربما التفكير في هذه الأمور يؤدي إلى إنتاج أحلام مزعجة.كذلك يعمل على تجنب الأسباب التي تؤدي للإصابة بالجاثوم، مثل امتلاء المعدة بالطعام والنوم مباشرة، ووضع اليد على الصدر وهو نائم، والنوم على الظهر بدلاً من الجنب الأيمن، ويفضل الامتناع عن شرب المنبهات كالشاي والقهوة قبل النوم مباشرة، وأيضاً المشروبات التي تحتوي على الكافيين، مثل المشروبات الغازية، لأن الصعوبة في الخلود إلى النوم تؤدي لبعض الأحلام المزعجة، وعامة فإن الأخذ بأسباب الراحة عند النوم تبعد شبح الإصابة بهذه النوبات المزعجة.حقائق غريبةعلى الرغم من التشابه الكبير بين شهادات الأشخاص الذين تعرضوا لمشكلة شلل النوم، إلا أنه لم تتطابق تجربتان تماماً، حيث إن الأحلام التي يراها النائم هي انعكاس لأفكاره وأحاسيسه الخاصة، وبالتالي فهي تختلف من شخص لآخر.ولا ترتبط نوبات شلل النوم بالليل، يمكن أن تحدث أيضاً في فترة النهار، كما أنها لا ترتبط بعمر فيمكن أن يصاب بها شخص في السبعين من عمره، أو مراهق في الثالثة عشرة من عمره، ولا علاقة بينها وبين النظام الغذائي، كما يمكن أن تتكرر في ليال متتالية ثم تتوقف من دون تفسير منطقي لذلك، وتعتبر تجربة شلل النوم من أكثر التجارب المرعبة، ويمكن أن تحدث والعينان مفتوحتان، أو مغمضتان، وتجربة هذا الأمر في حالة العينين المفتوحتين أمر مرعب للغاية، خاصة عند إدراك ما يدور حولنا. أعداد كبيرة أظهرت دراسة حديثة أن أعداداً كبيرة من الأشخاص تصاب بمشكلة شلل النوم، وتقدر هذه الأعداد بحوالي 3% من الأفراد الذين يتعرضون للإصابة بنوبة شلل النوم مرة في الشهر على الأقل، ويتعرض الشخص للإصابة بهذه الحالة في أي عمر، وبحسب الدراسات فإن 12% من الناس يتعرضون لهذه الأعراض لأول مرة خلال الطفولة، وشغل تفسير هذه الظاهرة الكثيرين على مر العصور، ولأجل ذلك أطلق عليه العديد من الأسماء، فهو أبولبيد والرابوص وعفريت النوم، وكان يعرف في الغرب بمتلازمة الجنيّة العجوز، وتعزى هذه التسمية لفولكلور شعبي، يصور جنيّة تجلس فوق صدر النائم مسببة له ضيقاً في التنفس وعدم قدرة على الحركة، وكان ينسب الجاثوم إلى الشر ووجود الشياطين في الليل، حيث كان الاعتقاد السائد أن ما يحدث سببه وجود شيطان أو مخلوق غريب يحاول أن يصيب الإنسان بمكروه.

مشاركة :