جوناتان ويتلي*كانت سندات العملات المحلية في الأسواق الناشئة خلال العامين الماضيين مفضلة على سندات مقومة بالدولار حيث ارتفع الإقبال عليها 7%. ساعد ذلك إضافة إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية على تراجع معدلات التضخم بقوة.تصدرت سندات الدين بالعملات المحلية في الأسواق الناشئة قائمة الأصول التي تحظى بجاذبية المستثمرين، فحتى خلال التصحيح الذي شهدته الأسواق العالمية لمدة عشرة أيام مؤخرا، لم تهبط معدلات العائد عليها عن 3.4% هذا العام مقابل 2.3% متوسط العائد على أسهم الأسواق الناشئة عموما و0.9% لأسهم مؤشر «إس اند بي 500».وعلى مدى عامين صعدت معدلات العائد على سندات الأسواق الناشئة المحلية على مؤشر جيه بي مورغان ومؤشر «غلوبال دايفرسيفايد» الذي يتابع الأسواق الناشئة بنسبة 34% منذ أن بدأ مسارها الصعودي الحالي في يناير/ كانون الثاني 2016. ويقول مديرو صناديق الاستثمار أن هذا العام شهد تحولا نوعيا تمثل في عودة صناديق الاستثمار الكبرى مثل صناديق التقاعدية التي كانت تدير ظهرها لهذه الأصول، للاستثمار فيها مجددا.وإذا فشل اضطراب الأسواق الأخير في دفع هذه الصناديق لتغيير رأيها من جديد فلا بد أن تزيد من زخم تلك الأسواق الذي بدأ قبل عامين.وقد كانت سندات العملات المحلية في الأسواق الناشئة خلال العامين الماضيين مفضلة على سندات مقومة بالدولار خلال عامي 2016 و2017 حيث ارتفع الإقبال عليها بنسبة 7%. وقد ساعد ذلك إضافة إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية في تراجع معدلات التضخم في الأسواق الناشئة بقوة، ما عزز قدرة البنوك المركزية فيها على تخفيض معدلات الفائدة.ويقول بول غرير مدير محافظ ديون الأسواق الناشئة لدى شركة «فيديلتي» إن هناك أربعة عوامل جديرة بالمتابعة. أولها المؤثرات الأساسية. فظاهرة النينو التي تسببت بالجفاف والفيضانات في دول أمريكا اللاتينية عامي 2015 و2016 رفعت أسعار المواد الغذائية التي عادت إلى مستوياتها المتوازنة العام الماضي ما يعني أن تأثير هذا العامل قد تلاشى.والثاني هو ارتفاع أسعار النفط والطاقة والموارد الطبيعية التي سوف تحد من تأثير التضخم في الأسواق الناشئة.والثالث هو النمو الاقتصادي، حيث يتوقع أن يحقق الناتج الإجمالي المحلي هذا العام في بعض الدول الناشئة نسبة 5% أو أكثر. وهذا كفيل بردم الفجوة بين مستويات الناتج وبالتالي الضغط على الأسعار والأجور.وأخيرا الدولار الذي لا بد أن ينتعش هذا العام بعد سنة من الضعف، ما يعني انتعاش معدلات صرفه أمام عملات الأسواق الناشئة وتبديد ضغوط التضخم.إلا أن تلك العوامل لن تحدث بين عشية وضحاها ولن تشمل كل الدول الناشئة.فمنذ تراجع معدلات العائد على سندات الخزانة الأمريكية في سبتمبر 2017 شهدت معدلات العائد على السندات في دول منها روسيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا تراجعا لافتا.أما في بعض الدول فقد استمر التضخم في الصعود بحيث اضطرت البنوك المركزية، إما لخفض الفائدة وإما الحفاظ على سياستها الحمائمية.لكن أداء أسواق السندات في كل من تركيا ورومانيا والمكسيك والفلبين وبولندا والهند كان أضعف خلال الأشهر الستة الماضية. وفي هذه البلدان استمر التضخم في الصعود حتى أنه بات مشكلة بحد ذاته، ما دفع البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة أو التمسك بسياستها الصقورية.وبالمجمل تصب التطورات في صالح المجموعة الثانية التي عانت التضخم خلال السنوات الست الماضية حيث ينتظر أن تشهد تراجعا مستمرا في معدلاته بعد أن بدأ التراجع فعليا في نوفمبر الماضي وهو ما ينعكس على أصول الأسواق الناشئة عموما.في هذه الحالة سوف تواجه سندات العملات المحلية في الأسواق الناشئة مزيدا من التعقيدات.فالعائد على هذه السندات يتعرض لتراجع منذ سنتين مقارنة مع سندات الخزانة الأمريكية. وقد فك الارتباط بين الفئتين منذ ستة أشهر ما رفع تكاليف سندات الأسواق الناشئة وبالتالي فهي تستعد لتصحيح وشيك.ومن هنا ينصح غرير المستثمرين في سندات الأسواق الناشئة بعملاتها المحلية توزيع المخاطر بشراء سندات مرتبطة بالتضخم في تلك الأسواق التي لا تزال تبدو أسعارها متوازنة مقارنة مع سندات الخزانة الأمريكية باستثناء بعض العملات التي تم ذكرها، حيث لا تزال السندات تبدو جاذبة وجديرة بالشراء.لكن في حال شمل تراجع التضخم كل الأسواق الناشئة فسوف تطال المشكلة جميع المستثمرين ولن تبقى مقتصرة على المستثمرين في سندات العملات المحلية.فعلى الرغم من تحسن أساسيات الاقتصاد وسلوك مسار النمو وتنظيف الموازين الختامية لبعض تلك الدول إلا أن حجم مديونيتها لا يزال مصدر قلق.وفي هذه الحالة ينبغي التركيز بشدة على السياسات المالية لتلك الدول التي تصبح مرشحة لمزيد من التشدد. *المقال نشر في الفاينانشيال تايمز
مشاركة :