الكويت - قنا: تتزامن احتفالات دولة الكويت بأعيادها الوطنيّة هذا العام مع الذكرى الأربعين لانطلاق وبثّ النشيد الوطني لأول مرة والذي ما زال الكويتيون منذ ذلك اليوم يترنمون به في كل مناسبة تعبيراً عن انتمائهم واعتزازهم بوطنهم. وتزدان الكويت اليوم بأبهى حللها احتفالاً بالذكرى الـ 57 لعيدها الوطني التي تحلّ اليوم والذكرى الـ 27 لتحريرها غداً والذكرى الـ 12 لتولي سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم بعد أن تمت مبايعته بالإجماع في جلسة تاريخيّة من قبل أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أميراً للبلاد في التاسع والعشرين من شهر يناير عام 2006. وتأتي الذكرى الـ 40 على انطلاق النشيد الوطني الحالي لدولة الكويت لتضفي على أفراح البلاد فرحاً مرتدية البهجة في مرحلة تشهد فيها نهضة تنموية شملت مختلف المجالات وسط التفاف المواطنين حول قيادتهم الرشيدة. ففي يوم 25 فبراير عام 1978 شهدت الكويت بث نشيدها الوطني بعد إقراره من مجلس الوزراء ليحل بديلاً عن (السلام الأميري) الذي كان معمولاً به سابقاً، وتم اختيار موعد البث في ذلك اليوم تزامناً مع العيد الوطني آنذاك ومع الذكرى الأولى لتولي المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في البلاد. وبالعودة إلى ذكرى الاستقلال، فإن يوم 19 يونيو عام 1961 يعدّ التاريخ الحقيقي لاستقلال الكويت عن الاحتلال البريطاني حين وقع الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح الحاكم الحادي عشر للكويت وثيقة الاستقلال مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن نيابة عن حكومة بلاده، وألغى الاتفاقية التي وقعها الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا في 23 يناير عام 1899 لحمايتها من الأطماع الخارجية. وفي 18 مايو عام 1964 تقرّر تغيير ذلك اليوم ودمجه مع يوم 25 فبراير الذي يصادف ذكرى جلوس الأمير الراحل عبدالله السالم الصباح رحمه الله تكريماً له ولدوره المشهود في استقلال الكويت وتكريس ديمقراطيتها، ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفل بعيد استقلالها في 25 فبراير من كل عام. وبدأت الكويت احتفالها بالعيد الوطني الأول في 19 يونيو عام 1962 حيث أقيم بهذه المناسبة عرض عسكري كبير، ومنذ ذلك التاريخ بدأت البلاد بتدعيم نظامها السياسي بإنشاء مجلس تأسيسي مهمته إعداد دستور لنظام حكم يرتكز على المبادئ الديمقراطية الموائمة لواقع الكويت وأهدافها، وجرت أول انتخابات تشريعية في 23 يناير عام 1963. وأنجزت الكويت منذ فجر الاستقلال حتى اليوم الكثير على طريق النهضة الشاملة، ومضت على طريق النهضة والارتقاء الذي رسمته خطى الآباء والأجداد وتابعته همم الرجال من أبنائها خلف قيادتها الرشيدة. ومنذ استقلالها، تسعى الكويت إلى انتهاج سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة آخذة بالانفتاح والتواصل طريقاً وبالإيمان بالصداقة والسلام مبدأ وبالتنمية البشرية والرخاء الاقتصادي لشعبها هدفاً، في إطار من التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية، ودعم جهودها وتطلعاتها نحو أمن واستقرار العالم ورفاه ورقي الشعوب كافة. واستطاعت الكويت أن تقيم علاقات متينة مع الدول الشقيقة والصديقة بفضل سياستها الرائدة ودورها المميّز نحو تطوير التعاون المشترك، كما كان لها دور مميّز في تعزيز مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودعم جهود المجتمع الدولي نحو إقرار السلم والأمن الدوليين والالتزام بالشرعية الدولية والتعاون الإقليمي والدولي من خلال هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها التابعة، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة دول عدم الانحياز. كما حرصت الكويت منذ استقلالها على تقديم المساعدات الإنسانية ورفع الظلم عن ذوي الحاجة حتى بات العمل الإنساني سمة من سماتها، وتم منح سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لقب (قائد للعمل الإنساني) في سبتمبر 2014. ولم يكن شهر فبراير شهراً عادياً في تاريخ الكويت لأن المناسبات الوطنية التي تقام فيه تشكل علامة فارقة في البلاد يجب الوقوف عندها في كل عام والتذكير بأحداثها ودور الرعيل الأول وتضحياته من أجل استقلال الوطن وبنائه، فهو تاريخ مشرف لا ينسى رسمه الآباء والأجداد ويواصل مسيرته الأبناء جيلاً بعد جيل. وشهدت الاحتفالات بالأعياد الوطنية مراحل عدّة لكل منها خصوصيتها وجمالها، ومرّت بالعديد من التغييرات عبر التاريخ مجسّدة ذكريات محفورة في الوجدان بدءاً من ستينيات القرن الماضي حتى وقتنا الحالي. ففي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كانت الاحتفالات بالعيد الوطني للكويت تقام على امتداد شارع الخليج العربي بمشاركة مختلف مؤسسات الدولة العامة والخاصة، وكان طلاب وطالبات المدارس يشاركون في هذه الاحتفالات إضافة إلى الفرق الشعبية، كما كان لجميع محافظات الكويت النصيب الأكبر من هذه الاحتفالات. وفي عام 1985 وبمناسبة مرور ربع القرن على الاستقلال، تم إعداد (ساحة العلم) بموقعها المميّز والقريب من شاطئ البحر لإقامة احتفالات العيد الوطني وتم رفع أطول سارية لعلم الكويت في هذه الساحة ولهذا سميت بساحة العلم، وتقدّر مساحة ساحة العلم بـ 100 ألف متر مربع تقريباً ويصل ارتفاع السارية إلى 36 متراً تقريباً. وتعيش دولة الكويت هذه الأيام احتفالاتها في ظل القيادة الحكيمة لسمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد، وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وسمو الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء، والتفاف الشعب حول قيادته لتمضي بسفينة البلاد نحو شاطئ الأمان والاستقرار والازدهار. وتستمرّ مسيرة العطاء لسمو أمير دولة الكويت إذ يعمل جاهداً لجعل بلاده منارة اقتصادية بارزة ومنبعاً للديمقراطية، حيث أقرّ خطة التنمية لبناء مشاريع حيوية تنهض بالكويت وتحولها إلى مركز مالي وتجاري عالمي جاذب للاستثمار مع تنويع مصادر الدخل لصنع مستقبل مشرق. وأولى سموه اهتماماً كبيراً بالوحدة الوطنية وحرص على التأكيد على تكاتف وتعاون أهل الكويت فيما بينهم ونبذ الخلافات والمشاكل والسعي نحو العمل الجادّ لبناء كويت الغد تحت ظل المحبة والتسامح. وقال سموه في كلمة توضّح نبذه للتعصب والخلافات: «نحن في هذا الوطن إخوة متحابون لا مكان فيه للتعصب لطائفة أو قبيلة أو لفئة ما على حساب الوطن، الولاء بيننا لله ثم إلى الوطن الذي نعيش على أرضه نحميه بوحدتنا الوطنيّة ونبني أسواره بتعاضد أبنائه».
مشاركة :