بعد التخرج من الثانوية ، الكلية او الجامعة ، يبدأ الشاب *١ السعودي ، بغض النظر عن تخصصه ، رحلة البحث عن وظيفة !. لا يختلف الشاب السعودي كثيرآ في هذه الرحلة عن غيره من الشباب في اي دولة اخرى ، لكن لديه تميز في :- ١.حال الشباب البعض يجد وظيفة [ ربما حتى جاهـزة !]،البعض الاخر ينخرط في بيئة عمل يلاقي فيها معاملة سيئة من رؤسائه [ خاصة الغير السعوديين ],بعضهم يجد وظيفة بعد ان تنازل عن شهادتة الجامعية مضطرآ ليقبل في وظيفة [ عابرة ] ، بعضهم يلتحق بالوظيفة وهـمه الراتب فقط ، وإذ سنحت فرصة فرق ٥٠٠ ريال يقفز اليها ، ويستمر في القفز الى مالانهاية . أخرين ، قليلي الحظ في تبني اخلاقيات العمل : كثرة الغياب ، قلة الانضباط ..الخ ، اما الآخرين الأكثر تميزآ فهم عندما يلتحق بالعمل يصبح لديه شعور كأنه يتفضل على صاحب العمل ..الخ .البعض الاخر ينتظر الوظيفة , وينتظر الى مالانهاية !!!. ٢.معارض الوظائف في اعتقادي ان وصف ” جعجعة بلا طحين ” *٢ اكثر الاوصاف ملاءمة ليطلق على ” المناسبات !!” التي يطلق عليها معارض الوظائف ، او ايّام المهنة ، والتي يحتفى بها اعلاميآ وكأنها ظاهـرة ذات مردود وقيمة ! البداية ، لنسأل ، من يعرض لمن وماذا يعرض !؟ هـؤلاء العارضين هـم نفسهم من يقوم بعمل إعلانات التوظيف في الجرائد ، والتي تستغلها بعض المؤسسات والشركات لتثبت للدولة والمجتمع أنها حريصة على مشاركة المجتمع في إيجاد فرص وظيفية لابناءهم وبناتهم . بينما في الحقيقة ، تكون الوظائف اما قد حجبت لشخص ما أو .. او تكون قد ملئت من قبل .!!! ان معارض الوظائف ، حيث يأخذ الشاب والشابة عدد غير محدود من السير الذاتية ، لا تلبي الا القليل من طموح الشباب والشابات . يخرج الشاب ، من هذه المعارض وقد رضى عن نفسه ولايعلم ماذا يجري في الكواليس ! هي فقط من جانب الدعاية للعارضين ، انهم ساهموا في جهد مجتمعي ! الا يجدر بوزارة العمل ، بالتعاون ودعم من الشركات الكبرى مثل ارمكو ، سابك ، الخطوط السعودية وشركة الكهرباء ، ان يقوموا بتطوير بوابة إلكترونيه مثل موقع LinkedIn ، حيث تتلاقى الشركات [ عارضوا الوظائف ]، مع طالبي الوظائف في العالم الافتراضي . !!!! الوظائف لاتحتاج الى معارض او ايّام مهنة ، بل الى نية صادقة من القطاع الخاص لتوظيف و توطين الوظائف !. ٣.القطاع الخاص لعقود استفاد رجال الاعمال السعوديين من وضع اقتصادي اعتمدوا فيه على العمالة الأجنبية “الرخيصة ” ، جنوا من هذا الوضع ” ثروات ” . السعوديه في تلك الفترات كانت اكبر ورشة عمل في العالم ، تدرب ، تعلم واستوعبت عمالة من جميع الجنسيات ، الا السعوديين ! والان عندما حان وقت ” رد الدين ” الذي عليهم للمجتمع و للوطن فإذا برجال الاعمال ينكصون ، يتململون و ينتقدون السياسات الخاصة بتوطين الوظائف . والادهى انهم يبثون لافكار ” مضخمة “عن قيم العمل لدى الشباب . في واقع الامر ، رجال الاعمال جميعآ ومن دون استثناء يفضلون العماله الرخيصة كاستراتيجية .في هذا الصدد يقول المفكر الاقتصادي مايكل بورتر في كتابه ” الميزة التنافسية للامم ” والذي صدرت النسخة الاولى باللغة الانجليزية عام ١٩٩٠ ،. والذي يؤكد على حقيقة ان استراتيجية العمالة الرخيصة ، التي تتبعها بعض الشركات قد عفا عليها الزمن ! البديل :الابتكار ! خاطرة ::يشتكي بعض رجال الاعمال من انخفاض المبيعات وتدني الأرباح !! متناسين انهم لو قاموا بتوظيف سعوديين فانه بهذا يزيد من القدرة الشرائية للمواطنين !! ٤.توطين الوظائف اتخذت الدولة ، عبر العقود الماضية !العديد من المبادرات لتوطين الوظائف في الشركات والمؤسسات السعودية ، بعضها نجح وأكثرها فشل ! كثيرة هي الأسباب وراء النجاح اوالفشل ولا مجال لذكرها ، ولكن تبرز مسألتين : جدية القطاع الخاص في المساهمة في توطين الوظائف ، خاصة هيمنة استراتيجية العمالة الرخيصة في تفكيرهم . الثانية ، هي الجدية التي مارستها تلك الشركات والمؤسسات فيما يخص التدريب ! تنظر بعض الشركات آلى ” التدريب ” على انه من عداد المصروفات ، بينما يمثل في عصر العولمة ، الثورة المعلوماتية والاقتصاد الرقمي ” استثمار ” . في غياب نهج اداري واضح من قبل إداريي الشركات ، ودعم من قيادات الشركات لن ينجح توطين الوظائف . ٥.نقد استراتيجية التعهيد تستمد سياسة ” التعهيد ” جذورها من مفهوم ” المهارات الجوهرية ” للمفكرين الإداريين الأميركيين سي كي براهالد وغاري هـاملد واللذين اصدر ا مقالة لهما بعنوان ” المهارات الجوهـرية للشركات ” وذلك عام ١٩٩٠م. َ الهدف الرئيس هو تعهيد نشاط او أنشطة معينة [ الغير جوهرية ] الى متعهد خارجي ، والتي هدفها الاول والأخير تخفيض التكاليف . انتشر تبني هذه الاستراتيجيه من قبل الكثير من الشركات والمؤسسات في المملكة ، منذ ظهورها ! ملاحظتي على هذه الاستراتيجية هي انه تم تطبيقها بطريقة شاملة ، من دون الأخذ بخصوصية بعض النشاطات [ الهندسية ، الصناعية والبترولية ]. والتي يحتاج الوطن الى تطوير موارده البشرية فيها . التعهيد يفيد المتعهد ان كان سعوديآ ! وحفنة معه والعمالة الوافد!!! ويبقى الفتات من نصيب الشباب السعودي. سؤال يبحث عن اجابة : كوننا دولة ذات اقتصاد ناشئ ، هل تبني استراتيجية التعهيد ، وعلى نطاق واسع من قبل الشركات الكبرى ، يمكن ان يؤثر وبشكل سلبي على خطط الدولة بناء وتطوير مواردنا البشرية ؟ أم انها الوجه الاخر لنظام الكفيل! ؟ ٦.قطاع تقنية المعلومات والاتصالات نعيش هذه الأيام عصرآ ذهبيآ للثورة المعلوماتية ، وهي التي تمثل احد المصادر الرئيسة لتوليد الوظائف في كثير من الدول ، والذي سيستمر وقد يتصاعد في المستقبل المنظور ! الم يحن الوقت لاعطاء قطاع تقنية المعلومات والاتصالات [ خريجي التخصصات الجامعية ! ] معاملة خاصة ، من جانب وزارة العمل . تقع على وزارة العمل ليس فقط مسؤولية سن السياسات من اجل استيعاب الشباب والشابات السعوديين المتخرجون من الجامعات في الوطائف المتعلقة بتقنية المعلومات والاتصالات ، بل مسؤولية بناء قاعدة عريضة من الموارد البشرية الوطنية ذات المهارات في هذا المجال قبل فوات الاوان ، وهذا عبر أليات من بينها التخطيط المركزي وإنشاء مرصد خاص بمتابعة توظيف الخريجين . اذا استمر الحال كما هو عليه ، فتوطين هذا القطاع سيأخذ عقودآ من الزمن كما هي الحال مع الطب ، الصيدلة والتمريض ! ان التفكير والتخطيط في مستقبل ابناءنا وبناتنا يبدأ عبر استشراف المستقبل ! وليس فقط البناء على الحاضر !!
مشاركة :