جددت قوات النظام السوري قصفها اليوم (الأحد)، على الغوطة الشرقية، على رغم قرار تبناه مجلس الأمن مساء أمس يطالب بهدنة 30 يوماً في سورية «من دون تأخير». واوقعت اشتباكات عنيفة على اطراف الغوطة 19 مقاتلاً من الجانبين، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «مواجهات عنيفة تدور بين الجانبين تتركز عند خطوط التماس في منطقة المرج التي يتقاسمان السيطرة عليها»، لافتاً الى مقتل «13 عنصراً من قوات النظام وحلفائها، مقابل ستة مقاتلين من جيش الاسلام»، أكبر فصائل الغوطة الشرقية. وتحاول قوات النظام «التقدم للسيطرة على كامل منطقة المرج التي يسيطر جيش الاسلام على عدد من القرى والبلدات فيها»، وفق المرصد. ولم ينشر الاعلام الرسمي السوري تفاصيل عن هذه الاشتباكات، في وقت كانت قوات النظام استبقت حملة التصعيد على الغوطة الشرقية منذ أسبوع بتعزيزات عسكرية مكثفة تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق. وفي تغريدة على موقع «تويتر»، اشار القيادي في «جيش الاسلام» محمد علوش الى «محاولات فاشلة لاقتحام الغوطة»، متهماً قوات النظام بـ «عدم الالتزام القرار الدولي». وأوقع القصف الجوي والمدفعي اليوم على الغوطة الشرقية المحاصرة، سبعة مدنيين بينهم أم مع طفليها، ما يرفع حصيلة القتلى منذ الأحد الماضي الى 527 مدنياً، بينهم 129 طفلاً، وفق المرصد. وعلى الصعيد الديبلوماسي، دعا الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي ايمانويل ماكرون، والمستشارة الالمانية أنغيلا مركل الى «مواصلة الجهود المشتركة» من اجل التوصل إلى هدنة في سورية، التي اتفقوا على «تسريع تبادل المعلومات» في شأن الوضع فيها خلال محادثة هاتفية اليوم. من جهتها، أكدت إيران ان الهجوم على من وصفتهم بالمجموعات «الارهابية» سيستمر في الغوطة الشرقية. ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء عن رئيس أركان الجيش الجنرال محمد باقري قوله إن «إيران وسورية ستواصلان الهجمات على ضواحي دمشق التي يسيطر عليها إرهابيون»، لكنهما ستحترمان قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار. ونسبت الوكالة لباقر القول: «سنلتزم قرار وقف إطلاق النار وستلتزم سورية كذلك. أجزاء من ضواحي دمشق التي يسيطر عليها إرهابيون غير مشمولة بوقف إطلاق النار و(عمليات) التطهير ستستمر هناك». أما تركيا، فرحبت اليوم بقرار الامم المتحدة الداعي إلى هدنة انسانية في سورية، لكنها شددت على مواصلة عملياتها العسكرية في شمال سورية لاستهداف جماعات كردية تصنفها «ارهابية». وفي الفاتيكان، وجه البابا فرنسيس اليوم «نداء ملحا لوقف فوري للعنف» في سورية، والسماح بايصال المساعدات الانسانية، خصوصا في الغوطة الشرقية. وكان مجلس الأمن دعا أمس إلى وقف إطلاق النار 30 يوماً في سورية، بينما قال مسعفون في منطقة الغوطة الشرقية السورية، إن «القصف لا يهدأ لفترة تسمح لهم بإحصاء الجثث»، في واحدة من أكثر حملات القصف فتكاً في الحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنوات. وبعد قليل من تصويت مجلس الأمن، الذي جاء بإجماع الأعضاء الـ 15 على قرار يطالب بوقف إطلاق النار، قالت خدمات طوارئ وجماعة تراقب الحرب إن «الطائرات الحربية قصفت بلدة في الغوطة الشرقية»، آخر معاقل المعارضة المسلحة قرب العاصمة السورية دمشق. وواصلت الطائرات الحربية قصف المنطقة لليوم السابع على التوالي، بينما تحصن السكان في المخابئ. وأبلغ نيبينزيا مجلس الأمن بعد التصويت قائلاً: «الضروري هو أن تعزز طلبات مجلس الأمن اتفاقات راسخة على الأرض». وأوضح بعد ذلك للصحافيين أن «توقع وقف فوري لإطلاق النار غير واقعي وإن هناك حاجة لتشجيع الأطراف على العمل من أجل ذلك». وبعد تأخر لأيام ومفاوضات في اللحظات الأخيرة للحصول على التأييد الروسي، وافق المجلس على القرار الذي صاغته السويد والكويت والذي يطالب بوقف الأعمال العدائية لمدة 30 يوماً «من دون إبطاء» للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وبإجراء عمليات الإجلاء الطبي. وقالت وزيرة خارجية السويد مارجو والستروم: «نقبل أن الأمر قد يستغرق ساعات عدة قبل أن يتم تنفيذه بشكل كامل. علينا فحسب أن نواصل الضغط والتنفيذ هو المهم الآن». ولم ترغب روسيا في تحديد موعد بدء وقف إطلاق النار ومن ثم جرى تخفيف مقترح بأن تبدأ الهدنة بعد 72 ساعة من الموافقة على القرار على أن يكون البدء «من دون إبطاء». وأضافت مباحثات يوم السبت طلباً لجميع الأطراف «بالعمل على الفور لضمان تطبيق كامل وشامل». من جهتها قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي لمجلس الأمن: «بينما كانوا يطيلون في المفاوضات، كانت القنابل مستمرة في السقوط من طائرات الأسد المقاتلة. في الأيام الثلاثة التي احتجناها للموافقة على هذا القرار، كم من الأمهات فقدن أبناءهن في القصف؟» وأضافت: «نشعر بشكوك عميقة في أن النظام (السوري) سيُذعن». وبعد تصويت مجلس الأمن على القرار، رحبت جماعتا المعارضة الرئيستان في الغوطة الشرقية بالقرار، وتعهد «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» في بيانين منفصلين حماية قوافل الإغاثة التي ستدخل الجيب المحاصر الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة قرب دمشق. وقال المسلحون إنهم سيلتزمون وقف إطلاق النار، لكنهم سيردون على أي انتهاكات من الحكومة السورية وحلفائها. وقال الناطق باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان: «نؤكد التزامنا الكامل والجاد وقف إطلاق نار شامل وتسهيل إدخال المساعدات الأممية كافة إلى الغوطة الشرقية استجابة لقرار مجلس الأمن الرقم 2401 مع حقنا المشروع في الدفاع عن النفس و رد أي اعتداء». وقال سفير سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري: «نمارس حقنا سيادياً بالدفاع عن أنفسنا وسنستمر في مكافحة الإرهاب أينما وجد على الأرض السورية...الحكومة السورية تحتفظ بحقها كاملاً في الرد على المجموعات الإرهابية المسلحة في حال قيامها باستهداف المدنيين ولو بقذيفة واحدة». وأضاف أن حكومته تفسر القرار على أنه ينطبق أيضاً «على ما تمارسه القوات التركية من اعتداءات في عفرين وما تقوم به قوات ما يسمى التحالف الدولي من اعتداءات متكررة على سيادة وأراضي سورية وبطبيعة الحال أيضاً ينطبق القرار على الانتهاكات المستمرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي على السيادة السورية دعماً لشراذم الإرهاب في الجولان السوري المحتل هذا هو فهمنا للقرار الذي اعتمدتموه». ولا تشمل الهدنة عناصر «الدولة الإسلامية» (داعش) أو «القاعدة» أو «جبهة النصرة». وقال الدفاع المدني السوري في الغوطة الشرقية إن مسعفين هرعوا للبحث عن ناجين بعد ضربات في كفر بطنا ودوما وحرستا. وأضافت منظمة الإنقاذ التي تعمل في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة أنها وثقت 350 حالة وفاة على الأقل خلال أربعة أيام. وقال الناطق باسم الدفاع المدني سراج محمود يمكن أن يكون عدد القتلى «أكثر من ذلك«، مشيراً إلى أنه «أمس لم نستطع إحصاء أعداد الشهداء لأن الطائرات الحربية تتجول في السماء».
مشاركة :