النكات المضحكة.. حتى الدمع!

  • 10/28/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الظريف الذي أدمع أعيننا ضحكا، وهو يقول نكتة قفزت في ذهنه من حياتنا اليومية، هو نفسه الذي يحمل حقيبة ابنته، ويرفعها لتلحق قدمها الصغيرة بعتبة الباص، الجالس في ركن يحسب ما في ذمته من الدَّين، هو نفسه المقتول لعناً في ثرثرة نساء بلغن آخر الحماسة في الخمسين، هو أيضاً تلك المحتالة بالكذبات ذاتها على قلبين، المكتئبة التي تعاطت جرعة مميتة، واستيقظت في الطوارئ، وهو الهارب من العدالة في قضية اختلاس، القروي الذي ذبح حلاله حتى آخر معزة لأجل الضيف تلو الضيف، المعتدي الذي لمعت عينه في مطالع الصحف والشاشات. البنت الحبلى ولم تكمل الابتدائية، المهزوم في لقطة مكرورة، المغني الذي تحشرج صوته فقشعر جلدك. الأب الذي نزّ الدم من يده وهو يسوي مدخل البيت. الأخت الكبرى التي غسلت وجوه أخوتها واحداً واحداً ونسيت وجهها. السائق الذي ابتزّ حارة بأسرها. العامل الآسيوي الذي تبول في قدور الوليمة. الوالدة التي انحبس لسانها ساعة الطلق. الطفل الذي سمعت صرخته البناية، المعاق الفائز في برنامج المواهب. الشاب الذي تاب وحطم جهاز التلفزيون وآلة العود، فصارت قصته، فرجة في المواعظ والمجالس. الشاب الذي أرسل لوالديه أنه ذاهب للجهاد، وهو لم يتوضأ منذ عام.. الجيران الذين حفظوا الدسائس ونسوا أسماء الجيران. المعلمات اللائي قضين نحبهن في الطريق إلى المدرسة. البنكي الذي امتص أحلام الناس، بيتاً بيتاً. الغريق الذي ابتاع مترين بمجرى السيل.. إلخ، كل كل هذه الظرافة العشوائية التي لا تنتهي، هي النكات التي أدمعتنا، لكنها لم تقتلنا ضحكاً، هذه التفاصيل المريرة.. أدمعتنا فقط! لكن وبآخر التوجس، وعينين مجهدتين للغاية.. أقلق من خيال نكات قاتلة، لا تجول إلا في طرقات مهجورة، فتبدو تلك الشوارع كأرملة طعنت نفسها، لكنها لم تمت. لاحقاً مات مُشاتها من الغبن، فناحت عليهم. أقلق من نكتة عن الشجر المكسور، ثانية عن بقع الفوضى والقيء تتناثر من رصيف لرصيف، ثالثة عن إعلانات الذقون والوعيد، وكل التسليات التي لا تشيع غير الأسى، رابعة عن أردية سوداً، مدلاة من باب السيارة الخلفي، والعجلة تكاد تدهسها، خامسة عن صبية يتوعدون المارة بالجلد وحز الرؤوس، وهم يكبرون الله. وأخرى عن حماسات شيوخ وقهقهاتهم، وضغينتهم.. تستشري في مداخل الأحياء وردهات البيوت. وأخرى وأخرى عن النسوة وهن يتزين بغطاء الحداد والكدمات.. يضعنه على الرأس والأكتاف، مغلولات بأيديهن وأقدامهن، يَجُلن الأسواق بالمشيات المعذبة. أقلق من نكتة فظيعة الضحك والدمع، عن ذوي السيقان النهمة، ذوي الكفوف المحشورة بالدم والخيزران ودهن العود، وهم يُقدمون على السطو مرة بعد مرة، ويبرحون البلاد ضرباً يوماً بعد يوم، ويقولون؛ الله أكبر! كفانا الله!

مشاركة :