لم تقتصر الفوائد التي ترتبت على الأمطار الغزيرة التي هطلت في العراق على مدى الأسبوعين الأخيرين على نهاية موسم الجفاف، الذي كاد يحول نهرا تاريخيا مثل دجلة إلى ملعب لكرة القدم؛ بل ساهمت في الكشف عن مئات القطع الأثرية التي جرفتها مياه الأمطار في أهم منطقة للآثار في البلاد، وهي محافظة بابل. وقال حسين فليح مدير دائرة الآثار في بابل، في تصريح صحافي: «إن من بين ما عثر عليه يوم الأحد أواني فخارية، وعملات، وقطعا معدنية». وأضاف فليح أن «القطع التي عثر عليها سوف تفحص لتحديد الفترة التاريخية التي ترجع إليها بدقة»، قائلا إنها «ربما تعود إلى الحقبتين الباريثية والإسلامية». وأشار فليح إلى أنه «في العام الماضي، كشف عن 1000 قطعة أثرية بهذه الطريقة، وهذا يثبت أن الآثار قد تكون على عمق قريب من السطح، وليست دائما تحت الأرض». ولا يعد اكتشاف القطع الأثرية عقب هطول الأمطار الغزيرة أمرا نادرا في العراق؛ حيث يقول خبير الآثار العراقي الدكتور زين العابدين موسى جعفر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية الكشف عن الآثار تتم عبر عدة مستويات، وهي التنقيبات التي تقوم بها الجهات الأثرية المتخصصة، أو عملية نبش الآثار التي يمكن أن يتولاها أثريون أو حتى مواطنون، أو الأمطار، أو عبر عملية فتح الطرق مرة أو شق الأنهر مرة أخرى». وأضاف جعفر أن «هذه العمليات تؤدي إلى كشف الآثار الشاخصة، وهي الأبنية وسواها التي قد تكون مطمورة، أو المنقولة التي يطلق عليها اللقى الأثرية»، مشيرا إلى أن «كل المواقع الأثرية تشهد بعد الأمطار حركة غير طبيعية، على صعيد إمكانية العثور على الآثار، حيث يهرع المواطنون ويبدأون ما نسميه بالعراق (يتملكط) بالأرض أو التلال، حيث يتبين ما إذا كانت الأمطار قد تسببت في جرف القطع الأثرية». ويؤكد جعفر أن «العملية تحتاج دقة كبيرة؛ لأن القطع الأثرية يمكن أن يغطيها ملّيمتر واحد من التراب». وبشأن الموقع الذي تم فيه الكشف عن هذه الأعداد من القطع الأثرية في بابل، يقول الدكتور جعفر، إنه «موقع مملكة بورسيبا، التي هي مقام النبي إبراهيم، حيث كانت ولادته في بابل، وبالذات في النمرود».
مشاركة :