اكتشاف مواهب.. أم تهريج وإسفاف..؟!

  • 3/1/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إن كنت تنوي مشاهدة برنامج اختيار المواهب الجديدة الذي تعرفه جيدا، فنصيحتي لك بشرب كوب ليمونادة لتروق دمك، ثم عليك ببلع حبة بروزاك أو أي مهدئ أعصاب ليساعدك في تحمل الساعتين القادمتين. هناك فرق بين العفوية وتصنع العفوية، وهناك فرق بين خفة الدم واستخفاف الدم، كما ان هناك فرقا بين أن تكون محظوظا وتملك حضورا و«كاريزما» وبين أن تلبسها كقناع. وللأسف أغلب نجوم البرنامج لم يملكوا إلا الخيارات الثانية. تهريج، تمثيل، تصنع، سخف وحركات بلا أي معنى ولا موجب يقوم بها النجوم ليقدموا عرضا، المفترض أن يكون جاذبا، فخرج سخيفا، منفرا، مقرفا. برامج اكتشاف المواهب التي تتكاثر على شاشات الوطن العربي والتي تعتبر كنزا للمحطات تدر عليها وعلى شركات الإنتاج الملايين من الدولارات، تم استيرادها من الغرب، لكن كما هي عادتنا وحتى لا نخرج عن منظومتنا، فنحن نستورد، «نشوه» ومن ثم نبث. جرب أن تشاهد أيا من النسخ الأجنبية للبرنامج، لا يمكن أن تشاهد هذا التهريج السمج والحركات المفتعلة. كل حكم يجلس بمكانه يعطي رأيه بتعقل ورزانة ومن ثم يقوم المتسابق باختيار الحكم الذي يريده بكل بساطة. في نسختنا المشوهة، لا بد من مسرحيات هزلية سمجة وتصرفات صبيانية تبالغ لجنة التحكيم في تمثيلها وبطلب من البرنامج. فتارة تذوب واحدة من لجنة التحكيم عند رؤية متسابق وسيم فتتقصع وتتمايل وتغرق في كرسيها، بينما تقوم زميلتها بالردح بأعلى صوتها بأسلوب منفر، وتارة يقوم واحد من النجوم ليستجدي المتسابقة لتختاره فيقدم لها وردة أو خاتما، والمسخرة الأكبر عندما خرجت طاولة عشاء كاملة على المسرح لتغري المتسابق لاختيار أحد الحكام. ما هذه السذاجة والسخافة والقرف؟ هل يعرف هؤلاء النجوم كم خسروا من مصداقيتهم وحب الجمهور لهم بعد هذه «الحركات»؟ هل هم مضطرون لكل هذا التهريج والسخف والإسفاف وهم نجوم كبار لهم تاريخهم الفني وجمهورهم؟ هل عقدهم «الغني» مع القناة يستحق منهم أن يسقطوا هذه السقطات؟ برامج اكتشاف المواهب بالمجمل هي ماكينة مال بالنسبة إلى القنوات التلفزيونية التي تقوم بتسويقها بطريقة مبالغ فيها عبر الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي، لضمان زيادة نسبة المشاهدة وكمية الإعلانات. في النهاية لا يهم ماذا يفعل الفنانون وأي خسارة يخسرونها، ولا يهم استلاب العقول والجيوب، ولا يهم ما يحصل للمتسابقين من استغلال، المهم في النهاية «كم ربحنا». ولمن يقول لنا غيروا المحطة، أقول نحن نغير المحطة لكن هناك الآلاف من الشباب والشابات والأطفال الذين يعلقون آمالهم وأحلامهم على هكذا برامج وهكذا نجوم.. فارأفوا بهم. نحن لسنا ضد التسلية من أجل التسلية، ولا نطالب المحطات التلفزيونية بأن تكون محطات ثقافية، علمية، توجيهية بالمجمل، لكن المطلوب قليل من الرقي الذي قد يحيي فينا أمل بروز جيل من الفنانين يغلق قوس التردي الذي وصلت اليه الساحة الفنية العربية. دلع المفتيD.moufti@gmail.comdalaaalmoufti@

مشاركة :