في تحول كبير لموقفه الذي دأب على وصف مسلحي حركة «طالبان» بأنهم «إرهابيون» و «متمردون» على رغم موافقته على محاورة أطراف في الحركة «تقبل السلام»، عرض الرئيس الأفغاني أشرف غني وقفاً للنار مع الحركة يُمهّد لمحادثات سلام مشروطة، من أجل إنهاء حرب مستمرة منذ 17 سنة. وجاء ذلك غداة دعوة الحركة الولايات المتحدة إلى محاورة مندوبيها في قطر، من دون أي إشارة إلى السلطات الأفغانية، التي تعتبرها الحركة «دمى» في أيدي الأميركيين. وقال، في افتتاح المؤتمر الدولي الثاني لمبادرة كابول التي تهدف إلى تحديد إطار عام لإجراء محادثات سلام: «يجب أن يتوافر إطار سياسي للسلام، ولا بدّ من اعلان وقف للنار، ثم الاعتراف بطالبان حزباً سياسياً يملك مكتباً سياسياً رسمياً لإطلاق عملية تعزيز الثقة وإدارة المفاوضات في كابول أو في مكان آخر يجري الاتفاق عليه. لكنه اشترط قبل انطلاق المحادثات اعتراف الحركة بالدستور الموضوع عام 2004 والذي أبدى استعداد حكومته لـ «تعديله»، وكذلك التزامها «احترام حقوق المواطنين، خصوصاً النساء، وقوى الأمن». وعندما كانت في السلطة، لم تملك «طالبان» دستوراً، كما ألغت حقوق النساء. وأضاف مخاطباً قادة الحركة غير المشاركين في المؤتمر الذي حضره ممثلو أكثر من 20 بلداً في المنطقة، إضافة إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة: «القرار بين أيديكم الآن. اقبلوا السلام، ولنحقق الاستقرار لبلدنا. ستتتعهد السلطات توفير الأمن لعناصر طالبان الذين يقبلون عرضها، وأن تأخذ اقتراحاتهم في الاعتبار وترفع قيود منع السفر المفروضة على بعض مسؤوليهم، وتضمن نيل دعم دولي للمحادثات يشمل جهداً عالمياً لإقناع باكستان المجاورة (التي تتهمها كابول بمساعدة طالبان)، بميزات تحقيق الاستقرار في أفغانستان». وأشار إلى أن عملية السلام تكتسب زخماً ايضاً من دول مجاورة «ترى في شكل متزايد ضرورة أن تنعم افغانستان بالاستقرار، وهو ما تدركه طالبان التي تبدو منخرطة في نقاش في شأن تداعيات أعمال العنف على مستقبلها». وكان غني ساعد في اخيراً في إطلاق أكبر مرحلة من خط أنابيب غاز إقليمي ضخم من تركمانستان، فيما اعترف مسؤولون في «طالبان» بأنهم تعرضوا لضغوط من دول صديقة لقبول المحادثات، وقالوا إن جهودهم لمحاورة الولايات المتحدة تعكس قلقهم من أن ينظر إليهم باعتبارهم عقبة في طريق السلام. وشدد الرئيس الأفغاني على أن السلطات «لن تسمح لأي مجموعة مسلحة على صلة بمنظمات إرهابية أجنبية، بالتواجد على الأراضي الأفغانية»، في إشارة إلى تنظيمي «القاعدة» و «داعش»، أو مجموعات إقليمية أخرى باكستانية أو أوزبكية. وكثفت الولايات المتحدة العام الماضي مساعدتها العسكرية لأفغانستان، خصوصاً عبر تكثيف الضربات الجوية بهدف كسر حال الجمود مع المقاتلين وإجبارهم على الجلوس إلى طاولة التفاوض. ويقول الجيش الأميركي إن «هذه الاستراتيجية أضرت بطالبان بقوة»، لكن الحركة لا تزال تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد، أو تحاول السيطرة عليها وتواصل إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الأفغانية. وأعلنت الحركة مسؤوليتها عن هجومين كبيرين في كابول الشهر الماضي أسفرا عن سقوط مئات من الضحايا المدنيين.
مشاركة :