قديمًا كانت تُرسم الحدود بأقدام الجنود .. وكانت القوى الكبرى تعلن سيادتها على الأرض .. بامتداد حركة جيوشها .. على هذا تأسست خريطة العالم الذى نعيش فيه منذ الحرب العالمية الثانية .. إلا أن هناك شيئًا جديدًا طرأ على الساحة الدولية .نحن نعيش مرحلة تتعدد فيها مراكز الثقل في الحالة الدولية .. مرحلة تفككت فيها توازنات الحرب العالمية الثانية وانتهت فيها تقريبًا اثار الحرب الباردة ونتائجها .. وبدأت تنسحب من المشهد العالمي .. تأثيرات الحقبة الاستعمارية .. وما تبعها من حالة العولمة .. التي كانت تعبر عن نظام اقتصادي اجتماعي وحضاري وثقافى وسياسي يحاول فرض نفسه على فسيفساء الحضارة البشرية .من هنا يمكن فهم ما يجرى في سيناء اليوم .. وفى البحرين المتوسط والأحمر ..هو استعادة مصر لحقها الطبيعي في ممارسة السيادة على ثرواتها وعلى مستقبلها الاقتصادى والاجتماعي وفوق ذلك بناء نظام سياسي ديمقراطي جديد يعبر عن حالة السيادة الوطنية .. وليس نظام سياسيهو عبارة عن مخلٌفات الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة ومشروع العولمة ذو الوجه الغربي الواحد. خلال سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية .. بدأ الاستعمار العسكري في الانزواء.. وبالرغم من الرحيل العسكري عن المستعمرات .. إلا أن مفهوم السيادة لم يتحقق للدول المستقلة حديثًا .. إذ ظلت الدولة المستقلة .. تعيش في محاولات الاستقلال بمفهوم السيادة .. وليس الاستقلال الشكلي. السيادة لها اشكال .. منها السيادة على اراضى الدولة وامتداتها الاستراتيجية .. والسيادة على الممرات المائية .. السيادة على الثروات الطبيعية .. السيادة على الموارد المائية .. وغيرها من مفاهيم سيادة الشعوب عبر دولها الوطنية وصولا الى استقلال القرار الوطني .خلال سنوات الحرب الباردة وما بعدها .. عاشت الدول المستقلة حديثاُ أسيرة الاحلاف العسكرية والقواعد الأجنبية والشركات متعددة الجنسيات وغيرها من أشكال السيطرة في البيئة الدولية .في القرن العشرين نجحت مصر في تحقيق الاستقلال الوطنى بتوقيع معاهدة الجلاء .. لكن معركة السيادة ظلت بعدها لسنوات طويلة بين شد وجذب طوال سنوات القرن العشرين .بدأت مراحل معركة السيادة .. بتأميم قناة السويس .. مرورًا بالعدوان الثلاثي والتي أنتهت بتحقيق تأكيد سيادة مصر على قناة السويس .مرت معركة السيادة بحرب 5 يونيو 1967 ..وغابت السيادة عن سيناء وقناة السويس ل 6 سنوات.,. حتى حققت مصر مرة أخرى الانتصار عسكريًا على إسرائيل واستعادت شبه جزيرة سيناء كاملة .خرج الاحتلال الإسرائيلي من سيناء .. لكن مصر المرهقه بفعل حروب الاستقلال والسيادة .. عاشت فترة طويلة .. في حالة السيادة الشكلية .. لا السيادة الفعلية .. والسيادة الفعلية مفهوم يتعلق بتحقيق كل وظائف الدولة على نطاقات الدولة الجغرافية .. ومصالح امنها المباشر والغير مباشر.ظلت سيناء لسنوات طويلة منزوعة السلاح وبلا تنمية اجتماعية واقتصادية .. وظلت نظريتنا للأمن القومى منصبة على حماية الحدود الدولية البرية فقط ..وعاشت مصر محاصرة بالتوزانات الدولية وأدبيات ما بعد الحرب الباردة في تعاطيها مع الشأن الدولي والإقليمي وحتى شئونها الذاتيه .ظلت مصر تنظر لنفسها باعتبارها مسطح أرضي مساحته مليون كم مربع .. وابتعدت عن التفاعل مع المتغيرات الحقيقية في الممرات المائية .. حتى أنها لم تسعى لتطوير ثروتها السمكية باعتبار ان موقعها الجغرافي يطل على بحرين ونهر .العملية العسكرية سيناء 2018 ..هى جزء أصيل من معركة السيادة المصرية .. ليس في سيناء وحدها .. وإنما في كل الاتجاهات الاستراتيجية .. عسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا .التنمية الاقتصادية هي جزء اصيل من حالة السيادة الوطنية .. والتي يتحقق بها استفادة المجتمع من الثروات الطبيعية .. يجرى هذا بحماية مياهنا الاقتصادية في البحرين الأبيض والمتوسط .. وفى محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة .. تمهيدًا لممارسة وظائف الدولة وتحقيق السيادة الكاملة .100 مليون يحتاجون الأن لدولة قوية تمارس بذكاء السيادة على الثروات الطبيعية وتقوم بعملية تنمية شاملة .. تقوم على توسيع الرقعة المعمورة .. وترتقى بجودة الحياة .. وتوفر اقتصادي انتاجي قوى يرفع المستوى المعيشى .التنمية الحقيقية .. تحقق مفهوم إدارة الثروة .. وليس اهدارها النمو الاقتصادي .. هو التنمية الشاملة .. والتي تؤدى الى التوزيع الطبيعي للثروة .القاعدة الأولي في مفهوم السيادة المصرية "مصر لا تسعى للسيطرة على موارد الأخرين .. لكنها لن تسمح بأن يمس الآخرون سيادتها على ثرواتها".
مشاركة :