لندن: «المجلة» أتمت الهدنة الإنسانية التي أعلنتها روسيا في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق يومها الثالث الخميس، من دون أن يسجل خلالها خروج مدنيين عبر المعبر المحدد لذلك شمال شرقي دمشق. ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، تعرضت منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق لقصف عنيف منذ 18 فبراير (شباط)، أودى بحياة أكثر من 600 مدني. وأعلنت روسيا غداة تبني مجلس الأمن الدولي السبت قراراً يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في سوريا «من دون تأخير»، هدنة «إنسانية» يومية لخمس ساعات. ويُفتح خلال الهدنة التي بدأ تطبيقها الثلاثاء «ممر إنساني» عند معبر الوافدين الواقع شمال شرقي مدينة دوما، لخروج المدنيين. إلا أنه لم يسجل خروج أي مدنيين خلال ثلاثة أيام. وشاهدت مراسلة الصحافة الفرنسية عند المعبر ضباطاً وجنوداً روس موجودين مع عناصر الجيش السوري. وحضر متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري مع سيارتي إسعاف. وعند نقطة للجيش، علقت على أحد الجدران صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جانب صورة الرئيس السوري بشار الأسد. وبدا المعبر خالياً تماماً من أي حركة للمدنيين في وقت لم يسمع دوي قذائف أو قصف من المنطقة المحاصرة في الغوطة. وتتهم السلطات السورية وموسكو الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من المغادرة. وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن عدم خروج مدنيين عبر معبر الوافدين منذ بدء تطبيق الهدنة الروسية الثلاثاء، باستثناء مواطنين باكستانيين خرجا الأربعاء بموجب مفاوضات منفصلة تولتها السفارة الباكستانية في دمشق. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» عن اللواء في الجيش الروسي فلاديمير زولوتوكين الخميس: «وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا، فإن عدد النداءات التي وجهها سكان الغوطة الشرقية إلى العاملين في مجال حقوق الإنسان لتقديم المساعدة والعون لإجلائهم من مناطق سيطرة المقاتلين ازدادت بشكل مطرد خلال الـ24 ساعة الماضية». وكان مصدر عسكري سوري قال للصحافة الفرنسية الأربعاء إن «الهدنة لثلاثة أيام قابلة للتمديد في حال خروج المدنيين (…) ولكن إن لم يكن هناك نتائج كيف يمكننا الاستمرار؟» ولم يصدر أي تعليق رسمي روسي أو سوري بهذا الصدد. وقبل دخول الهدنة حيز التنفيذ عند التاسعة (07:00 ت غ) صباح الخميس بتوقيت دمشق، قتل سبعة مدنيين على الأقل جراء غارات شنتها قوات النظام واستهدفت مناطق عدة بينها دوما وكفربطنا وفق المرصد. وأفاد مراسل الصحافة الفرنسية في مدينة دوما عن هدوء خلال ساعات الهدنة. وبحسب المرصد «بعد سريان الهدنة، شهدت بلدات الغوطة الشرقية هدوءاً نسبياً مع توقف الغارات» تزامناً مع استمرار معارك عنيفة بين قوات النظام وفصيل جيش الإسلام، أبرز فصائل الغوطة الشرقية في منطقة المرج. وتمكنت قوات النظام السوري بحسب المرصد من السيطرة على بلدة حوش الظواهرة وكتيبة للدفاع الجوي في منطقة المرج، في وقت تدور معارك عنيفة في محيط بلدة الشيفونية. وتستهدف البلدة، وفق عبد الرحمن، منذ أيام بغارات كثيفة وقصف بالبراميل المتفجرة والمدفعية، تسبب بدمار معظم أحياء المدينة. وروى سراج محمود، المتحدث باسم الدفاع المدني في ريف دمشق الموجود داخل الغوطة الشرقية للصحافة الفرنسية أن فرق الإنقاذ لم تتمكن من دخول البلدة إلا بعد يومين من ورود معلومات عن قصف صاروخي طال أحد الأقبية التي احتمى داخلها سكان. وقال: «تقصف البلدة بشكل جنوني، ولا توجد فيها أي مقومات للحياة (…) باتت مدمرة بالكامل ومن بقي فيها لا يزال تحت الأنقاض». وأوضح أن «كل ما يتحرك يكون مستهدفاً بشكل دائم… وللأسف تواجه كوادر الدفاع المدني صعوبات كبيرة في انتشال جثث الشهداء من كل المناطق التي يتم استهدافها». وعلى رغم استمرار الغارات، فإن وتيرة القصف وكذلك حصيلة القتلى اليومية انخفضت بشكل ملحوظ منذ بدء تطبيق الهدنة التي أعلنتها موسكو بعد يومين من تبني مجلس الأمن بالإجماع قراراً يطلب وقفاً لإطلاق النار «من دون تأخير» في أنحاء سوريا لمدة ثلاثين يوماً. وينص القرار على إدخال مساعدات إنسانية وإجلاء الجرحى والمرضى من المناطق المحاصرة. وأعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لووكوك خلال جلسة لمجلس الأمن الأربعاء أن نحو أربعين شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية جاهزة للتوجه إلى الغوطة الشرقية قرب دمشق، مؤكداً استعداد الأمم المتحدة للتوجه إلى عشر مناطق محاصرة. وقال إن لا شيء تغير منذ تبني قرار وقف إطلاق النار في سوريا متوجهاً للحاضرين بالسؤال «متى يبدأ تطبيق قراركم؟». واتهمت ممثلة الولايات المتحدة كيلي كوري النظام السوري بانتهاك الهدنة في حين اتهم السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا الفصائل المعارضة بذلك.
مشاركة :