غالبًا ما يربك المدير التنفيذي لـ«سوفت بنك غروب» ماسايوشي صن مسؤولي صناعة التكنولوجيا بما يروج له عن رغبة المجموعة اليابانية شراء حصص في الشركات الأخرى. ويتحدث بعض أعضاء مجلس الإدارة الآخرين في «سوفت بنك» مثل شيجينوبو ناجاموري عن رفضه لقرار شراء «Arm Holdings» البريطانية لتصميم الرقاقات مقابل حوالي 32 مليار دولار عام 2016 حيث رأى ناجاموري أن الشركة قيمتها عُشر هذا المبلغ. لاحقًا، اشترت «سوفت بنك» الشركة البريطانية وواصلت ضخ استثمارات وشراء حصص في المزيد من الشركات – العديد منها شركات ناشئة «يونيكورن» أي تزيد قيمتها على مليار دولار – مثل «أوبر تكنولوجيز» و«وي وورك»، وفي بعض هذه الصفقات، أثير جدل واسع بين صن ومجلس الإدارة والمستشارين الذين رأوا إفراطه في الدفع. وأعرب العديد من المستثمرين عن رغبتهم في تفهم كيفية ضخ صن هذه المليارات من الدولارات في شراء حصص وشركات ناشئة من قبل «سوفت بنك» (أكبر مستثمر تقني في العالم) وهل الأمر يتم بناء على منهجية معينة أم إنه عشوائي؟ بحسب تقرير نشرته «وول ستريت جورنال». وتحدث بعض أعضاء مجلس إدارة «سوفت بنك» (سواء من الحاليين أو السابقين) عن صن بوصفه رجلاً يتخذ في بعض الأحيان قرارات بناء على معلومات قليلة مثل اتخاذه قراراً بعد ثلاثين دقيقة باستثمار 200 مليون دولار شركة ناشئة لإنبات الخضروات. وفي أحيان أخرى، يعطي لمساعديه في مجلس الإدارة تحليلات مفصلة بشكل مبالغ فيه ووثائق من مئات الصفحات لمساعدته في شرح هدف استثماري. وأكد البعض من المسؤولين في «سوفت بنك» أن صن يلتزم أحيانًا باستثمارات قبل الحصول على موافقة اللجنة الاستثمارية بشأنها، وكثيرًا ما يحتدم النقاش داخل الغرف المغلقة حتى يقتنع المدير التنفيذي للمجموعة أو يذعن للقرارات المقترحة. وقال أحد أعضاء مجلس الإدارة تاداشي ياناي إنه عارض تقريباً جميع الاستثمارات المقترحة من جانب صن وطالبه بضرورة التركيز على الأعمال والأنشطة التجارية الحقيقية بدلاً من استثمارات المضاربة على حد وصفه. وأكد ياناي أنه كان يبلغ صن علانية بأمور سيئة لا يريد سماعها عن قراراته ومقترحاته الاستثمارية، وفي أحيان أخرى، أشاد ياناي برؤيته ودعمه في قراراته رغم التحفظ على بعض الاستثمارات. بالطبع، يرى محللون ضرورة فهم شخصية صن لأن له تأثيرًا قويًا داخل «سوفت بنك» التي قادت استثمارات بحوالي 145 مليار دولار منذ 1995 من بينها شراء «سبرنت» الأميركية مقابل أكثر من 21 مليار دولار. وتدعم مجموعة «سوفت بنك» صندوق «رؤية سوفت بنك» – أكبر صندوق للاستثمار المباشر في العالم الذي يقدر رأسماله بحوالي 92 مليار دولار. وأنفقت «سوفت بنك» حوالي 37 مليار دولار العام الماضي على أكثر من أربعين شركة من بينها «أوبر» التي استثمرت فيها المجموعة اليابانية ثمانية مليارات دولار على حصة بنسبة %15. وكشفت «وول ستريت جورنال» في وقت سابق خلال فبراير عن محادثات «سوفت بنك» للاستحواذ على شركة التأمين السويسرية «سويس ري» مقابل عشرة مليارات دولار أو أكثر. وتعليقًا على هذه الأقاويل، صرح المدير التنفيذي لـ«ميزوهو فاينانشيال غروب» – البنك الرئيسي لـ«سوفت بنك» – ياسوهيرو ساتو أن أنشطة صن بما فيها صندوق رؤية «سوفت بنك» رائعة للغاية ومبهرة وتدفع الآخرين للظن بأنه يخوض مخاطر جمة، لكنه يؤكد أن مجلس الإدارة يراقب كل المخاطر عن كثب. وصرح صن بأن هدفه هو الاستحواذ على حصص كبيرة في تحالف من الشركات يمكنه إحداث تغيير تكنولوجي يدعم نموًا مستدامًا لـ«سوفت بنك» لـ300 عام. وأضاف صن أنه نظرًا لاستثمارات صندوق «رؤية سوفت بنك» في شركات يونيكورن وشركات تتفوق في أسواقها على غيرها، فإنه يتوقع نموًا قويًا لهذه الشركات. ويرى بعض مسؤولي «سوفت بنك» أن قرارات صن الاستثمارية تكون غالبًا في شركات تعتمد على جمع بيانات عن أساليب حياة البشر ووظائفهم وتحركاتهم. وأسس رجل الأعمال الياباني الذي تخرج في جامعة كاليفورنيا بيركلي «سوفت بنك» عام 1981 كموزع للبيانات، وقاد استثمارات في أكثر من 1300 شركة اعتمد بعضها على رؤيته الشخصية. ومن بين أبرز قراراته الاستثمارية التي أثارت جدلاً في وقتها ضخ عشرين مليون دولار في شركة تجارة إلكترونية ناشئة في الصين «علي بابا» عام 2000 بناء على ثقته في ذكاء مؤسسها جاك ما، وتقدر قيمة حصة «سوفت بنك» الآن في هذه الشركة بحوالي 120 مليار دولار. ونجا صن من انفجار فقاعة دوت كوم بعد عام 1999 حيث تعرضت العديد من الشركات التقنية الناشئة التي اشترتها «سوفت بنك» لخسائر فادحة مما أفقد المجموعة %99 من قيمتها لتتعافى لاحقًا بفعل استثماراتها في سوق الاتصالات والجوال. تركيز على تكنولوجيا المستقبل أفاد أحد المستثمرين ديفيد تشاو أن الأمر استغرق فقط اجتماعًا لمدة نصف الساعة عام 2017 كي يقرر صن الاستثمار في شركة إنبات الخضروات «Plenty». وفي وقت لاحق، أشاد صن بهذه الشركة الناشئة متوقعًا نموها عالميًا، وعزز استثمارات «سوفت بنك» بها، وأوضح أنها تستخدم تكنولوجيا إنترنت الأشياء وشبكة من المستشعرات ورقاقات حاسوبية. ويُفهم من ذلك أن صن يريد ضخ المزيد من الاستثمارات في تقنيات مستقبلية كـ«إنترنت الأشياء» والذكاء الاصطناعي والحوسبة وغيرها. وأفادت شخصيات مطلعة على استثمارات «سوفت بنك» بأن صن يبرم صفقات استثمارية من تلقاء نفسه ولا يستشير مجلس الإدارة أو فريق معاونيه سوى في القليل. وأطلقت المجموعة اليابانية صندوق «رؤية سوفت بنك» عام 2017 بتمويلات من «سوفت بنك» ومستثمرين أبرزهم صندوق الاستثمارات العامة السعودي. (أرقام)
مشاركة :