القاهرة - اعتبر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الخميس، أن الإساءة للجيش والشرطة ترقى إلى جريمة “الخيانة العظمى”، إلا أنه لم يفصح عما إذا كان سيطلب من أجهزة الدولة توجيه مثل تلك التهمة رسميا. وجاء ذلك خلال حفل افتتاح مشروعات تنموية أقيم في مدينة العلمين الجديدة بساحل مصر الشمالي. وقال السيسي إن الجيش والشرطة يقومان ومنذ 4 سنوات بمواجهة الإرهاب والدفاع عن الوطن، ويسقط منهما شهداء ومصابون ولا يمكن رد الجميل بالإساءة إليهما أو التقليل من جهودهما، فهذا لا يعتبر حرية رأي بل خيانة تجب المحاسبة عليها. ويستهدف مسلحون إسلاميون قوات الأمن والجيش منذ العام 2013 وتحديدا عقب عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين على خلفية احتجاجات حاشدة على حكمه. وقتل منذ ذلك الحين المئات من أفراد الجيش والشرطة والمدنيين. وبدأ الجيش بالتعاون مع الشرطة منذ نحو ثلاثة أسابيع عملية كبرى ضد جماعة بايعت تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة شمال سيناء وأجزاء أخرى من البلاد. ولئن حققت هذه الحملة نجاحات بيد أنه يستبعد أن تؤدي إلى استئصال الإرهاب كليّا، حيث لا يزال يسقط قتلى جرحى في صفوف عناصر الأمن والجيش وآخرهم مقتل ضابطين الخميس في محافظة شمال سيناء. ووفق آخر الإحصائيات الرسمية فقد قتل حتى الخميس 12 عسكريا و95 إرهابيا، فيما تم توقيف 3003 أشخاص (تم الإفراج عن 1447 منهم)، منذ بدء العملية العسكرية. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد منح يوم 29 نوفمبر الماضي الجيش ووزارة الداخلية مهلة ثلاثة أشهر لتأمين شمال سيناء. وانتهت المهلة التي حددها السيسي دون أن تكون هناك مؤشرات فعلية على انتهاء الحرب. ويستبعد المحللون أن يتم حسمها قريبا، ما يجعل تعهد السيسي، الذي يتحضّر لولاية رئاسية ثانية في انتخابات من المقرر إجراؤها هذا الشهر، مؤجلا إلى حين. وتتعرض الحملة التي يشنها الجيش والأمن ضد الإرهاب في سيناء إلى انتقادات من بعض المنظمات الحقوقية الدولية، وآخرها منظمة العفو الدولية التي زعمت أن الجيش المصري استخدم قنابل عنقودية، وهو ما نفته القاهرة. وطالب الرئيس المصري خلال كلمته الخميس وسائل الإعلام والمصريين بالتصدي لأي محاولات للإساءة للجيش والشرطة، مضيفا “أنه يدرك ما فعله الجيش في السنوات الماضية وربما قد لا يكتب التاريخ عن ذلك، لكن الله يعلم ما فعله الجيش”. وقال الرئيس المصري “أريد أن أقول للإعلام الموجود معنا الآن، إن عناصر الجيش والشرطة الذين يمثلون المصريين يسقط منهم شهداء أو مصابون ولا يليق أن تسمحوا بالإساءة إليهم”. وأضاف “ليس هذا دور الإعلام فقط بل دور كل أجهزة الدولة، لا تسمحوا بالإساءة” إلى الجيش والشرطة. وشدد السيسي على أنه لا يمكن أن “يسيء أحد للمؤسستين وأنا موجود هنا” على رأس الدولة. وقال موجها حديثه إلى المسؤولين “دعوا الإعلام يذهب أكثر إلى الجبهة ويدخل العمليات ليرى كيف يموت الناس هناك”. ويخشى البعض من أن تكون تصريحات الرئيس المصري مقدمة لسن قانون مشدّد يستهدف كل من ينتقد المؤسستين الأمنية والعسكرية، وهذا من شأنه أن يزيد من تضييق هامش الحريات، ويعزز القبضة الأمنية. ويقول قانونيون إن تهمة الخيانة العظمى توجه للموظف العام أو المكلف بخدمة عامة إذا تخابر مع دولة أجنبية وقت الحرب. وتصل عقوبة هذه التهمة إلى الإعدام. ويرى متابعون أن عبدالفتاح السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية في العام 2014 عمل على منح المؤسسة العسكرية التي ينحدر منها امتيازات واسعة، وبات لها دور ثابت وأساسي حتى على صعيد إنعاش الدورة الاقتصادية. ولا يستبعد هؤلاء أن يتم إقرار قانون يجرّم أي انتقاد لها أو لباقي الأجهزة، الأمر الذي سيشكل ضربة قاتلة للمسار الديمقراطي المترنّح بطبعه.
مشاركة :