يحدث كثيراً أن تنشر مؤسسات مالية وائتمانية دولية أخباراً إيجابية عن الاقتصاد الكويتي، وكيف أنه يكون في النهاية الأفضل، رغم كل شيء، عن بقية الدول الخليجية العربية التي تجري دائماً المقارنة معها. ويشكل هذا النشر التفاؤل والنشوة عند الكثير من المواطنين الكويتيين، علماً بأن هذه الدول مثلنا تماماً؛ اقتصادها يعتمد على النفط، يعني «رايحة معنا وطي» متى ما جف او انخفضت أسعاره. لكن هذا لا يمنع المواطن الكويتي من التغني والتمجيد والتبشير بهذا التفوق الذي يكون دائماً هشاً في الواقع. ليس هنا مشكلة لو أن الأمر اقتصر على «التفاؤل» والطمأنينة الزائفة وغير المؤكدة، ولكن المواطن الكويتي هنا يوظف النتائج الإيجابية عن الاقتصاد الكويتي لخدمة شراهة الإنفاق والاعتماد الكلي على الدولة، ويبدأ في اقتراحات توزيع أو تسخير «الفائض» المزعوم أو التفوق المريح على منح وعطايا الدولة الريعية، أو على الأقل يروج لإمكانية استمرار هذه المنح ودوام تلك الدولة، أي الدولة الريعية أو دولة الرفاه المزعوم. ينسى هذا المواطن أن الوفرة التي يتفاءل بها ويطمئن إليها، هي نتيجة جهد وحسن بصيرة القيادة السياسية التي حافظت منذ بداية تدفق الثروة النفطية على هذه الثروة، واجتهدت لتنميتها وادخارها رغم الصرف والإنفاق المتواصل على المواطنين، وعلى الخدمات الضرورية لهم. مع هذا تعرضت هذه المدخرات لـ «السلب والنهب» في بعض السنوات، خصوصاً تلك السنوات التي أعقبت حل مجلس الأمة أو فترة التحرير، حيث تفاقم وجرى استخدام المدخرات الوطنية بشكل سقيم ومكشوف لشراء ولاء وصمت الناس. إلا أن تولي حضرة صاحب السمو رئاسة الوزراء ثم مسند الإمارة لجم هذا العبث وخفف كثيراً من البذخ والتبذير غير الصحي للثروة الوطنية. ولم تتوقف إصلاحات صاحب السمو عند التقليل من الصرف، بل سعى مع الحكومات المتعاقبة إلى محاولات تطوير الاقتصاد الكويتي وتنويع مصادر الدخل. لكن مع الأسف قناعات أغلبنا وطموحات الكثيرين من السياسيين والمواطنين لم تكن بمستوى المسؤولية والتحديات؛ لهذا تعثرت خطط وبرامج الإصلاح الاقتصادي مثل تطوير حقول الشمال أو مشروع الكيماويات العملاق. وحالياً تواجه مدينة الحرير ومشاريع تطوير الجزر الكويتية ذات المصير الذي خلقته ورعته العقلية الريعية والتطرف في الاعتماد على الدولة أو على النفط لدى أغلب المواطنين. عبداللطيف الدعيج
مشاركة :