ترامب يشعل فتيل الحروب التجارية

  • 3/4/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حلت حالة من الصدمة بالأسواق العالمية إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه فرض تعريفة بنسبة 25٪ على الصلب و10٪ على الألمنيوم المستوردين من الخارج. وكان الدولار الأمريكي هو أولى ضحايا قرار ترامب بعدما تراجعت قيمته جنبا إلى جنب مع أسواق الأسهم الأمريكية، وذلك وسط مخاوف من اندلاع الحروب التجارية على الساحة العالمية. ويقول تقرير لصحيفة «ديلي إف أكس» الأمريكية: إنه وبصفة عامة فإن التعريفات الحمائية جيدة من الناحية النظرية، ولكنها سيئة في الممارسة العملية. فالنظرية تركز على حماية الصناعات المحلية، ولكنها تعني عمليا إثراء قطاع صغير على حساب الاقتصاد الأوسع برمته. وقد أيد هذا القول آدم سميث، مؤسس الاقتصاد الكلاسيكي في كتابه «ثروة الأمم»، كما خلص عالم الاقتصاد «جون مينارد كينز» في كتابه «النظرية العامة للبطالة» إلى نفس النتيجة. ويشير التقرير إلى أن الحمائية دائما ما توسم بالتحيز؛ لأنها تعمل على حماية «المنتجين المحليين في منافسة المنتجين الأجانب». وهذا يعني أن السياسات الحمائية تعمل لصالح المصنعين المحليين الذين لديهم منافسون في الخارج دون غيرهم. وعلى سبيل المثال، ربما تكون التعريفات الجمركية على السلع المصنعة المستوردة جيدة للمصنعين الأمريكيين المحليين، ولكنها ستكون سيئة لأي شخص آخر، لا سيما الزراعة الأمريكية أو وظائف الخدمات الأمريكية الذين ليس لديهم منافسون أجانب. كما أن الحمائية بحكم طبيعتها تؤدي إلى المكر السياسي، فتذهب فوائد التعريفات الجمركية إلى الصناعات المفضلة التي تحظى بضائعها بالحماية ولكن المجتمع برمته يتقاسم التكاليف سواء كانت في صورة تعريفات انتقامية من جانب الحكومات الأجنبية أو بسبب عدم الحصول على السلع الرخيصة والأقل تكلفة. وهذا يجعلها أداة سياسية لتأمين الدعم لرجال السلطة من جانب العمال الساخطين الذين يشاهدون وظائفهم تتحرك إلى الخارج نحو العمالة الأرخص. وعلى سبيل المثال، إذا قامت الحكومة بفرض تعريفة على الصلب المستورد، فإن صناعة الصلب الأمريكية ستشعر بالفائدة على الفور في حين أن بقية البلاد سوف تدفع أكثر مقابل أي سلع يدخل فيها الصلب. ويقع الفائض بالكلية في يد المنتج في حين يدفع المستهلك الفاتورة. ومن ثم فهي بدون شك سياسة سيئة، ولكنها تزداد سوءا عندما تناضل الصناعات غير المحمية مع الكونجرس من اجل تدابير حمائية مماثلة. ويذهب التقرير إلى أن الحمائية تؤدي مباشرة إلى الفساد السياسي، حيث سيصبح السياسيون دوما عرضة للضغوط لإقرار آليات حماية لكل صناعة. وبمرور الوقت سيقبل أعضاء الكونجرس على قبول رشاوى من قبل المديرين التنفيذيين للشركات وأساطين الصناعة للحفاظ على التعريفات القائمة؛ حماية لأرباحهم. ويشير «رون كيرك» وهو ممثل تجاري سابق وكان عضوا في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى أن الشركات والأسر الأمريكية هي التي ستدفع الثمن؛ لأن التعريفات من شأنها أن تجعل الصلب والألمنيوم المستوردين أكثر تكلفة نسبيا في السوق الأمريكية. وتوقع حدوث زيادة في الأسعار وارتفاع لمعدل التضخم وتراجع نمو الاقتصاد الأمريكي ولا سيما في ظل التدابير الانتقامية التي قد تلجأ إليها الدول الأخرى وبخاصة الصين. ويشير التقرير نقلا عن دراسة بحثية بشأن تعريفة الصلب التي فرضتها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش عام 2002، لها نتائج سلبية على الاقتصاد الأمريكي بشكل عام، ومن أبرز هذه النتائج فقد 200 ألف أمريكي وظائفهم بسبب ارتفاع أسعار الصلب خلال عام 2002. وتمثل هذه الوظائف المفقودة حوالي 4 مليارات دولار في ميزان الأجور المفقودة من فبراير إلى نوفمبر 2002. وكانت أغلب خسائر الوظائف في قطاعات تصنيع المعادن والآلات والمعدات ومعدات النقل وقطع الغيار. كما شهدت كافة الولايات الأمريكية خسائر في العمالة بسبب ارتفاع تكاليف الصلب. كما تكبد مستهلكو الصلب الأمريكيون تكاليف باهظة جراء ارتفاع أسعار الحديد بسبب نقص المعروض والرسوم الجمركية. ويخلص التقرير تعليقا على مقولة الرئيس الأمريكي بأن الحروب التجارية جيدة وسهلة الفوز، إلى أنه إذا كانت هذه هي عقلية أحد صناع السياسة المحركة للاقتصاد الأمريكي، فيجب توقع المزيد من التعريفات وهو ما يعني في الحقيقة المزيد من التقلبات والاضطرابات أمام الدولار الأمريكي والأسهم الأمريكية وسندات الخزانة الأمريكية.

مشاركة :