للوهلة الأولى تبدو جائزة الأوسكار، شبه محسومة لصالح فيلم الدراما والجريمة «Three Billboards Outside Ebbing ،Missouri» للمخرج مارتن ماكدونه، بجانب ٨ أعمال أخرى فى الفئة نفسها، ولكنها تبدو الجائزة الوحيدة حتى الآن غير محسومة بنسبة ١٠٠٪، بجانب فيلم الفانتازيا والدراما «the shape of water» لصالح المخرج المكسيكى جييرمو ديل تورو. فعلى الرغم من كونه نجح فى خطف هذه الجائزة بمناسبات سينمائية عدة، كالبافتا، وجولدن جلوب، وجوائز اختيار النقاد، إلا أن ديل تورو نجح فى اقتناص الجائزة مرة وحيدة بإيطاليا خلال مهرجان فينيسيا السينمائي، وهو ما يعزز من فرص اثنين من كبار المخرجين لفتوا الأنظار بشدة خلال العام الماضي. التمثيل على عكس جائزة أفضل فيلم، فإن جوائز التمثيل برمتها محسومة بشكل كبير لصالح عدد من النجوم فى الأقسام المختلفة، هذه الجوائز تنقسم إلى ٤ فئات، الأولى فئة أفضل ممثل رئيسي، ويمكننا الجزم بأنها باتت قائمة بشكل كبير لصالح الممثل الإنجليزى القدير جارى أولدمان، عن دوره بفيلم «Darkest Hour» ببراعة لا متناهية فى تجسيد شخصية رئيس الوزراء البريطانى إبان فترة الأربعينيات ونستون تشرشل، حيث ركز جو رايت مخرج الفيلم حبكة قصته على قرار خوض الحرب أمام الجيش الألمانى النازى خلال الحرب العالمية الثانية، وصعوبة اتخاذه من جانب تشرشل، الذى تتوقف مصير قارة بأكملها على كلمة منه. الفئة الثانية وهى أفضل ممثلة رئيسية، لم تختلف كثيرًا هى الأخرى على سابقها، فهى محسومة لصالح الممثلة القديرة فرانسيس ماكدورماند، عن دورها المتميز بفيلم «Three Billboards Outside Ebbing، Missouri». سام روكويل، لم يبتعد كثيرًا عن زميلته بالفيلم، فرأسمال العمل بالأوسكار يكمن فى جوائز التمثيل، فقد تعالت أسهمه بالفئة الثالثة وهى جائزة أفضل ممثل مساعد عن دور ضابط الشرطة العنصرى، والذى كلفه استهتاره أرواح الكثيرين بولاية ميزورى الأمريكية، ونال روكويل أيضا جوائز بافتا وجولدن جلوب ونقابة ممثلى الشاشة عن هذا الدور. وفى الفئة الرابعة والأخيرة، استطاعت النجمة أليسون جانى أن تفرض أداءها بفيلم «I، Tonya» وحلقت بعيدًا عن البطلة مارجوت روبى التى تبدو فرصها بجوائز التمثيل الرئيسية شبه معدومة، لتصبح جانى على مقربة قصيرة من أوسكار أفضل ممثلة مساعدة. الإخراج بات المخرج المكسيكى جييرمو ديل تورو، حديث الساعة بعد عرض فيلمه «the shape of water» للمرة الأولى بمهرجان فينيسيا السينمائى العام الماضي، ونظرًا لظهوره القليل على الساحة السينمائية؛ فإن الكثيرين كانوا غافلين عن تحفته الفنية، وأصبح أقرب الأسماء. السيناريو تنقسم هذه الجوائز إلى فئتين، الأولى وهى فئة أفضل نص أصلي، وتبدو الأخرى محسومة بنسبة كبيرة لصالح فيلم الدراما والجريمة «Three Billboards Outside Ebbing، Missouri» لمارتن ماكدونه، لبراعته فى نسج خيوط قصته التى استغرقت منه ٣ سنوات، وتمكنه فى رسم ملامح شخصياته التى ظلت تعانى طوال الفيلم ودفعها نحو حدود الانهيار بسبب الرغبة فى الانتقام أو المرض. أما عن الفئة الثانية، وهى أفضل نص مقتبس، محسومة هى الأخرى لصالح الكاتب القدير جيمس إيفورى عن فيلم «call me by your name»، الذى نال ٤ ترشيحات أوسكار، وهو أيضا نفس عدد الترشيحات التى نالها إيفورى خلال مسيرته الطويلة. الأفلام الأجنبية هذه الجوائز تمنح للأفلام غير الناطقة باللغة الإنجليزية، وكانت تمنح فى البداية من قبل الأكاديمية بصفة شرفية، قبل أن يتم تخصيص قسم خاص بها عام ١٩٥٥، لتشهد سنويًا منافسات تكون أكثر ضراوة من فئة جوائز الأفلام الناطقة بالإنجليزية. ولعل المفرح فى الأمر، هو مشاركة الفيلم اللبنانى «القضية ٢٣» للمخرج زياد دويري، وانخراطه فى المنافسة بشكل قوى وليس مجرد مشاركة شرفية للعرب وحسب، ويمكن أن تكون هناك حسابات سياسية للأكاديمية تدفعها لإعلانه الفائز بالأوسكار هذه السنة نظرًا لطبيعة القصة، إلا أنها ستكون منافسة شرسة لم تتحدد ملامحها بعد، بمشاركة فيلمًا من روسيا وهو «Loveless» الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان كان، وفيلم «The Square» من السويد، والحائز على السعفة الذهبية بكان العام الماضي، والفيلم المجرى «On Body and Soul» الفائز بالدب الذهبى بمهرجان برلين السينمائى العام الماضي، وأخيرًا فيلم «A Fantastic Woman» عن دولة تشيلي. الرسوم المتحركة على مدار عقود طويلة نشهد معاناة أفلام الرسوم المتحركة سواء الأوروبية أو اليابانية فى مواجهة نظريتها الأمريكية، فعلى الرغم من تواجد أعمال أجنبية جيدة سنويًا، فإن سقوطها يبدو شيئا بدهيا بسبب هيمنة الاستديوهات الأمريكية على هذه الصناعة، فلم تحدث قط أن فاز فيلم رسوم متحركة بهذه الجائزة من خارج الولايات المتحدة الأمريكية سوى مرة واحدة. الأمر نفسه يتكرر هذه السنة مع فيلم الرسوم المتحركة «loving Vincent»، والذى يُعد طفرة فى عالم صناعة سينما الرسوم المتحركة، معتمدا لأول مرة على اللوحات الزيتية فى مثل هذه الأعمال، باستخدام ٦٥ ألف كادر تقريبًا لأكثر من ٨٥٣ لوحة رسمها ما يقارب ١٢٥ من مختلف دول العالم فى ٥ سنوات، لأعمال الرسام فينسنت فان جوخ، بفيلم تناول الفترة الأخيرة له قبل وفاته. على حساب فيلم الرسوم المتحركة «Coco» من إنتاج استديوهات ديزنى وبيكسار، ونجح فى حصد جوائز مهرجانات بافتا، وجولدن جلوب، ومرشح هذا العام لجائزتى أوسكار هما أفضل فيلم رسوم متحركة وأفضل أغنية، وهو مرشح للاثنين بقوة فى سابقة لم تتكرر كثيرًا فى تاريخ هذه الفئة. الموسيقي تبدو الجائزة شبه محسومة أيضا لصالح الموسيقار الفرنسى الشهير ألكسندر ديسبلا، عن فيلم الفانتازيا «the shape of water»، وبحسه وبراعته نجح فى خلق حالة موسيقية لم تقل عن فانتازيا الفيلم، وعبر بموسيقاه عن انفعالات شخصية «إليزا» الداخلية، التى لم تنبس ببنت شفة طوال الفيلم، بالإضافة إلى أغنية «You›ll Never Know» للمغنية فيرا لين، والتى عادت بآذاننا لأجواء الستينيات. وعن جائزة أفضل أغنية، فتصدر توقعاتها أغنية «Remember Me» عن فيلم الرسوم المتحركة «Coco». الأزياء تقاسم النسبة الأعظم من ترشيحات جوائزها هذه السنة فيلمى «Phantom Thread»، و«The Shape of Water»، ولكن المعطيات تشير إلى فوز الأول بها، نظرًا لابتعاده عن معظم الجوائز، على الرغم من ترشح الفيلم لـ ٦ جوائز أوسكار، منها أفضل ممثل لبطل الفيلم السير دانيال دى لويس، التى لن تكون من نصيبه هذا العام فى آخر مرة سوف نراه فيها على الشاشة عقب اعتزاله الفن.
مشاركة :