يتمثل أحد أنواع الاستثمارات البديلة في رؤوس أموال الشركات الخاصة في الاستثمار عبر رأس المال المغامر وحيازة الحصص في رؤوس أموال الشركات الخاصة، الذي يتمثل في حيازة حصة في رأسمال شركة خاصة. وتتميز الاستثمارات عبر رأس المال المغامر عمومًا بصغر حجمها وتنفيذها بصورة مباشرة في الشركات الناشئة أو النامية التي تحتاج إلى المزيد من التمويل. وبمساعدة رأس المال المغامر وحيازة الحصص في الشركات الخاصة، قد تنمو بعض الشركات لتصبح شركات مساهمة عبر إصدارات الأسهم الأولية. ويحقق المستثمرون الأوائل في رأس المال المغامر والحصص في رؤوس أموال الشركات الخاصة أرباحًا من خلال (التخارج) الذي يتم إما عبر حيازة الشركة من قبل شركة أخرى أكبر وإما عبر إصدار أسهم أولي. في عام 2017، قادت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية حركة إصدارات الأسهم الأولية عبر خمسة إدراجات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأربعة في المملكة العربية السعودية، وثلاثة في سلطنة عمان وواحد في قطر. وتركزت معظم هذه الحركة في سوق شركات الاستثمار العقاري الجديد نسبيًا في المنطقة. وفي عام 2016، فتحت شركة السوق المالية السعودية (تداول) أبوابها أمام شركات الاستثمار العقاري حيث تم إدراج أسهم ست شركات استثمار عقاري للتداول في السوق السعودي منذ ذلك الحين، واثنتين في دولة الإمارات العربية المتحدة وواحدة في البحرين. وعادة ما تستثمر شركات الاستثمار العقاري في المشاريع السكنية والمكتبية ولكنها باتت تتوسع الآن في المنطقة لتشمل شريحة الاستثمارات البديلة في التعليم والرعاية الصحية. بينما شهد عام 2017 زيادة في نشاط إصدارات الأسهم الأولية في المنطقة، لم يشهد هذا النشاط إقبالاً كبيرًا في المنطقة خلال الأعوام القليلة الماضية وتركز بصورة رئيسية في الشركات الحكومية الكبيرة ما يوضح الأهمية والزخم المتناميين للاستثمار في رأس المال المغامر وحصص الشركات الخاصة لدعم الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. ولا تزال أسواق الشركات المساهمة في المنطقة تصنف بصفتها أسواقًا حدودية أو ناشئة. وبالتزامن مع نضوج هذه الأسواق وتوفيرها للمزيد من الفرص لطرح المزيد من الإصدارات الأولية لأسهم الشركات التي باشرت عملها بتمويل من رأس المال المغامر وحصص الشركات الخاصة مما يمثل تخارجا مربحا للمستثمرين الأوائل، ويوفر المزيد من أنشطة استثمارات رأس المال المغامر وحصص الشركات الخاصة في المنطقة. وفي كل من رؤية الإمارات 2021 ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، هناك توجه لدعم زيادة التنويع الاقتصادي وزيادة أعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص. وفي الواقع، فإن هناك حاجة إلى المزيد من فرص العمل في القطاع الخاص في جميع أنحاء المنطقة. وتلعب الشركات الناشئة دورًا مهمًّا في هذا التحول وهناك دعم حكومي متزايد للشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال والابتكار. هناك في جميع أنحاء المنطقة، لا سيما في الإمارات العربية المتحدة نظام إيكولوجي متنام للمناطق الحرة الاقتصادية وحاضنات الأعمال ومساحات العمل المشترك وبرامج التدريب وتسريع النمو وفرص التواصل والتوجيه من خلال المؤتمرات والجوائز للشركات الناشئة. وهناك الآن المزيد من الفرص للشركات الناشئة لزيادة رؤوس أموالها من خلال تمويل رأس المال المغامر وحيازة الحصص في رؤوس أموال الشركات الخاصة والاستثمار الملائكي. يتمثل أحد التحديات القائمة في المنطقة في التخارج من الاستثمارات في رأس المال المغامر وفي حصص الشركات الخاصة. وعادة ما تكون هذه الاستثمارات أقل سيولة ولا تدفع أي أرباح وتتميز بمدة احتفاظ طويلة. ومع كون قطاع رأس المال المغامر في أيامه الأولى في المنطقة، لم تحدث بعد عمليات تخارج أو إصدارات أولية كبيرة عديدة تؤدي إلى تحقيق المستثمرين عائدات كبيرة على استثماراتهم. وأدى ذلك إلى إبقاء بعض المستثمرين جانبًا، إلا أنه مع نضوج هذا القطاع وتعدد قصص النجاح فيه سيزداد مستوى تدفق التمويلات ويكتسب المزيد من الزخم. وتتمثل الحقيقة الأخرى الجديرة بالانتباه أنه ليس جميع الشركات التي تتلقى استثمارات رأس المال المغامر تحقق النجاح ويمكن التخارج منها بنجاح. وهذا هو سبب ضرورة امتلاك شركات رأس المال المغامر الناجحة لمحفظة من الشركات التي تستثمر فيها، لأن الشركات الناجحة القليلة منها سوف تغطي خسائر الأغلبية. وتقدر معظم شركات رأس المال المغامر أن نحو ثلث استثماراتها أو محفظتها الاستثمارية سوف تدر عائدات متدنية وعائدات تشكل رؤوس أموالها، وأن ثلثها سوف يتكبد خسائر بينما يكون ثلثها الأخير في عداد الفائزين الذين يحققون عائدات مرتفعة جدًا وكافية لتغطية الخسائر. تعتبر شركة كريم مثالاً على شركة خاصة باشرت عملها في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2012 وشاركت في عدة جولات تمويلية. وناهزت قيمة الشركة بحسب مؤشر يونيكورن المليار دولار أمريكي وتغطي عملياتها أكثر من 50 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا. وتعتبر شركة سوق دوت كوم من الشركات الأخرى المدرجة في مؤشر يونيكورن التي تركز على المستهلكين وكان معظم تركيزها على المستهلكين ولكنها تركز بصورة متزايدة على قطاع تكنولوجيا التمويل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتركز معظم نشاط الشركات الممولة عبر رأس المال المغامر على المستهلكين إلا أن هناك تركيزًا متزايدًا على تكنولوجيا التمويل (فينتيك). ولقد افتتحت كل من دبي وأبوظبي خلايا ومراكز لتكنولوجيا التمويل على التوالي. في فبراير 2017، أطلق سوق المال السعودي أول سوق موازية (نمو) في دول مجلس التعاون الخليجي. وتعتبر هذه السوق الموازية سوقا موازية للسوق الرئيسي وتستهدف الشركات ذات رؤوس الأموال الأصغر. وتم إدراج تسع شركات في تلك السوق خلال النصف الأول من عام 2017 بينما لم يشهد النصف الثاني من العام أية إدراجات جديدة. ورغم أنه لا يزال من المبكر تقييم الوضع، إلا أنه اعتبارًا من 12 فبراير 2018 يتم تداول الأسهم التسعة المدرجة بأقل من أسعار طرحها الأولية. في المستقبل، سوف نشهد تطور بعض الشركات الناشئة عبر مختلف مراحل التمويل لتتحول في النهاية إلى شركات مساهمة عبر إصدارات الأسهم الأولية في أسواق الأسهم أمثال سوق (نمو) لتلبية احتياجات الشركات ذات رؤوس الأموال الأصغر. وتعتبر أسواق أسهم الشركات المساهمة امتدادًا للنظام البيئي للشركات الخاصة وعنصرًا مهمًّا من عناصر أسواق رأس المال عمومًا. وخصوصًا حين يصعب الترسمل عبر الاقتراض في المنطقة، لا يوجد سوق اقتراض قوي للشركات. ويتطلع المستثمرون في رأس المال المغامر وحصص الشركات الخاصة إلى شركات يكون أداؤها قابلاً للقياس، وهي إحدى الفرص والتحديات الرئيسية في المنطقة. وهناك جمهور شاب وكبير يتحدث اللغة نفسها بصورة رئيسية ويقود الطلب الاستهلاكي. وهناك معدلات اختراق ونمو كبيرة عبر شبكة الإنترنت والهاتف المحمول. وليس من المفاجئ إذن أن تشكل الشركات التي تعتمد على التكنولوجيا المحور الرئيسي لمستثمري رأس المال المغامر. من ناحية أخرى، لا يزال تكامل اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشكل تحديًا نظرًا إلى وجود أنظمة وقواعد وقوانين خاصة بكل دولة من دول المنطقة. مما لا شك فيه أن مستوى نشاط التمويل عبر رأس المال المغامر وحصص الشركات الخاصة سوف يواصل التطور. وسيولِّد النجاح المزيد من النجاح وسوف يخصص المستثمرون من أصحاب الثروات الكبيرة ومكاتب المستثمرين من العائلات والمؤسسات الاستثمارية المزيد من التمويلات لهذا القطاع. ويزداد رأس المال حركة وسوف تبدأ المنطقة في جذب المزيد من المستثمرين العالميين. { عضو معهد المحللين الماليين المعتمدين، المدير التنفيذي لجمعية المحللين الماليين المعتمدين في الإمارات
مشاركة :