دار يــوكـــو لــرعــايـــة الــوالــديـــــن تشكــــو إليكـــــم قلـــــة الجــــــرذان!!

  • 3/4/2018
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت امرأة حرة عربية على الخليفة هارون الرشيد في يوم بروزه للعامة، وقالت: أشكو إليك قلة الجرذان..! ففهم ما قالته وفطن لتلميحها فوراً وأدرك إشارتها وقال بلا تردد: املأوا بيتها بُراً وسمناً وعسلاً وأعطوها مالاً يغنيهاعن السؤال..!! المسألة صعبة على نفوس الأحرار، وأصعب منها بآلاف المرات حين تكون في العلن وأمام الناس..! وهم لا يصلون إليها إلا بعد أن يكون سيف الفقر والحاجة قد بدأ فعلاً في غرس حَدّه القاسي في رقابهم..! وهم لا يلجأون اليها إلا وقد أشرفوا على الهلاك، ولم يبق حولهم معين أو مُساند..! وهؤلاء هم الذين وصفهم الله عز وجل في كتابه الكريم بقوله: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف..! وأوصى بهم كثيراً، لأن لهم نفوساً رفيعة تأبى أن تسأل الناس إلحافاً..! والالحاف هو الإلحاح بالسؤال على الناس وهم في حال من الضيق أو تراجع المقدرات المالية قد تجعل من أداء الواجب عليهم أمراً صعباً وشاقاً..! أسوق هذه المقدمة وأنا بصدد الحديث عن بيت من بيوتنا العريقة.. بيت من بيوت الخير والعطاء والعون النبيل والواجب الأنبل.. إنه (دار يوكو لرعاية الوالدين) ومركز الحد لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. والدار والمركز، من الذخائر النفيسة، والمؤسسات الخيرية التي أنشئت لتكون هدية للآباء والأمهات من المسنين والأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة.. هذه المؤسسة منذ لحظة تأسيسها تحمل كمّاً وافراً من القيم النبيلة؛ في أدائها وطبيعة عملها؛ في مسيرتها الخيرة وقصتها الحافلة بالمثل العليا والأمثلة الباهرة على التكافل الإنساني والاجتماعي في أبهى صوره وأجمل معانيه.. وقد أنشئت الدار لتكون مآلاً وموئلاً للوالدين وكبار السن وهم في المرحلة التي يشعرون فيها بتساقط اوراق شجرة الاصدقاء والأصحاب ورفاق العمر ورقة بعد ورقة، وانشغال الأبناء والأحفاد بحياتهم ومسؤولياتهم الحياتية والاجتماعية، واختلاف اللغة المشتركة؛ والاهتمامات المشتركة بينهم ومن حولهم.. وحتى لا يشعروا أن الدنيا قد خذلتهم، وأن الاحبة قد تخلوا عنهم.. فإن دار يوكو تأتي لتفتح لهم قلبها بالمحبة؛ وذراعيها بالرعاية؛ وروحها بالعطاء؛ وثقافتها ومعرفتها وخبراتها بأداء الواجب الأكثر نبلاً وفخامة نحو الناس الأحب الينا من نفوسنا والاغلى علينا من عيوننا.. إنه واجب الاهتمام بشغف، والرعاية بخبرة، والاحتواء بصدر رحب، وتسهيل الحياة وتجميلها على الذين كانت أولى أولوياتهم أن يجعلوا حياتنا أسهل وأجمل..! هذه ببساطة فكرة الدار التي تأسست في بداية التسعينيات من القرن الماضي بجهود أهلية نبيلة من أهالي الحد ومبادرات كريمة من الكثيرين من أصحاب الأيادي البيضاء والنفوس الطيبة والهمم الرفيعة.. وهي لم تأت نتاج وفرة مالية بقدر ما جاءت نتيجة وفرة قيمية وأخلاقية، ولم تنشأ لتكون دار إيواء؛ بل دار رعاية، ولم تستمر بمجهوداتها الذاتية؛ بل بدعم القيادة الرشيدة في أعلى مستوياتها، وبمساندة العديد من مؤسسات الدولة، ومن أهل البحرين الانقياء وأبنائها الطيبين، وجهاءَ ورجال أعمال ومسؤولين وشركات ومؤسسات.. دار يوكو اليوم أيها الإخوة والأخوات صرح نبيل بفكرته وأدائه، شامخ بعطائه ودوره الوطني والإنساني.. ولكنه ضعيف بمقدراته التي باتت عاجزة جداً عن أداء واجباته.. دار يوكو أيها الطيبون والطيبات، تقف اليوم في مرحلة من أصعب مراحلها ووقت من أقسى أوقاتها.. حيث اتسعت كثيراً وتكرست واجباتها وتعددت مسؤولياتها وتلاشت أو كادت مقدراتها، وما كانت تتلقاه في السابق من معونات وهبات وتبرعات.. دار يوكو أيها الاحبة، اليوم، تشبه البيوت والعائلات التي وصفها الله عز وجل بأنهم يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف.. دار يوكو أيها الناس.. تشكو إليكم قلة الجرذان...!! وكذلك هو الحال مع مركز الحد لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة الشقيق التوأم للدار والذي سنخصص له مقالا في القادم من الأيام. في الشأن الوطني: فقيد الوطن والعطاء والانسانية.. المرحوم مبارك بن جاسم كانو فقدت البحرين الأسبوع الماضي ركناً من أركان العطاء والخير والانجاز والحكمة فيها؛ هو الوجيه ورجل الأعمال وعميد عائلة كانو المرحوم مبارك بن جاسم كانو.. كان الرجل ذاكرة وطنية ثرة تمشي على الأرض، وكان قلبا طيبا، حنوناً يحمل الخير والعطاء والمحبة للناس والمثل العظيمة للانسانية والمجتمع.. وكانت له -رحمه الله- مساهماته العالية القيمة في التجارة والاقتصاد وقطاع الاعمال، لا تفوقها الا مساهماته الانسانية والخيرية والتنموية.. فكان مثالا للقلب الكبير واليد البيضاء والروح الشفافة العذبة.. رحمه الله وأسكنه الجنة وألهم أهله الكرام الصبر والسلوان.

مشاركة :