قدمت صحارى جنوب سلطنة عُمان لمحة عن المستقبل، لمجموعة من المستكشفين الذين أنهوا تجارب هناك حول الحياة على سطح كوكب المريخ. وأمضى مجموعة من الباحثين من منتدى الفضاء النمساوي (OeWF) ثلاثة أسابيع خلال شهر فبراير الماضي بصحراء محافظة ظفار، في مهمة استكشافية نادرة. وركز الطاقم الدولي من المنتدى الذي هو عبارة عن منظمة مستقلة تعمل في مجال أبحاث الفضاء، على تجريب عدد من التقنيات التي يمكن استخدامها أثناء الرحلات المقبلة إلى الكوكب الأحمر، حسبما جاء في «العربية.نت». ويفترض رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك الذي طرح العام الماضي مشروعاً طموحاً لغزو المريخ، أن شركته «سبيس إكس»2024 على أن تتكون مستعمرة بحدود مليون شخص في المريخ بحلول 2060. ويشكك بعض العلماء في تفكير ماسك الذي يرونه حالماً، لكن ثمة من يرى أن الرجل قادر على تحقيق هذا الحلم، الذي ترى وكالة الفضاء الأميركية ناسا أنه لن يتحقق قبل مطلع العقد الثالث من هذا القرن بوصول الإنسان للمريخ. المهمة العمانية وفي مهمة عُمان، قام رواد الفضاء التمثيليون، وهم يرتدون بزات الفضاء، باختبار أدوات لتحليل الرواسب في التربة والبحث عن وجود المياه في المريخ، كما تم تجريب غرف خاصة لدراسة إمكانية الزراعة في الكوكب الأحمر دون الحاجة للتربة. وقد كان هناك وصل بين رواد الفضاء الافتراضيين في صحراء ظفار ومركزهم في مدينة إنسبروك بالنمسا، وتم تصميم الإشارات بحيث تصل متأخرة عشر دقائق عن الزمن الأساسي بهدف محاكاة الوضع الطبيعي لو أن هذه الرسائل تصل من المريخ باتجاه الأرض أو العكس. ووفقًا للقائد الميداني للفريق النمساوي Gernot Groemer جيرنوت غرومر، فإن المهمة المسماة AMADEE-18 تدور حول تجريب إمكانية تأقلم الإنسان مع كوكب المريخ. ويقول غرومر: «إن المشهد الأحمر لتربة جنوب عمان لم يوفر فقط لمحة لما ستبدو عليه مهمة الكوكب الأحمر فحسب، بل أيضا المشاعر التي تنطوي عليها هذه الرحلة». التجارب والتحديات وقد بدأت المهمة في 8 فبراير، حيث تم إجراء 19 تجربة تكنولوجية ذات طابع متفاوت، قبل مغادرة الفريق في 28 فبراير. وقد تألف طاقم العمل الميداني في عُمان من 15 عضواً من أعضاء المنتدى النمساوي، إلا أن 150 متخصصاً من الجامعات والمؤسسات البحثية في جميع أنحاء العالم قد أسهموا أيضا في المشروع. وكان يشرف على إدارة الرحلة من المحطة الأرضية بالنمسا، راينهارت تلوستوس Reinhart Tlustos، الذي قال بحسب «سي إن إن» الإنجليزية: «إن هناك تحديات مثل العواصف الترابية الصحراوية (تماماً مثل المريخ)»، ولكنه سعيد بما تم تحقيقه. وتشمل التقنيات التي تم اختبارها، جهازا لتقييم التربة من جامعة كارلتون الكندية، بالإضافة لروبوت مستقل يقوم بتخطيط التضاريس من جامعة غراتس في النمسا، وجهاز «جيوفون» من مدرسة في عُمان يقوم بالبحث عن مصادر المياه الجوفية. وقد تضمنت المهمة رصد الضغوط النفسية والجسدية على أفراد الطاقم عن كثب، مع البحوث العلمية. إعداد مبكر ورغم أن الطريق إلى المريخ قد يكون مبكراً بعض الشيء إلا أنه بحسب تلوستوس فإنه «من المهم جداً العمل بالإعداد المبكر». وتحدث ممثلو ناسا عن مهمة مأهولة إلى المريخ بحلول عام 2035، في حين أن عدداً متزايداً من وكالات الفضاء الوطنية الأميركية وشركات القطاع الخاص أصبحت الآن جزءاً من سباق الفضاء. وقد دعمت الحكومة العُمانية بعثة «أمادي -18» ورحبت باستضافتها لتعزيز الاهتمام المحلي بالعلوم. ويرى تلوستوس أنه إذا ما عملت كل البلدان والهيئات الخاصة معاً للاستثمار في البحث، فمن شأن ذلك أن يجعل العيش على المريخ ممكناً في المستقبل. ولا تزال العديد من التحديات التي تواجه مهمة ناجحة إلى المريخ، قائمة، مثل معرفة كيفية حماية رواد الفضاء من الإشعاع أثناء سفرهم لمسافات شاسعة عبر الفضاء. وقال تلوستوس: «لن يكون الامر سهلاً، وسنحتاج إلى العمل معاً». لكنه أضاف أن مهمة المريخ المأهولة قد تكون «ممكنة خلال العشرين أو الثلاثين عاماً المقبلة. وفي حال تحقق هذا التوقع، فإن كثيراً من الفضل سوف يعود إلى الصحراء البرية في عُمان».
مشاركة :