«اختطاف العرسان»... الزواج تحت تهديد السلاح في الهند

  • 3/5/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تطوف سيارات مزودة بمكبرات الصوت التي تبث أغاني البوب الهندية في الشوارع، ويضفي قارعو الطبول وأضواء الألعاب النارية مظاهر إضافية إلى ذلك المشهد الذي يبرز فيه تنافر الأصوات والأنغام في موسم الزفاف في الهند، وفي باتنا، عاصمة ولاية بيهار في شمال شرقي البلاد. لكن مراسم الزفاف الصاخبة تلك جعلت «فينود كومار»، وهو مهندس هندي (29 عاماً) يشعر بعدم الارتياح، وذلك بعد أن تم اختطافه وإجباره على الزواج. وقال كومار بعد أن أنقذته الشرطة من الخاطفين: «أريد أن يتم إبطال هذا الزواج (ويقصد زواجه الذي تم إجباره عليه)، وأن تتم معاقبة الأشخاص الذين فعلوا ذلك»، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). وكان كومار قد وصل إلى باتنا من ولاية جهارخاند المجاورة في أوائل ديسمبر (كانون الأول) لحضور حفل زفاف صديق له. وفي مساء ذلك اليوم، أُجبر هو نفسه، تحت التهديد باستخدام العنف ضده، على الزواج من امرأة غريبة عنه لم يسبق له معرفتها، ووقع ضحية لظاهرة الزواج القسري التي تسمى «اختطاف العرسان». وبينما كان والد كومار يرقد في غيبوبة في يناير (كانون الثاني) 2017، قدم رجل يدعى سورندر، نفسه في المستشفى على أنه صديق للأسرة، بحسب كومار. وظل الرجلان على اتصال بعد وفاة والده. وعندما كان كومار في طريقه إلى زفاف أحد أصدقائه، تلقى دعوة لزيارة منزل سورندر لاحتساء الشاي معه هناك. وفجأة، قام المضيف بتقييد كومار بالقوة بمساعدة عدد من أفراد أسرته، وانتزع منه هاتفه المحمول وحبسه في غرفة. ويقول كومار: «سألته، ماذا تريد مني؟» وقال: «عليك أن تتزوج أختي». وأضاف أن خاطفيه، الذين كانوا يحملون أسلحة، ضربوه وهددوا بقتله إذا لم يلب مطالبهم. وتجدر الإشارة إلى أن كومار هو واحد من نحو 3400 من العرسان المختطفين العام الماضي في بيهار، وهي ولاية فقيرة يزيد سكانها على 100 مليون نسمة، وتشتهر بالفوضى، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الآسيوية الهندية (إيانس). وتقول الشرطة، إنها ليس لديها إحصاءات دقيقة حول عمليات اختطاف العرسان، لكنها تؤكد أن الرجال في بيهار كثيراً ما يتعرضون للاختطاف ويُجبَرون على الزواج. وقال روبيش، رئيس منظمة «كوشيش» الخيرية المحلية: إن المشكلة كانت في أسوأ حالاتها بعد أزمة زراعية في الثمانينات. في ذلك الوقت، بدأ أبناء المزارعين الفقراء يذهبون إلى المدارس ويتلقون تعليمهم ومن ثم يحصلون على وظائف جيدة، مما زاد من قيمتهم كأزواج. وفي الوقت نفسه، لم تعد أسر الشابات قادرة على تحمل دفع الدوطة، وهو المبلغ الذي يدفعه أهل العروس إلى العريس لإتمام الزواج. وقد مُنعت هذه الممارسة في الهند منذ عام 1961، لكنها لا تزال واسعة الانتشار. ويعد زواج الأبناء والبنات مسألة ذات أهمية بالغة لدى الأسر الهندية. وقد بدأ بعض الآباء في ولاية بيهار في استئجار بلطجية (وأفراد عصابات) لاختطاف العرسان، أو يفعلون ذلك هم بأنفسهم دون استئجار أحد، ويتم الزواج تحت تهديد السلاح. وغالباً ما يدوم الزواج، وبخاصة في ظل الضغوط الاجتماعية التي تجعل ذلك «الرباط المقدس» أمراً صعب الفكاك منه. وفي حين أن اختطاف العرسان بات أقل شيوعاً الآن، لا يزال أشخاص مثل كومار يواجهون مثل هذا الخطر. وكان كومار «فريسة جيدة» للخاطفين بسبب وظيفته مديراً مبتدئاً لإحدى شركات الصلب المملوكة للدولة، خصوصاً أن العروس قد تجاوزت سن الأربعين، ومن الصعب إيجاد عريس يتقدم لها بإرادته. وظهر كومار في مقطع فيديو تم بثه على موقع «يوتيوب» وهو يبكي حينما كان مقيداً وتجري من حوله طقوس الزفاف، وتجثو عروسه التي لا تبدو عليها علامات السرور على ركبتيها بجانبه. وظهر وهو لا يتحدث معها. ويقول: «الأمر يتساوى معي حتى إذا ما تم إجباري على الزواج من جاموسة». وبناءً على روايته، فقد أمضى ليلة الزفاف محبوساً في المنزل قبل أن يتم استدعاء شقيقه في صباح اليوم التالي ويقول إنه تزوج طوعاً. وقد اشتبه شقيقه في وجود خدعة ما وذهب إلى الشرطة، لكنها كانت متواطئة مع خاطفيه، بحسب أسرته. وتردد أن رجال الشرطة جاءوا إلى منزل سوريندر وأخبروا العريس بأنه ينبغي أن يقبل الزواج وإلا سيتعرض للأذى. وذكر كومار أن رجال شرطة آخرين جاءوا إلى المنزل في الليلة التالية وأطلقوا سراحه بعد أن نشر أقاربه وأصدقائه القضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووصل الأمر إلى التلفزيون المحلي. لقد هرب كومار حيث لم تكن هناك شهادة زواج تلزمه بتلك المرأة. ومع ذلك، لم يتم تقديم الخاطفين إلى العدالة، ويواصل سوريندر الاتصال بكومار وتهديده، حسبما يقول كومار. من ناحيته، يقول رئيس الشرطة المحلية إنه يبحث عن الجناة، ولكن دون جدوى. وينفي وجود أي شبهة فساد بين أفراد قوته، لكنه أكد أن شرطة المنطقة فتحت تحقيقاً معه وبعض المرؤوسين بعد أن اشتكى كومار. وعاد كومار مؤخرا إلى باتنا للمطالبة بالعدالة من لجنة ولاية بيهار لحقوق الإنسان. ويقول إنه أصيب بصدمة نفسية من تلك التجربة. وعلى الرغم من الاختطاف، لا يزال كومار يقول إنه مهتم بالزواج. ويضيف: «أريد زواجاً طبيعياً، ترتبه عائلتي لي».

مشاركة :