بقلم: منصف المزغني رسم: علي المندلاوي – 1 – … وأمّا محمد صلاح، فهو اسم مختصر. – أما اسمه الكامل فهو: محمد صلاح حامد غالي طه. – وله موهبة لاعب بدأ محلياً وانطلق دولياً – وله حكاية نضال في ميدانه: رياضة وترويض كرة القدم. – والجمهور المصري يحلو له أن يلقبه بـ«الفرعون». 2- – ومحمد صلاح هو: موهبة مصرية أصيلة في كرة القدم التي بدأها في مصر، ثم اختار الهجرة. – ولعل الهجرة نفسها اختارته! – وانتدبته كي يلعب في فرق أقوى صيتا، وأبعد شهرة من تلك التي لعب معها في مصر. – ثم أحس أنه يستطيع أن يرفع كرة القدم إلى أعلى، وخارج موطنه الأصلي: مصر. 3- – ولكن… – ولأسباب لا تتعلق بالوطن، وجمهور الكرة، وإنما ببعض الرجال المشرفين على حظوظ الرياضة في بلاده، لم يستطع أن يفوز بدرجة لاعب في الزمالك. – من هنا بدأت تتغلغل في رأس اللاعب فكرة الهجرة، على حد قول الشاعر القديم: – لَعَمْرُكَ ما ضاقَتْ بِلاَدٌ بأَهْلِهَا * ولكنَ أَخلاقَ الرِجالِ تَضيقُ… 4- – عاش محمد صلاح رحلة صعبة جوهرها: الرغبة في تأكيد الذات ضمن الفرق الرياضية في بلده: مصر – ولكن… – بعض الإداريين في الفرق استصغرت شأنه في فريق الزمالك (من حيث السن) خاصة. – أو أن بعضها الآخر لم تكن قادرة على قراءة مصير هذا اللاعب الذي سوف يصير ذا شهرة عالمية. – ولم يتمّ هذا الأمر إلا بعد: – سنوات من التحدي… وصنع الكيان ونحت المكان، وصناعة المكانة، ولكن… – بعيدا عن الوطن الأم، وفي بلاد استعمرت بلاده… – ولكن شهدت ميلاد كرة القدم: بريطانيا. 5- – القرار البيروقراطي برفض انتماء محمد صلاح للزمالك… – هو ذاته الذي سوف يخرج منه قرار «الفرار». – سوف لا يؤسس رفضُ الزمالك في نفس هذا الفتى الكوّار خيبة عميقة، بل… – سيحول الرفض والاستبعاد إلى: – رغبة قوية، وعزم فعال من أجل إيجاد حل. – ولا حل آخر غير: الهجرة أو… – الهجرة. 6- – وقبل قرار الهجرة… – كان لسان حال الرياضي الموهوب محمد صلاح يردد بيت شعر سبق أن قاله شاعر عربي مغلوب، قاله لقبيلته التي غفلت عن تقدير قيمته باعتباره فردا متميزا من الشعراء الفتيان والفرسان: – «أضاعوني، وأيَّ فتى أضاعوا * ليومِ كريهة وسدادِ ثغرِ؟». 7- – لن يقف اللاعبُ الفتى الموهوبُ مكتوف القدميْن… – ولا مفرّ له من الانطلاق إلى ما وراء البحر، وسوف يقوده فشل الالتحاق بفريق الزمالك الرياضي إلى برنامج قوامه: الهجرة والشهرة… 8- – كانت الهجرة قرارا بعزيمة عالية قادرة، وواثقة في الذات وهي سوف تقوده إلى: – النجاح المتدرج في النوادي الرياضية العريقة في أوروبا التي قبلته، بل ورحبت به، وتخاطفته باحترام ووقار. 9- – لم يكن له من نصير ولا كبير ولا مشير غير: – سلّة مليئة بالأهداف النادرة والذهبية في شبكة المستطيل الأخضر في لعبة الشعوب والأمم؛ كرة القدم. – وكان ما في سلته من أهداف تاريخية هو: – كلّ رأسماله الحافل بالإدارة الذكية في اللعب، وقد سجل أهدافه بامتياز في أكثر من مباراة في مصر أو باسم وطنه؛ مصر. 10- – ولكن موهبة مثل محمد صلاح تستوجب ميداناً دولياً وآفاقاً أرحب. – وذلك حتى لا يختار الهجرة عن الوطن قراراً حاسماً – ولكن يبدو أن لسان حال الرياضي الموهوب محمد صلاح كان يردد بيت شعر سبق أن قاله شاعر عربي مغلوب – لم يقله لحبيبته… – بل لقبيلته التي غفلت عن تقدير قيمته كواحد متميز من الشعراء الفتيان والفرسان: – وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر… 11- – ومحمد صلاح هو مسيرة طاقة في الكرة الشعبية. – ومثله الآن كثير في ميادين كثيرة، تفقدها الأوطان، وتتلقفها أوطان أخرى، وتشعرها بأن لها مكاناً ومكانة، وأن الأوطان أحضان لأبنائها حتى تكون جديرة باسم أوطان.
مشاركة :